المحتوى الرئيسى

كيف تحوّلت قلعة أربيل إلى مدينة أشباح لا حياة فيها؟

08/05 11:36

لا يمر يوم من دون ان يجلس العمّ موسي رسول (60 عاماً)، وهو استاذ متقاعد من مدينه اربيل، في مقهي "مجكو" الادبي والفولكلوري، الواقع تحت قلعه لمدو، 3 الي 4 ساعات يومياً. يقول رسول، الذي يتردد الي المكان لرؤيه القلعه منذ 21 عاماً، ان "القلعه تحكي قصه شعب اقدم من عشرات الحضارات، وتعتبر بصمه ابهام تقول ما زلنا هنا". ويضيف انّ القلعه هي "تاريخ ورمز لشعب يحلم بالوحده والاستقلال منذ مئات السنين، وشهدت العديد من الحروب والغزوات، وهي باقيه كي تحكي تاريخ الاكراد لمئات الاجيال".

يقول الكاتب والباحث الاثري هيرش فاروق لـرصيف22 ان "حضاره القلعه ومناره اربيل لا تُعدّ تاريخاً لمعارك جرت وحروب عديده وقعت فحسب، بل هي من اهم مرتكزات العصر الحالي، وتبقي مع مرور الوقت ارثاً حضارياً وقومياً للشعب الكردي".

تتمركز  قلعة اربيل التاريخيه وسط المدينه، بالقرب من مركز المحافظه، وتضمّ العديد من الفروع والمنحدرات والبيوت الاثريه والممرات الغريبه والضيقه، التي تعكس حضاره اثريه وتاريخيه قد تكون من الاهم في منطقه الشرق الاوسط والعالم. لكن اليوم حين نتنزه في القلعه، لا نري سوي الاحجار والاتربه المتراكمه والجدران المنحدره والمعدات التقنيه المتوقفه، من دون حركه وعمل.

وعلي الرغم من انّ القلعه ظاهره، والسياح يترددون اولاً الي ضواحيها التي تشتهر بالاسواق التجاريه المختلفه والمطاعم والفنادق، فقد تحوّلت الي مدينة أشباح لا حياه فيها، وينتظر الجميع تاهيلها لزيارتها مجدداً.

بُنيت القلعه علي تلّ اثري بيضاوي الشكل، عباره عن انقاض مدينه قديمه عمرها اكثر من 6 الاف سنه بحسب المصادر التاريخيه. وعلي الرغم من صغر حجمها، تقسّم القلعه الي ثلاث مناطق هي: السراي (التي احتلتها العائلات البارزه)، التكيه (التي خصصت لمنازل الدراويش)، والطوبخانه (حيث يعيش الحرفيون والمزارعون). وقد بُنيت المنازل التقليديه لتشكّل جداراً محصناً، يشبه كثيراً القلاع في العصور الوسطي، ويمكن الوصول اليها عبر الازقه الضيقه.

ويوضح دلشاد عزيز زاموا، المسؤول عن قسم الدراسات في نقابه الاثاريين الكردستانيين، واستاذ الاثار في جامعه صلاح الدين ان "القلعه بنيت اواخر عام 1400 قبل الميلاد، من قبل اقوام السوباريه والخوريه وبعد ذلك ذكرت في المصادر المسماريه في العهد الملك الكوتي يريدوبزر في القرن 23 قبل الميلاد. فقد احتلّها الكوتي وسميت ئوربيلو. ثم احتلها الملك السومري شلكي في القرن 24 قبل الميلاد، وفي السنوات اللاحقه اعتُبرت من المدن المهمه، وذكرت في المصادر المسماريه مرات عده". ويضيف: "خلال الالفيه الاولي قبل الميلاد، اصبحت مدينه اربيل من المدن المهمه، واحتلّها الاشوريون وتحوّلت الي ابرز العواصم الاشوريه. وخلال هذه الفتره، سميت مدينه ئوربيليوم بمدينه اربائيلو. وجرت قرب هذه المدينه معركه اربيلا بين اسكندر المقدوني وداريوس الثالث ملك الفرس، وانتصر الاسكندر واصبحت اربيلا جزءاً من امبراطوريه اسكندر".

وادرجت لجنه التراث العالمي التابعه لمنظمه اليونسكو قلعه اربيل التاريخيه ضمن لائحه التراث العالمي. وتشارك منظمه اليونسكو، منذ عام 2007، في مشروع اعاده تاهيل القلعه التي تعتبرها الاقدم في العالم، من ناحيه استمراريه السكن فيها.

خلال العشرينيات، ضمّت القلعه نحو 500 منزل الا انّ عدد السكان بدا ينخفض تدريجياً خلال القرن العشرين، لا سيما مع انتقال الاغنياء للعيش خارجها. وعام 2007، تمّ ترحيل سكان القلعه لبدء اعمال الترميم. يقول محافظ اربيل نوازد هادي ان "عمليه التهجير اتت نتيجه حاجه المكان للترميم، وتمّ تعويض العائلات بقطعه ارض ومبالغ ماليه في محله جديده شرق المحافظه، وسمّيت منطقتهم الحاليه القلعه الجديده. اما في القلعه القديمه، فسيتمّ تحويل المباني الي اماكن اثريه لجذب السيّاح".

واشار نائب محافظ اربيل، طاهر عبدالله الي انّ "عمليه تاهيل القلعه متوقفه منذ خمس سنوات بسبب المخصصات الماليه. لكن، عند اعاده ترميمها، سنحاول اسكان ما يصل الي خمسين عائله في القلعه ليشكّل افراد هذه العائلات العاملين في القلعه من موظفين في دائره الاثار والبلديه والسياحه. كما نحاول تحويل المباني الاخري الي اماكن اثريه وموتيلات ولربما مباني قنصليات".

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل