المحتوى الرئيسى

هل ما زال هناك مستقبلٌ للعالم العربي؟

08/04 19:52

قد يزايد علينا البعض بالقول وهل ما زال هناك عالم عربي اصلاً حتي نتحدث عن مستقبل له؟

كيف ننكر شرعيه السؤال ونحن نشاهد تفكك سوريا والعراق، تفاقم الحرب الأهلية في ليبيا واليمن والسودان، انفجار العنف في مصر وشروع السلطات التونسيه في بناء سور عازل علي الحدود الليبيه '' تتويجاً'' لقبر المرحوم الاتحاد المغاربي.

نعم نحن امام منظومه بشريه تعدّ 350 مليون نسمه اخفقت بكل ما نجحت فيه المجموعات البشريه الاخري المماثله عراقه في التاريخ .

هذه شعوب لم تنجح في تكوين اطار تعاون يجمع طاقاتها ويفتح اسواقاً واسعه لمنتوجاتها مثل الاتحاد الأوروبي بل وحتي مثل الاتحاد الافريقي .

هذه شعوب لم تنجح في الحفاظ علي الحدّ الادني من استقلالها او في فرض تسويه عادله بخصوص احدي اهمّ قضاياها القوميه اي القضيه الفلسطينيه، وها هي لا تزن شيئاً بالمقارنه مع دول المنطقه مثل تركيا وايران واسرائيل.

هذه شعوب لم تنجح حتي في بناء دكتاتوريات ''وطنيه'' تنهض بالاقتصاد ولو بثمن الحريه كما حصل سابقا في شيلي وكوريا الجنوبيه وحالياً في الصين.

هذه شعوب لم تنجح اي من تجاربها الديمقراطيه حيث ها هي الثوره المضاده تنقضّ في تونس وفي مصر وفي ليبيا علي كل مكتسبات وامال الربيع العربي.

هذه شعوب لم تنجح في اللحاق بالغرب كما نجح اليابانيون والكوريون والصينيون والان الهنود.

هذه شعوب ما زالت تابعه علمياً وتكنولوجياً، حيث جامعاتها في اخر قائمه الجامعات العالميه ولا دور لها في تفجّر الاعلاميه والهندسه البيولوجيه والذكاء الصناعي والطاقات المتجدده اي في نحت معالم حضاره القرن الواحد والعشرين.

باي قوي ستدخل امه فيها 97 مليون امي، 60% منهم اناث ، اقتصاد القرن الجديد وهو اقتصاد المعرفه بامتياز واي ديمقراطيات ستبني بهذا الكم الهائل من الاميين المعرّضين لغسيل دماغ غير مسبوق سواء كان ''الغاسل'' اعلام المال الفاسد او دعايه المجموعات المتطرفه.

اي مستقبل اذن لامه فشلت كل مشاريعها وتتجه بخطي ثابته نحو التفكّك والتوحّش؟

امام مثل هذا الوضع يصاب الفكر العربي بالدوار خاصه والحلول امامه قليله وعقيمه: الانكار السحري، اللجوء الي نظريه المؤامره، الفرار الي الخارج، الجلد الذاتي؟!

من حسن الحظّ ان هناك التفكيرَ الموضوعي الذي يرفض الاحباط رفضه للاوهام.

اولي ضرورياته وضع الكارثه العربيه في سياقها التاريخي اي المقارنه بتاريخ المجموعات البشريه الاخري و بتاريخ المجموعه العربيه نفسها.

خذ تاريخ المجموعتين الرابحتين حاليا: الصينيه والغربيه. اذا قارنت وضعنا بوضع الصين / وجدته لا يبعد كثيراً عما عرفه هذا البلد، لنقل من 1850 الي 1950. فابان هذه الفتره الطويله عانت الصين الفقر والمجاعه وفقدان الاستقلال والمكانه وتخبطت في حروب اهليه بدت لا اوّل لها ولا اخر واستطاع احد المنتصرين ان يكتب علي باب حديقه عموميه في قلب مدينه صينيه: ''ممنوع علي الكلاب وعلي الصينين''.

من كان يراهن، لنقل سنه 1940، علي ما ستصبحه الصين سنه 2015.

خذ تاريخ اوروبا بين 1914 و1945. من كان يراهن علي مثل هذ الشعوب وقد وضعت الحرب العالميه الثانيه اوزارها او كان قادراً علي التنبؤ بانه سيخرج من ركام هذه الحرب الطاحنه السلام والديمقراطيه والتنميه والاتحاد الاوروبي .

علي فكره، وحتي ننصف انفسنا، لنذكّر نحن العرب المختصين في الجلد الذاتي, اننا لسنا من بنوا محتشدات اوشويتز وداشو وتربلنكا وغيرها من بؤر الهمجيه المطلقه وان تاريخ غزواتنا يشهد بالمقارنه مع الفظاعات التي ارتكبها جيراننا الاوروبيون علي ارضهم او في الارض التي غزوها في الامريكيتين واسيا وافريقيا، اننا كنا امه بالغه التحضر والانسانيه.

معني هذا ان علي الذين يحكمون علينا بالفشل ان يتريثوا قليلاً قد يفاجئهم مستقبلنا كما فاجا كل المتشائمين والمحبطين الذين اعلنوا ياسهم من الانسان في الصين وفي اوروبا.

انظر الان لوضعنا بالمقارنه مع تاريخنا الطويل والبعض من شعوبنا بدات ملحمتها منذ خمسه الاف سنه.

كم من حروب عرفنا! كم من ثورات،! كم من انتصارات وكم من هزائم! كم من مرّه خربنا البصره وكم من مرّه اعدنا بناءها!.

ما وراء الظاهره ؟ انه الصراع الازلي بين قوتين رئيسيتين تتحكمان في مصير كل ظواهر العالم: الاجناس الحيه، الاجساد، الامبراطوريات، الايدولوجيات.

هناك دوماً قوه تدمّر القديم والبالي والمتعفّن وغير القادر علي الحياه .

ما نشاهده حولنا فعلها وهي تطيح سلماً او حرباً بانظمه استبداديه فاسده فاشله حكم عليها التاريخ بالاعدام... وهي تدمّر ايدولوجيات اثبتت فشلها... وهي تدمّر حدوداً اصبحت عائقاً غير قابل للتحمّل.

لكن هناك قوه اخري تشيّد وتبني وتخلق علي انقاض ما دمّرت والقاعده التي لا يجب ان ننساها ان وراء قوه التدمير الصاخبه قوه خلق صامته تعمل ببطء واصرار علي تصحيح كل خلل وتدارك كل نقص واصلاح كل عطب او ايجاد الجديد والمفاجئ.

نصرخ بالالم عندما نصاب بجرح لكن لا احد يصرخ باللذه او يعي بالاليات البالغه العبقريه والتعقيد التي تنطلق لوقف النزيف وبرء هذا الجرح.

لقائل ان يقول لكن هناك امراضاً تقتل المريض وقد تكون امتنا اصبحت في طور الهالك الذي لم يعد ينفع فيه علاج. هنا علينا التذكّر انه خلافا للفرد الذي ليس له الا نسخه واحده من جسده، للامم الملايين منها اضافه لكونها لا تكفّ عن الولاده وكل مولود فرصه اخري وامل متجدّد.

صحيح ان وضعنا ماساوي بكل المقاييس، لكنه اقل سوءاً منه لما كنا نعيش سؤدد العبوديه والاستعمار المباشر والفقر المدقع والجهل الضارب. صحيح ان هناك اليوم %30 من الاميين بين العرب لكن نسبتهم في القرن الماضي كانت.... 99%.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل