المحتوى الرئيسى

النقاش حول دور التعليم الديني في إشاعة الإرهاب يدخل مجال الفنّ

08/03 12:36

اعاد عرض فيلم "المتطرف"، للمخرج الموريتاني سيدي محمد ولد الشيقر، احياء النقاش حول دور المحظره (المدرسه الدينيه التقليديه) في موريتانيا في دفع الشباب الي احضان الحركات الارهابيه.

يري البعض ان مناهج المحاظر تحض علي كراهيه الاَخر في حين يري اخرون ان هذا الاتهام مبالغ فيه. بعد عرضه، قوبل الفيلم بموجه غضب من محتواه ومن مخرجه. اعتبر البعض انه يشوّه المحظره، وعدّه بعض اخر عملاً جيداً يعالج اشكاليه مهمه ويشكّل تطوراً جيداً في مشوار الابداع الموريتاني.

يحكي الفيلم في عشر دقائق، قصه شاب عشريني مستهتر اقلقت تصرفاته اهله فارسلوه الي محظره بغيه اصلاحه، ليبدا رحله مليودراميه يتعرض خلالها للاغتصاب من احد طلاب المحظره، ثم يتعرف علي مجموعه من الشباب المتطرفين الذين ينجحون في تجنيده بواسطه كلمات زعيم تنظيم القاعده ايمن الظواهري. يعود الشاب الي اهله في ثوب المتطرف المكفِّر، ويبدا بانتقاد استماعهم للموسيقي وتعليقهم لوحات فنيه، قبل ان يقبض عليه في اشتباك بين الامن واحدي الجماعات المتطرفه.

وقال مخرج الفيلم سيدي محمد ولد الشيقر لرصيف22: "في الاساس، الفيلم كان مشروعاً وثائقياً من وحي مقابلتي قاصرين تعرّضا للاغتصاب في احدي المحاظر، وكانا مستعدين للظهور فيه، هذا بالاضافه الي احداث اخري مشابهه سمعت عنها. لكن لانهما قاصران، عدلت عن الفكره، وحولته الي فيلم روائي قصير". واضاف: "الفيلم عباره عن صرخه الي السلطات للالتفات الي العشوائيه في المحاظر التي جعلت المحظره تفقد طابعها التعليمي، وكذلك دعوه لتجديد المناهج التي عفا عليها الزمن وهي فكره اري انها ضروريه. اظن ان الذين هاجموا الفيلم لم يفهموه او لم يشاهدوه، فهو لا يقصد تشويه المحظره، وعموماً اتمني منهم ان يتقبلوا الاَراء المختلفه ان كانوا يريدون حقاً تقدم الدوله وازدهارها".

فيلم المتطرف ليس اول فيلم موريتاني يتناول المحظره وعلاقه الشباب بها ويثير الجدل. فقد سبقه فيلم "صديقي الذي اختفي"، وهو فيلم وثائقي من 13 دقيقه، اخرجه زين العابدين محمد المختار، وقدم فيه قصه صديق طفولته وزميل دراسته الذي شهدت حياته انقلاباً كبيراً، اذ انتقل من مغرم بكره القدم والحياه الي شاب متطرف.

سرد الفيلم تغيّر علاقه الشاب بمحيطه واصدقائه وعائلته والاشياء بشكل عام، عبر شهادات لاصدقائه. الشاب ترك المدرسه الثانويه بعد ان فقد حبه للدراسه وتغيرت نظرته للحياه واصبح يتحاشي حضور الدروس التي تلقيها معلّمات وقطع صلاته باصحابه. ثم ذهب الي المحظره وخرج منها اكثر تشدداً ونفوراً من محيطه، قبل ان يختفي. وقد اثار الفيلم حين صدوره موجه شديده من الانتقاد من قبل شيوخ المحاظر وائمه المساجد والعلماء والتيار الاسلامي، واتهموه بانه يتجنّي علي المحظره حين يصوّرها كمعسكر لانتاج معتنقي الفكر التكفيري القتالي.

