المحتوى الرئيسى

تحقيق للجارديان: كيف تتَّجر صناعة الصيد التايلاندية بالآلاف من مهاجري الروهينجا وتسجنهم وتستعبدهم؟ - ساسة بوست

08/03 18:24

منذ 3 دقائق، 3 اغسطس,2015

“تحقيق الجارديان يكشف عن دور واسع للسلطات التايلانديه، والصيادين، وتجار البشر في استعباد الالاف من الروهينجا ممن كانوا محتجزين في معسكرات الغابه المميته” . (يرجي وضعه كاقتباس بخط اكبر ولون مختلف في بدايه المقال )

يحتجِز المهربون والتجار مهاجري الروهينجا في معسكرات الغابه المميته والتي يسجنون فيها لفتره، قبل بيعهم كعبيد لانتاج المأكولات البحرية علي ظهر سفن الصيد التايلانديه، والتي تصدّر فيما بعد لجميع انحاء العالم، كما تتبع تحقيق اجرته “الجارديان”.

و سعيًا وراء تعظيم ارباحهم، حوّل بعض الصيادين المحليين في تايلاند نشاط قواربهم الي نقل مهاجري الروهينجا بدلًا من صيد الاسماك، حيث تبدو تجارة العبيد مربحه للغايه. اذ كشف التحقيق عن روابط قويه، ومربحه، بين تجاره تصدير الماكولات البحريه التايلانديه، وبين عصابات التهريب الدوليه التي كانت تحتجز – حتي وقت قريب – الالاف من مهاجري الروهينجا في معسكرات بالغابات.

اشارت شهادات العديد من الناجين، والسماسره، ومجموعات حقوق الانسان الي ان المئات من رجال الروهينجا قد بيعوا بالفعل عن طريق شبكه معسكرات الاتجار بالبشر التي اكتُشفت مؤخرًا في جنوب تايلاند.

وحسبما افادت شهادات البعض ممن تم بيعهم من المعسكرات الي القوارب، فقد حدث ذلك مرارًا بعلم وتورُّط بعض المسؤولين في الدوله التايلانديه، حتي انه في بعض الحالات تورط موظفون تابعون لمراكز احتجاز المهاجرين هناك في تسليم المهاجرين من الروهينجا للسماسره تمهيدًا لبيعهم الي قوراب الصيد التايلانديه فيما بعد.

وفي حالات اخري، قام مسؤولون تايلانديون بتسلّم المهاجرين فور وصولهم لشواطئ البلاد من المتاجرين بالبشر، ونقلهم الي معسكرات الغابه حيث يتم احتجازهم هناك اما للحصول علي فديه ممن يقدر علي ثمنها او بيعهم لقوارب الصيد كعبيد وعاملين بالسُخره.

تقدّر صناعه الماكولات البحريه في تايلاند بنحو 7.3 مليار دولار سنويًا، يتم تصدير الغالبيه العظمي من منتجاتها. في تحقيق اخر اجرته الجارديان العام الماضي، تتبعت فيه سلسله توريد الجمبري الذي ينتج عن طريق عمال السُخره ايضًا ويصدّر لمحلات السوبرماركت البريطانيه والامريكيه. ورغم عدم القدره علي الربط بشكل قاطع بين الحالات الفرديه للسفن التي تستخدم عمال الروهينجا كعبيد وبين نوع معين من منتجات الماكولات البحريه المصدّره للاسواق، الا انه من المرجح وصول كميه من الماكولات المنتجه بواسطه هذا النوع من العماله الي ارفف المحلات الغربيه التي تمثل سوقًا مهمه لاستيراد الناتج التايلاندي.

وقد لوحظ علي ايه حال ان حجم شبكات الاتجار بالبشر، التي تجني ارباحها الطائله من وراء ياس مئات الالاف من الروهينغيا عديمي الجنسيه “او من يُطلق عليهم لاجئو القوارب احيانًا، لعدم حصولهم علي ايه اوراق رسميه تفيد انتماءهم لدوله ما”، اصبح في ازدياد خلال الاسابيع الماضيه.

اشار التحقيق الي بدايه الماساه، حين فرّ عشرات الالاف من الروهينجا تحت وطاه التطهير العرقي الذي ترعاه الدوله في بورما خلال الاشهر الثلاثه الاولي من هذا العام. عديمو الجنسيه، ومشردّون، لا يرغب في وجودهم احد، فلم يكن لهم خيار سوي الهروب الي البحر في محاوله يائسه لعل امواجه تصل بهم جنوبًا حيث الامان النسبي في ماليزيا.

وفي مارس، اخبر يانغي لي – المقرر الخاص المعني بحقوق الانسان في بورما – مجلس حقوق الانسان في الامم المتحده عن الوضع هناك في مخيمات النازحين داخليًا من الروهينغيا انه كان من الصعوبه بحيث لم يكن للناس سوي خيارين اثنين، اما “البقاء والموت” او “المغادره بالقوارب”.

*المسار الذي يسلكه مهاجرو الروهينجا نحو ماليزيا، المصدر: الجارديان

بيد ان محنه هؤلاء الضحايا قد استقطبت الاهتمام الدولي في الاونه الاخيره عقب اكتشاف عدد من السفن المهملَه التي حوت مئات من المهاجرين البنغال واللاجئين الروهينجا المتضورين جوعًا، حيث رفضت تايلاند وماليزيا واندونيسيا السماح لهم بالنزول الي الشواطئ.

وفي مايو، اكتشف المسؤولون في تايلاند وماليزيا ايضًا عددًا من سجون الغابات والمقابر الجماعيه التي استخدمها المتاجرون كاماكن احتجاز ومقرات لاتمام الاتفاقات وعمليات البيع، كانت معسكرات الغابات تلك بمثابه سجون مكشوفه في الهواء الطلق يقبع فيها المهاجر اسيرًا حتي يحرره ذووه مقابل فديه ماليه غالبًا ماتتجاوز الالف جنيه. كما تعرض المحتجزون هناك لاعتداءات عده، تراوحت مابين الاغتصاب والتعذيب والضرب حتي الموت.

اما من لم يتمكنوا من دفع الاموال التي طالب بها الخاطفون فتم بيعهم في سوق العبيد مقابل رسوم معينه يدفعها قباطنه القوارب، وذلك حسب شهادات الناجين من المعسكرات وبعض السماسره، وجميعهم تحدث شريطه عدم الكشف عن هويته، الامر الذي يدعم صحه ادعاءات الجماعات الحقوقيه التي تحقق منذ مده في مساله الاتجار بالروهينجا.

وكان من ضمن الشهادات شهاده لمهاجر شاب من الروهينجا، وصف للمحققين كيف تم بيعه من قبل تجار العبيد ونقله من معسكرات الغابه الي قارب يحمل العلم التايلاندي في مدينه سونكلا، جنوب تايلاند، قبل ان يلوذ بالفرار في نهايه العام الماضي، يقول “نقلونا (من المعسكرات) بواسطه القوارب والسيارات، وصلنا الي سونكلا ووُضعنا في سفينة الصيد” واضاف “اضطررنا مجبرين علي العمل هناك لاربع سنوات كامله، وخلال هذه المده، لم تعد السفينه للشاطئ ابدًا”.

وقال ماثيو سميث، المدير التنفيذي لمنظمه “فورتيفاي رايتس” في بانكوك، في اشاره الي العلاقه الممتده منذ فتره طويله بين المعسكرات وصناعه الاسماك: “ان الرجال والاولاد غير القادرين علي الدفع لنيل حريتهم، غالبًا ما يكون البديل هو بيعهم لقوراب الصيد ليقوموا باعمال السُخره”، واشار الي ان هذا الوضع ليس طارئًا، بل هو قائم في قطاع الصيد التايلاندي منذ التسعينات تقريبا.

وفي مقابله مع احد السماسره في بانكوك، اعترف باستخدام الروهينجا كعبيد في الصيد التجاري، وحكي كيف انه باع نحو 100 شخص من مخيمات الغابه خلال العام الماضي، والبعض في وقت مبكر من هذا العام، مقابل ربح يقترب من 30,000 بات تايلاندي، اي ما يعادل حوالي 900 دولار للفرد الواحد. وقال “هؤلاء المهاجرون اشتراهم قاده القوارب التايلانديه، لم يُسمح لهم ابدًا بمغادره القوارب خوفًا من فرارهم، ومن ثم يخسر القباطنه عمالتهم”، واضاف انه سمع ما تردد عن ان المهاجرين العاجزين عن العمل كان يلقي بهم في البحر حين يصبحون بلا فائده حقيقيه. واضافه الي المهاجرين من الروهينجا، باع ايضًا مهاجرين من لاوس وبورما وكمبوديًا كعبيد علي ظهر سفن الصيد.

