المحتوى الرئيسى

الرياحي: رواياتي تنزع أقنعة كثيرة

08/05 09:23

يعد كمال الرياحي احد اهم كتاب الروايه من الاجيال الجديده في تونس، وقد فاز بجائزه الكومار الذهبي للروايه التونسيه سنه 2007 عن روايته "المشرط"، صدرت له مؤخرا روايته الثانيه الغوريلا، وهو بصدد كتابه عمل روائي ثالث يواصل ما بداه ليدون ثلاثيه تونس المعاصره علي غرار الروائي المصري نجيب محفوظ والاميركي بول ايستر وغيرهما.

الجزيره نت التقت الروائي التونسي الشاب، وكان معه هذا الحوار حول روايته الجديده "الغوريلا" ومجمل تجربته الابداعيه.

شخصياتك الروائيه تلتقطها من الواقع، لكن علي الورق تتحول الي شخصيات غرائبيه وكانها ملتقطه من الف ليله وليله او الميثيولوجيات الاغريقيه والرومانيه، ما قصدك من خلال اسطرتك للواقع؟

كثيرا ما اردد اننا شعوب ميتافيزيقيه وخرافيه، لذلك حكمتنا الديكتاتوريه واحكمت قبضتها علينا بسهوله، والواقع اكثر عجائبيه من العجائبي والغريب. الشعوب التي ترضي باميين يحكمونها هي شعوب تعودت تمثيل دور "سانشو بنزا" ولم تجرب دور دون كيشوت الحالم -بطل روايه الاسباني ميغيل دي سرفانتس-.

وعندما حلمت يوما هدمت كل الاصنام، لذلك لا اعمل علي اسطره الاسطوري، انما علي توجيه المراه جيدا لوجوهنا ونزع اقنعتها الكثيره.

هدفي من كتابتي دائما كان اعلاء شان المتروك والمنسي، او كما قال الكاتب البرتغالي خوزيه ساراماغو" عدم التخلي عن الناس الذين جاؤوا الي العالم في الظلام"، النساء والمهمشين والشطار والنشالين والمجرمين الصغار والخارجين عن القانون والخارجين عن اطار اللوحه السعيده. كنت ضد الادب السعيد، ادب السياحه الثقافيه والورود والبساتين، وانا اكتب للمعتوهين والمجانين واتحدث علي السنتهم واعطي لكل منهم صوتا في روايتي ليقول انه موجود وان جاء من الظلام.

بعد ثوره 14 يناير كثير من الكتاب في تونس خاصه المخضرمين توقفوا عن الكتابه، بينما الشباب كثفوا من انشطتهم واصدروا الكتب والفوا المسرحيات، باعتبارك ناقدا ايضا كيف تقيم المشهد الان في تونس؟

الثورة التونسية كما المصريه ايضا خلقت علامات استعجاليتها عند الفنانين والادباء والمسرحيين، فانطلق الفنانون التشكيليون في تونس يسابقون النبض لعرض اعمال يقولون انها وليده الثوره، وظهر الكثير منها مضطربا مهزوزا، وكذلك كان الامر مع الشعراء ومع العروض الفرجويه التي حاولت المساهمه في المشهد الثقافي لما بعد 14 جانفي (يناير) في تونس.

هناك رغبه واضحه في التعبير وممارسه حريه التعبير بعد سنوات من القمع، وهذا ما يفسر تراجع المستوي الفني في هذه الاعمال الفنيه، ولكن هذا من حقهم ايضا.

لكن في اعتقادي لا يمكن لمديح الثوره ان يشفع للاعمال الضعيفه مهما كان اخلاصها لها، يجب ان تصحب الثوره ايضا ثوره في التخييل والتركيب والفن لا ان تتحول الكتابات الي استعاده فوتوغرافيه ساذجه لما جري.

مجال تلك الاستعادات اليوميات والريبورتاجات، ولا ضير من الاستعانه بها، لكن علي الروايه مثلا ان تكون روايه قبل كل شيء والثوره او الحرب الاهليه او الارهاب لا يمكن ان يصنع ادبا عظيما.

