المحتوى الرئيسى

الأرانب: حقائق وخرافات - BBC Arabic

08/06 20:20

تنهمك الارانب في التوالد والتكاثر دون توقف لتصبح لها ذريه كبيره العدد علي نحو هائل، وذلك بحسب الفرضيات الشائعه. من الناحيه البدنيه، يمكن لهذه الحيوانات القيام بذلك، لكن ذلك لا يحدث في واقع الامر.

فالسمعه المتداوله عن الارانب تتمثل في انها تتكاثر "كارانب"! بعباره اخري، انها تنتشر بسرعه رهيبه مثل الاوبئه او الافات.

اما الحقيقه، فتمثل في ان الارانب لا تتكاثر دائما علي هذه الشاكله، خاصه تلك التي تحيا في البريه. بل ان احد انواعها وهو "الارنب الاوروبي" بات مهددا بالانقراض في موطن اجداده في شبه جزيره ايبيريا.

في كل الاحوال، لدي الارانب سمعه ما فيما يتعلق بالتكاثر، ولكن هل هذا امر مُحِقّْ؟ حسنا؛ الاجابه هنا مزيج ما بين النفي والاثبات.

فمن الصواب القول ان لدي الارانب مجموعه من الصفات البدنيه المُعدَّله علي نحو فعّال، والتي تسمح لها بالتكاثر بوفره.

فالارانب التي تنتمي لنوع الارنب الاوروبي تصبح نشطه من الناحيه الجنسيه قبل ان تتجاوز الشهر الثالث او الرابع من عمرها. ويعود التفاوت في تحديد موعد بدء النشاط الجنسي لدي هذا النوع الي ان اناثه لا تبدا في التبويض الا بعد التزاوج مع الذكور. وتستمر فتره الحمل اقل من الشهر. وعاده ما يبلغ عدد الارانب الوليده في كل مره نحو خمسه.

الاكثر اثاره هنا ان بمقدور اناث الارانب الحمل من جديد بمجرد الانجاب. وهو ما يعني انها تصبح فعليا بصدد العنايه بمجموعتين من الارانب بشكل متزامن؛ احداها وليده، والاخري لا تزال داخل الرحم.

وبوسع الارانب الابقاء علي هذه المعدلات المحمومه في التوالد والتكاثر، طالما تسمح لها الظروف بذلك. ومن الوجهه النظريه، يمكن لانثي الارنب انجاب عشرات المواليد سنويا، عندما تكون في فتره ذروه قدرتها الانجابيه.

رغم ذلك، فلا تبلغ الارانب قط مثل هذا المستوي في الخصوبه علي الصعيد العملي، سواء تلك التي تحيا في الاسر، وكذلك - وعلي وجه الخصوص – التي تعيش منها في البريه.

يمكننا هنا الاستعانه براي ديانا بِلْ، الخبيره في علم الحيوان بجامعه ايست انغليا، والعضو في مجموعه تابعه للاتحاد الدولي لحمايه الطبيعه تتخصص في دراسه الحيوانات التي تنتمي لرتبه الارنبيات. فمنذ ثمانينيات القرن الماضي؛ تعكف بِلْ وزملاؤها علي دراسه مجموعه من الارانب المنتميه لنوع الارنب الاوروبي تعيش بداخل حرم جامعه "ايست انغليا".

وتقول بِلْ – التي تتحدث اخذه في الاعتبار تعدد مرات الانجاب بالنسبه لاناث الارانب خلال العام - ان الدراسه طويله الامد التي اجرتها وزملاؤها علي تلك الارانب اظهرت ان "العدد الذي تنجبه كلٌ من اناثها سنويا يتراوح ما بين مولود واحد الي عشره مواليد".

وتمضي قائله ان هذه الحيوانات "لا تتناسل حقا مثل الارانب (كما يقال). هي ليست كذلك في الواقع".

علي اي حال؛ هناك الكثير من الاسباب التي تقف وراء ذلك، اذ ان عدد المواليد من الارانب يتاثر بشده بعوامل مثل طول ساعات النهار، ودرجه الحراره ومدي توافر الغذاء. ويفسر ذلك لماذا تتكاثر الارانب المنتميه لنوع الارنب الاوروبي بمعدلات متباينه بشكل كبير في بقاع مختلفه من العالم.

ففي جزيره سان خوان القريبه من مدينه سياتل بولايه واشنطن الامريكيه، لا تتجاوز فتره موسم تكاثر الارانب ثلاثه اشهر سنويا، ولا تنجب اناثها سوي ثلاث مرات فقط كل عام. في المقابل، تتسم الارانب التي تعيش في استراليا ونيوزيلندا بالنشاط الجنسي طوال العام، ويمكن ان تنجب اناثها سنويا سبع مرات تقريبا.

من جهه اخري، تلعب مساله الاصابه بالامراض دورا مهما في هذا الشان كذلك. فقد تراجع عدد الارانب المنتميه لنوع "الارنب الاوروبي" بشكل حاد في الموطن الاصلي لها في شبه جزيره ايبيريا، جراء الاصابه بمرض "الرام المخاطي" الذي نُشِرَ عمدا هناك خلال خمسينيات القرن الماضي، بغرض كبح جماح تزايد اعداد تلك الكائنات.

كما مُنيت اعداد ارانب ذلك النوع بانتكاسه اخري عندما ظهر مرض "التسمم الدموي النزفي الفيروسي" لدي الارانب في ثمانينيات القرن العشرين.

وفي ظل تعرض ارانب شبه جزيره ايبيريا كذلك لضغوط اضافيه من قبيل الصيد وتدمير موئلها؛ فان التقديرات تشير الي تراجع عددها بنسبه تقارب 95 في المئه منذ عام 1950.

وفي واقع الامر، صُنّف هذا النوع علي انه بات "علي شفا التعرض لخطر الانقراض" في موطنه الاصلي، في ضوء ان الباحثين يعتبرون ان تكاثره في المناطق الاخري يحدث علي نحو كبير اشبه بتفشي الاوبئه.

بطبيعه الحال، تؤثر مثل هذه الامور سلبا علي الارانب، وتسبب علي الارجح متاعب للحيوانات التي تتغذي علي تلك الحيوانات الصغيره، وهي موجوده بوفره؛ ومن بينها ما لا يقل عن 45 من الحيوانات الفقاريه المفترسه المختلفه التي تعيش في ايبيريا وحدها.

وربما لا يكون من قبيل المصادفه ان يندرج حيوان "الوشق الايبيري" وطائر النسر الامبراطوري الاسباني علي قائمه الكائنات المهدده بشده بالانقراض، وهما في الوقت نفسه من بين الكائنات الاكثر اعتمادا علي الارانب – والحيوانات ذات الصله البيولوجيه بها – في غذائها، اذ تشكل تلك الحيوانات مجتمعه ما يصل الي 90 في المئه من غذاء الوشق والنسر الامبراطوري.

فاذا كان نوعٌ شائعٌ من الارانب مثل "الارنب الاوروبي" يتعرض للتهديد في موطنه الاصلي علي هذا النحو، فمن غير المفاجئ ربما ان تواجه انواعٌ اخري اقل شهره من ذلك الارانب، ومن والأرانب البرية، متاعب مماثله بدورها.

ويوجد في العالم نحو 60 نوعا مختلفا من الارانب والارانب البريه التي تنتمي كلها الي رتبه يُطلق عليها اسم "الارنبيات". ويهدد الانقراض العديد من هذه الانواع، مثل نوع "امامي" الذي تعيش ارانبه في اليابان، وتتسم بانها ذات اذنين لطيفتي الشكل.

ومن بينها كذلك "الارنب البركان" صاحب المظهر الانيق الذي يعيش في المكسيك، وايضا "الارنب النهري" وموطنه جنوب افريقيا، والذي تصف ديانا بِلْ الارانب المنتميه له بانها "الاكثر جمالا في العالم".

بجانب ذلك، هناك ارانب لا نعرف عنها شيئا تقريبا من الناحيه العمليه.

ففي اواخر تسعينيات القرن الماضي، عثر روبرت تيمينز من جمعيه "وايلد لايف كونزرفيشن" (الحفاظ علي الحياه البريه) مصادفه علي بقايا ارنب كانت معروضه للبيع في سوق بدوله لاوس ذات الطبيعه الريفيه في اسيا. وفي ضوء بقاياه، بدا هذا الحيوان مشابها بشكل كبير لارنب "سومطره المخطط" المعرض للخطر. ولكن اتضح انه لم يكن كذلك في نهايه المطاف.

وفحص تيمينز - بالتعاون مع بِلْ وزملاء اخرين – التركيب الجيني لهذا الارنب، وتوصل الي انه ينتمي الي نوع اخر مختلف، يعود مسار تطوره الي قرابه 50 مليون عامٍ ماضيه.

وفي مطلع العام الجاري، توجهت سارا وودفين، وهي تلميذه لبِلْ، الي جبال اناميت التي تمتد علي طول الحدود بين لاوس وفيتنام وتايلاند وكمبوديا، وذلك للحصول علي معلومات اكثر عن الارانب المنتميه لهذا النوع.

أهم أخبار تكنولوجيا

Comments

عاجل