المحتوى الرئيسى

أهل مصر.. "لسه قادرين فى الحزن نفرح"

08/04 11:06

3 منصات مزينه بالحرير والزهور لجلوس الحضور علي مادب الطعام، التي تحمل كل ما لذ وطاب، في المنتصف يجلس الخديو إسماعيل، لحظات قليله، وتبدا العروض الغنائيه والاناشيد الدينيه والمعزوفات الوطنيه، بعدها تنطلق الألعاب النارية في السماء، معلنه افتتاح قناه السويس.

قرابه القرن ونصف القرن مرت علي هذا المشهد، كان افتتاح قناه السويس اسعد الحاكم وحاشيته انذاك، لكن لم يشارك فيه الشعب المصري، اذ اصطف الفلاحون والنوبيون والبدو وعمال الحفر يشهدون مراسم الاحتفال بانجاز هم صانعوه، وليس بايديهم سوي المشاهده.

توقف التاريخ عند هذا اليوم، توقفت قاطره الفرحه في 16 نوفمبر 1869، القرار لم يكن بايديهم، حين بيعت حصه مصر في قناه السويس بعد 7 سنوات من افتتاحها، كان عليهم السمع والطاعه، بعد ان غرقت بلادهم في ديون بلغت 120 مليون جنيه تقريباً، وقروض لا حصر لها جراء بذخ الخديو في احتفاليه ظل يسدد تكاليفها من دم المصريين وعرقهم، متخلياً عن جزء اصيل وعزيز من مقدراتهم.

علي قدر لحظات الالم التي صاحبت بيع قناه السويس انذاك، حتي تم تاميم القناه علي يد الزعيم جمال عبدالناصر، كان المواطن يعي انه لا يصح ان يُلدغ من جحر مرتين، فباعلان رئيس الجمهوريه عبدالفتاح السيسي مشروع حفر قناه السويس الجديده وطرحها للاكتتاب الشعبي، سارع المبادرون الي حجز نصيبهم من رمال مصر، وتراب القناه، بشهادات استثمار تاريخيه. وكما كان للمصريين نصيب في الحفر، لم يتركوا نصيبهم من الفرحه، الحفل الاول لقناه السويس القديمه ظل درساً علمهم ان من يبدا المشوار لا بد ان يكمله.

صندوق «فرحه مصر» الذي اعلن عنه الفريق مهاب مميش، رئيس هيئة قناة السويس، للاسهام في الحفل الذي حدد موعداً له، 6 اغسطس، كان جرس تنبيه لكل المصريين، بينهم العامل الذي حفر وانجز، ومساهم وطني حر شارك في مشروع قومي، ومصري شارك في خلق الفرحه علي وجوه المشاركين في حفل انطلاق القناه، كل الايادي امتدت بالعطاء، من افراد ومؤسسات وجماعات في مبادرات شعبيه او فرديه، من اجل ان تحيا مصر.

الاعلان عن موعد حفل افتتاح قناة السويس كان سبباً في بهجته، امر ليس بالغريب علي «محمد هندي» الذي لم يترك فرصه لدعم قناه السويس الا شارك فيها بكل ما اوتي من عزم، اسهم في المشروع، كان يتمني ان يحفر بيده، لكن كل ما كان يمتلكه 5 الاف جنيه في البريد، احتفظ بها، كي يامن غدر الزمن وتقلباته، لم يعد لها قيمه امام فرحه قناه السويس، حانت الفرصه المناسبه لان يشارك بها في المشروع الوطني.

«هندي» باعتباره رئيس حركه ثوار سيناء، لم يستقر علي فكره بعينها للاحتفال بقناه السويس، فكر في شيء جديد يقدمه لهذا المشروع الضخم، مليونيه لاسعاد المصريين يوم الاحتفال بافتتاح قناه السويس، مبادره شبابيه بدا في تطبيقها علي مستوي المحافظات، اوتوبيسات تخرج من الصعيد ومدن الدلتا والقناه لتشهد الفرحه الجماعيه.

60 يوماً فتره كافيه للاستعداد للحفل المرتقب، يُحصي الساعات بفارغ الصبر، ينتظر ان يري دموع الفرحه في عيون الكبار والاطفال، يقول: «بدات اجهز لليوم ده، بتصاريح حصلت عليها من هيئه قناه السويس لدخول الاوتوبيسات المزيّنه بالاعلام، حفل افتتاح قناه السويس، تعدو مسافه كبيره من بحيره البلاح ببورسعيد حتي نهايه التفريعه، حوالي 35 كيلو من ناحيتي الشرق الي الغرب».

الدعوه عامه، والنفقات يتحمّلها «هندي»، احد افراد كتيبه المساهمين في الحفل الشعبي: «عشان خاطر مصر، والحدث العالمي اللي هتشهده كل دول العالم، لازم يقولوا دي مصر اللي بنت وعمرت، ودول المصريين صنعوا ولازم يحتفلوا، وهيكون بمزمار بلدي وعزف عود وفرق موسيقيه كثيره تصاحب المسافرين الي القناه، مع فرق تراثيه لكل محافظه من الفلكلور الخاص بها، كي تمثلها في الاحتفال الدولي».

علم لمصر يبلغ طوله 3 كم وعرضه 4.2 متر، بمساحه قدرها 12 الف متر و150 سنتيمتراً مربعاً من القماش، يجمع 27 محافظه علي مستوي الجمهوريه بواقع 450 متراً لكل محافظه، يعلوه توقيع رئيس الوزراء المهندس ابراهيم محلب، ليكون اول اسم اسهم في المشروع، فكره ابتكرها الاتحاد النوعي لذوي الاعاقه، للدخول في موسوعه «جينيس» من بوابه حفل قناه السويس الجديده.. ابراهيم احمد، عضو الاتحاد، اكد ان ذوي الاعاقه قرروا ان يكون لهم دور في المشروع القومي، بشيء مختلف يوضع في متحف قناه السويس ليخلد للتاريخ.

العلم وزنه 400 كيلوجرام من حق اي مصري او مساهم في المشروع ان يوقع باسمه اعلاه، وهي دعوه صريحه من ذوي الاعاقه لكل الناس بالمشاركه في تخليد اسمائهم علي العلم، والتقاط صور بجواره: «يضم 1000 توقيع، وسيتم اهداؤه للرئيس السيسي في مراسم رسميه قبل حفل الافتتاح، وسنقدم بصحبه العلم فقرات فنيه لفرق ذوي الاعاقه بمحافظه الاقصر ومعظم اقاليم جنوب الصعيد».

«الورق القديم فاض عن حاجه معظمنا، اعاده استخدامه باتت ضروره، لكن اعاده انتاجه اكثر ضروره».. هكذا قرر «عماد حواس» العمل خلال الفتره المقبله، وهو التبرّع لقناه السويس بعد ان يخضع الورق لمرحله التدوير، للاستفاده من امواله، والتبرّع من اجل صندوق «فرحه مصر».

«عماد» و4 اخرون استعدوا جيداً بجمع كميات كبيره من الورق من كل بيت مصري، وتلقوا ايضاً اوراقاً فاضت عن حاجه بعض المصانع والمؤسسات، ليكونوا حلقه الوصل بين الشعب ومصانع طلبت تدوير مخلفاتها، لتشارك في المشروع الاضخم، ورق ومجلات وكتب قديمه في حمله موسّعه لحث كل فرد علي تقديمها قرباناً للمشروع العظيم، حسب «عماد»: «بالطريقه دي هخدم بلدي عن طريق التبرع بالورق القديم، لخدمه المشروع الوطني، والناس تكون جزء من الاحتفال اللي هيقام في مقر المشروع، وكمان خدمه البيئه للحد من التلوث بالتخلص من الورق عن طريق حرقه او القائه في الشوارع والميادين، بالتعاون مع النقابه العامه للنظافه والتجميل». التقاط الصور التذكاريه للحظات تسليم اموال صندوق «فرحه مصر» عن طريق متطوعين ايضاً للاسهام في اسعاد المصريين باليوم، ويبقي في ذاكرتهم لاولادهم والاجيال المقبله: «هيكون معانا ناس بتصور المساهمين بالورق القديم، واحنا بنسلم العائد منه للمسئولين عن الصندوق، عن طريق كشوف باسمائهم وتاريخ التسليم».