ورغم الحمله التي شنّتها الحكومه التايلانديه ضد استخدام السُخره، تشير الادله الي ان بيع الروهينجا المحتجزين في الغابات ظل قائمًا حتي وقت مبكر من هذا العام.

وفي هذا الصدد، تواجه تايلاند ضغوطًا غير مسبوقه لمعالجه مساله الاتجار بالبشر وتطهير صناعة صيد الأسماك بها، حيث امهلها الاتحاد الاوروبي – بدءًا من شهر ابريل – سته اشهر للقضاء علي الصيد غير القانوني والانتهاكات بحق العمال، اما ذلك او ستضطر لمواجهه حظر تجاري قد يودي بها لخساره مايقرب من مليار يورو سنويًا في صادرات الماكولات البحريه. ونتيجه لذلك، في الاشهر الاخيره، وفي محاوله لتفادي حظر الاتحاد الاوروبي، ادّعت تايلاند اتخاذ اجراءات صارمه، واغلاق جميع معسكرات الاتجار بالروهينجا النشطه، وكذلك الدفع باتجاه سلسله من الاصلاحات في قطاع الماكولات البحريه، بما في ذلك مطالبه اصحاب القوارب بتسجيل العمال المهاجرين والخضوع لتراخيص جديده وتسجيل جميع القوارب والمعدات.

وقال بيتيبونج فوينجبون -وزير الزراعه والجمعيات التعاونيه – الاسبوع الماضي في الاتجاه نفسه: “ان الحكومه لا تتعمد ايذاء احد، لكن يجب علينا ضبط نظام الصيد في البلاد”.

لكن من ناحيه اخري من المرجح ان يؤدي ذلك لارتفاع اسعار الماكولات البحريه في انحاء البلاد، ووفقًا لجمعيه مصائد الاسماك التايلانديه بالخارج، فمن المرجح كذلك ان تتوقف حوالي 3000 سفينة صيد عن العمل خوفًا من الغرامات الناتجه عن عدم امتثالها للوائح الجديده.

وفي الاسبوع الاول من شهر يوليو من هذا العام، دخل الصيادون في 22 مقاطعه في جميع انحاء البلاد اضرابًا للاحتجاج علي الاصلاحات التي فرضتها الحكومه فجاه، والتي تكلف صناعه الاسماك نحو444 مليون دولار شهريًا، حسب قولهم.

كما يقول الصيادون في رانونج ان هذه الاصلاحات، الي جانب عقود من الصيد الجائر وتدمير البيئه، قد دفعت برصيد الثروه السمكيه الي حافه الهاويه، وانهم غير قادرين علي كسب اقواتهم منها، وبدلًا من ذلك، اصبحوا يلجاون لصنف اخر من الاعمال وهو “الاتجار بالبشر”.

في هذا الاطار قال احد الصيادين معلقًا: “في الواقت الراهن يصعب ان تجد الاسماك في خليج تايلاند، اما هذا النوع من العمل فانه يكسبني المال، لاكون صادقًا، فانا اريد جني المال والربح، وستكون قواربنا مناسبه لهذا العمل لا سيما ان حجمها الكبير يسمح بنقل حوالي 300 الي 400 شخص تقريبًا في المره”.

واخبر مالك قارب محلي اخر الجارديان انه يعرف 10 قوارب تعمل من نفس المنفذ وتنقل علي متنها حوالي 12.000 مهاجر روهينجي في الشهر الواحد، وباعتبار الفديه التي تطلب من كل شخص مهاجر، تقدر قيمه هذا العدد كليًا بنحو 24 مليون دولار. واستطرد قائلًا انه يجني ماقيمته 900 دولار من خلال الصيد، اما ان استغل قاربه في نقل الاشخاص فسيجني مايقرب من 3000 دولار.

من جهه اخري، تامل تايلاند من خلال جهدها العام في التصدي لمشاكل الاتجار بالبشر ان يُكسبها ذلك تحسنًا في تقرير وزاره الخارجيه الامريكيه حول الاتجار بالبشر للعام الجاري، والذي يقيّم البلاد تبعًا لمدي نجاحها في مكافحه انشطه المهربين والمتاجرين بالبشر، والمقرر صدوره هذا الاسبوع.

كذلك في عام 2014، في التحقيق الذي اجرته الجارديان عن العمال الاسيوين العاملين بالسخره في انتاج الجمبري لمحلات السوبرماركت في الولايات المتحده وبريطانيا، هبطت تايلاند الي الفئه الثالثه، وهي ادني تصنيف ممكن.

نرشح لك

أهم أخبار صحافة

Comments

عاجل