الثوره تمثل خلفيه وليس شيئا غير ذلك مثلها مثل الدكتاتوريه. اخشي علي الادب التونسي ان يسقط في السطحيه والمنبريه والبلاغه الفجه، فهجاء الديكتاتور مع الكولومبي ماركيز او الغواتيمالي استورياس لم تقلل من قيمه اعمالهما الروائيه وما روايات "السيد الرئيس" لاستورياس و"ليس لدي الكولونيل من يكاتبه" و"خريف البطريرك" و"الجنرال في متاهته" لماركيز و"حفله التيس" للبيروفي ماريو بارغاس يوسا امثله داله علي تحكم الفني في الايديولوجي.

روايتك الغوريلا تابعناها في فيسبوك ارهاصا وامضا مشفرا متهكما علي الديكتاتوريه، كيف تطورت الي روايه؟

بدات كتابه هذه الروايه اواخر سنه 2007 وانهيتها بدايه 2011 وما كنت انشره في فيسبوك منها كان محاوله لتهريب النص الذي عاشني وعشته، وشكلا من اشكال المقاومه التي ليس لي غيرها بحكم اني لا انتمي لاي تيار او حزب سياسي.

لجوئي لفيسبوك كان للمطالبه بحقي في العمل بعد حصولي علي الماجستير وبقائي عشر سنوات معطلا، الروائي التونسي عبد الجبار العش كتب مقالا يقول ان شعب فيسبوك يطالب بتمديد فتره بطاله كمال الرياحي ليكمل الروايه. 

بعد عودتي من الجزائر وقبيل سقوط بن علي بشهرين، كنت في نوفمبر/تشرين الثاني الاسود اعرض روايتي الغوريلا مسرحيا في مركب بئر لحجار بتونس، كان الجمهور في حاله ذعر ما يمكن ان يحدث، فقد كان النص هجاء صريحا في نظام بن علي حتي اضطر بعض الاعلاميين الي مغادره المسرح خوفا مما قد يحدث.

معظم اعمالك السرديه تنطلق من شارع بورقيبه كخلفيه مكانيه وزمانيه وتعود اليه، متي يثور الرياحي ويشق شارعا لنفسه؟

شارع الحبيب بورقيبه -الشارع الاهم في تونس العاصمة- هو منطق الاحداث منها تنطلق واليها تعود ككل التونسيين، شارع واحد فيه كل شيء: ابن خلدون (تمثال) والكنيسه ووزاره الداخليه وبرج الساعه وبائعو الورود والنشالون والغانيات والفنانون والعمّال البسطاء.

رواياتي توهم انها في شارع بورقيبه، لكن لو تاملت جيدا ستجد معظم احداثها تحدث في الارياف، ارياف الشمال الغربي، ذلك الشمال المطعون بالغياب كما يقال، الذي همشه بورقيبه واجهز عليه بن علي، شمال بلا بحر، شمال غابي. لا تنتظر منه الا ان يخرج منه غوريلا يشعر باللقاطه في مجتمع مزقته الجهويات. حتي اطلقوا عليه عباره الزيرو ويت "08" تندرا وسخريه، مفتاح المنطقه للتواصل هاتفيا.

اردت ان اكتب ثلاثيه تونس المعاصره بكل توحشها، بداتها بروايه المشرط واستمرت بالغوريلا وستعقبها روايه اخري قريبا ليكتمل المشهد. مشهد تونس المغيبه من الادب السعيد الذي سيطر علي المشهد الادبي منذ سنوات.

في روايه الغوريلا بطلك اسمر مهمش لقيط، وفي المشرط لمسنا ظلالا لمثل هذه الشخصيه من خلال شخصيه النيقرو، ماذا يعني لك السواد كمبدع وسود البشره في تونس هل نالوا حقوقهم فعلا؟

أهم أخبار متابعات

Comments

عاجل