«هنجمع من بعض فلوس، وهنعمل ملحمه علشان قناه السويس».. بسرعه ودون اي وقت للتفكير، اعتزم «احمد القوصي» ان يسهم في الفرحه علي طريقته: «عملت مبادره شعبيه اثناء حفر قناه السويس الجديده، وباعمل مبادره جديده للاحتفال بيها». رحله الي اغوار قناه السويس الجديده، لاستطلاع اعمال الحفر، هكذا كان يفعل «القوصي» طوال العام الماضي، اثناء عمليه الحفر، بينما جاء الاعلان عن موعد الافتتاح، ليغير برنامجه قليلاً: «كل اسبوعين كنت بانظم رحله مدرسيه او في جامعات لاسعاد المواطنين والعاملين بحفر القناه».

هدايا من نوع مختلف كان يحرص «القوصي» علي اصطحابها معه الي مواقع العمل: «مره وجبات غذائيه، ومره 25 طن مياه، وكل واحد معانا يكون معاه هدايا جديده»، مبادره شعبيه تحمل الهدف نفسه: «قررت وزملائي من العاملين بالفرق المسرحيه في قصر ثقافه البحر الاحمر اصطحاب مجموعه من الفنانين للمشاركه في فعاليات الحفل، وكمان هنعمل احتفال شعبي رمزي بقناه السويس».

«اوبريت يخلد للتاريخ يكون مصحوبا بفيلم وثائقي عن اعمال الحفر»، كانت احدي الافكار الجديده لاسعاد الشعب المصري في ذلك اليوم: «اكتر من 150 فنان وشخص عادي وجهنا لهم دعوه للمشاركه في الاوبريت عن ملحمه كفاح الشعب، لحفر القناة الأولى والثانيه بالتعاون مع فناني قصر الثقافه، ونقدم كل يوم فكره جديده للاسهام في الحفل بشكل يليق به».

«فاطمه نشات» فتاه عشرينيه، قررت ان تكون صوت كل سيدات مصر، بان تسهم بملابسها القديمه، وتطرحها للبيع في المحلات التجاريه، من اجل الهدف ذاته، حفل قناه السويس يشغلها اكثر من اي وقت مضي، ربما لهذا السبب تفرّغت لمده شهر في فرز ملابسها القديمه، وعرضها علي محلات الملابس بمنطقه المهندسين. «فاطمه» نصحت جاراتها وزميلاتها بالاقتداء بها: «جمعت منهم كل الملابس القديمه، بعد فرزها وتنظيفها، علشان تكون جاهزه للبيع، جمعت حوالي 5 الاف جنيه حتي الان، وجاراتي جمعوا حوالي 2000، وهتبرع بيها في صندوق فرحه مصر».

«فاطمه» لا تخفي رغبتها في الاسهام بشيء جديد في الحفل الذي تنتظره: «يوم ما ساهمت بشهاده استثمار في حفر القناه كنت مبسوطه اوي، ودلوقتي مبسوطه اكتر لان الاحتفال عالمي، وكل الناس هتشوفه، ولازم مصر تكون في ابهي صورها»، مدخرات «فاطمه» الماليه ايضاً، قدمتها لصالح صندوق «فرحه مصر»، لهذا تتمني تعميم الفكره، لتكون تجربه وطنيه.

مبادره الشباب والرياضه تحت عنوان «فرحه مصر» تقدم المزيد من التسهيلات لخروج الاحتفال علي اعلي مستوي، «محمد سعد»، المشرف علي المبادره، قال: «حفل قناه السويس جمع المصريين من جديد، ورجعهم لايام العزه والانتصار، القناة الجديده اتحفرت واتجهزت وهتشتغل بايد ولاد مصر، يبقي مش كتير علينا اننا نشارك في فرحه مصر».

خلق حاله من حالات الاصطفاف الوطني، هكذا انطلق «محمد» من خلال صفحته علي موقع التواصل الاجتماعي، مجهود بسيط بعد نهايه يوم العمل يدعو عبر شاشه صغيره المصريين الي التبرع في صندوق فرحه مصر: «لازم نكون خلف القياده السياسيه ونحن علي اعتاب العبور الثالث، وهو افتتاح قناه السويس الجديده، التي ستمثل قاطره الامل للحلم المصري، لنمضي ببلادنا من ظلام الياس الي نور الرجاء». «محمد» قرر تفعيل مبادرته في عده جهات: «من خلال صفحتنا علي موقع التواصل، سنروّج لعالميه قناه السويس الجديده واهميتها كممر مائي يمثل شرياناً رئيسياً للاقتصاد الدولي لشعوب العالم وليس لمصر فقط، وهنعمل دعوه من خلال صفحتنا للمصريين في الخارج، لاظهار الترابط والصله والمشاركه بين المصريين بالخارج وبين الاحداث الداخليه في مصر».

«المبادره استغرق الاعداد لها قرابه الشهر، وتهدف ايضاً لتوعيه كل اطياف المجتمع المصري والعربي والدولي بالاعجاز الجديد، وتاكيد ان القناه الجديده كانت هديه من الرئيس الي شعبه بعد عام واحد من توليه مقاليد الحكم»، حسب «محمد»: «اتمني ان تفعّل باقي الوزارات مبادرات مماثله للترويج لفرحه مصر في الداخل والخارج». المصريون في الخارج كان لهم نصيب الاسد في الحفل المزمع اقامته، فهم بالطبع اسهموا في شهادات استثمار قناه السويس: «احنا مش بنستثمر في قناه، احنا بنستثمر في فرحه مصر»، جمال محيي، يعمل في الكويت منذ 15 عاماً، قرر ان يدعو المصريين في الخارج الي التبرع لحساب صندوق فرحه مصر: «طبعاً هنكون فرحانين لما نشوف افتتاح قناة سويس جديده، وننال شرف اننا ننتمي الي مصر».

من وقت ان اعلن الفريق مهاب مميش عن صندوق «فرحه مصر»، اعتزم «جمال» جمع التبرعات من المغتربين في الخارج، كل حسب مقدرته: «بافكر اجمع كل اصدقائي المصريين واقاربي اللي عايشين في الخليج لكي يكونوا حلقه تواصل لجمع اموال وارسالها الي حساب الصندوق، علشان نسهم في فرحه مصر، وكمان جاري العمل في مبادره بالدول الاوروبيه لنفس الغرض هتتنفذ قبل يوم الافتتاح».

شاشات عرض كبيره في ميادين الاسماعيليه لعرض الحفل علي الهواء مباشره لكل المواطنين في انحاء المدينه، بخلاف صوره تذكاريه لعمال قناه السويس الذين شاركوا في عمليه الحفر، هي الافكار الجديده التي بدا «عمرو الوريري» الاعداد لها قبل السادس من اغسطس، «عمرو» لم يستغرق وقتاً طويلاً لاقناع زملائه في التطوع لفرحه مصر: «كل الطبقات الاجتماعيه شاركت في الاعداد للاحتفال».

فرق السمسميه وفرقه الموسيقي العربيه وفرق غنائيه بالمحافظه، هكذا انطلقت الاحتفالات في مدينه الاسماعيليه، التي تضم موقع القناه الجديده، لتكون باكره عن موعد الحفل الذي ينتظره الجميع، حسب «عمرو»: «كمان شاركت في تبرعات صندوق فرحه مصر بخلاف الحفل».

فكر «عمرو» في وضع زهور وصور لمدينه الاسماعيليه في جميع انحاء المحافظه: «احنا هنعمل احتفال عالمي علي المستوي الشعبي»، بنك افكار خيالي جمعه الشاب العشريني خلال الفتره الماضيه من اهالي مدينته: «معظم الناس البسيطه عايزه تسهم في الحفل، اللي باع حاجه من بيته واللي باعت حاجه من مجوهراتها». الحمله الشعبيه للتنميه ستنظم في هذا اليوم حفلاً بعنوان «شاهد قناتك»، تشارك فيه الاحزاب السياسيه والمبادرات الشبابيه قبل الافتتاح، وبعد مغادره الضيوف ايضاً، حسب «عمرو»: «سندعو المواطنين الي النزول بهداياهم لعمال قناه السويس، والتقاط صور تذكاريه معهم، للاحتفاظ بها طوال العمر». «سنصنع مضيفه في كل شارع لاستقبال الوفود المشاركه من الاجانب والمصريين»، حسب تاكيد «عمرو»: «لانه احتفال عالمي لازم يكون علي مستوي عالي من التنظيم والاستقبال، احنا في مرحله جمع التبرعات الماديه للانطلاق في احتفالات تعم المدينه قبل الافتتاح باسبوع».

نرشح لك

أهم أخبار افتتاح قناة السويس

Comments

عاجل