المحظره مدرسه دينيه تقليديه تتبنّي منهجاً دراسياً يعتمد علي الحفظ والتلقين وقد عرفت تاريخياً بكونها مكاناً لتدريس القران وعلومه والعقيده وعلوم الحديث والفقه والنحو والصرف واللغه والادب وعلم العروض والمنطق والبيان، ولا تزال تلعب الدور نفسه. وقد اختلفت المحاظر في الفضاء الموريتاني حول المنطق، فمنها مَن حرّمته ومنعت تدريسه، ومنها مَن اجازته.

في مداخله بعنوان "جذور العنف في الفقه الاسلامي"، القيت في المؤتمر الدولي لمحاربه الارهاب الذي عقد قبل عامين في العاصمه الموريتانيه نواكشوط، قدم الباحث في الفكر الاسلامي محمد المهدي ولد البشير نقداً لكتاب "المختصر" لخليل بن اسحاق الجندي الذي يعد من اهم كتب المحظره. اشار الي ان فيه ما يدعو الي التعدي علي الاخر، وطالب بمراجعه بعض الامور ومنها اشكاليه الجهاد، وقال انه يخشي ان الفقهاء الذين يعتبرون ان الجهاد للدفاع وليس للهجوم منهزمون في موريتانيا، ولفت الي ان "مختصر خليل" يعتبر "ان الجهاد في اهم جهه كل سنه واجب علي سبيل الكفايه"، اي انه يجب ان نقوم كل سنه بحملات توسعيه لاحتلال اراضي الاَخرين.

واكّد ولد البشير ان خليل يقول انه يجب دعوه غير المسلمين الي اعتناق الاسلام واذا لم يدخلوا الاسلام يُدعون الي دفع الجزيه واذا لم يدفعوا الجزيه او كانوا في مكان لا تصلهم سلطه المسلمين، علي الاخيرين قتالهم. واضاف ايضاً ان خليل يعتبر انه علي غير المسلمين ان يهانوا حين تؤخذ منهم الجزيه.

وسبق ان قام الناشط الحقوقي الموريتاني بيرام ولد الداه ولد اعبيدي بحرق بعض الكتب والمتون التي تدرس في المحاظر الموريتانيه معتبراً انها ترسخ الرق ووصفها بانها كتب نخاسه، ليسجن بعدها لفتره ويطلق سراحه، وهو الاَن سجين في قضيه اخري.

ربط المحظره بالتطرف ووصف منهاجها بانه يبث الكراهيه ويحرّض علي الاَخر لا يروقان للكثيرين. هؤلاء يرون ان المحظره كانت جزءاً اصيلاً من هويه موريتانيا ومنها خرجت ثقافتها ونشا ادباؤها وعلماؤها.

وقال الكاتب الموريتاني محمد عبد الله ولد لحبيب لرصيف22 ان "احدي مسلمات علم النفس التروبي هي ان المناهج ليست المسؤوله عن صياغه الشخصيه، كامل الشخصيه، وانما مكون من مكونات عده". برايه، اثبتت الدراسات التي اجريت في اكثر من بلد ان التعليم يلعب دوراً هامشياً في جنوح الشباب الي اعتناق الافكار المتطرفه، اذا ما قورن بالتنشئه الاجتماعيه والحاله الاقتصاديه والحاله السياسيه للبلد.

واضاف: "لا يعرف كثيرون ممن يتحدثون عن المحظره من الخارج، انها لم تكن يوماً بيئه لاعتناق الافكار المتطرفه، بل تكاد تكون اكثر تفلتاً من القيود الدينيه من بقيه المواقع في المجتمع".

وتابع: "ان اغلب الذين انضموا الي المجموعات الموسومه بالتطرف ليسوا ابناء اصلاء للمحظره الموريتانيه. وحتي لو كانوا كذلك، لا يمكن اعتبارهم ظاهره اذا ما قورنوا بفئات نهلت من نبعها قروناً في هذه البلاد. ولو كانت المحظره مصدراً للافكار المتطرفه، لكانت تنظيماتها ظهرت منذ قرون".

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل