المحتوى الرئيسى

"أحمد ماهر" يكشف "حصة التزوير السنوي"

08/02 13:47

انتقد الناشط السياسي احمد ماهر، مؤسس حركة 6 أبريل، والمحبوس حاليًا بسجن طره، المبالغه في الاحتفال بقناه السويس الجديده، قائلًا: "حان الان موعد الاحتفال الهستيري، وحصه تزوير التاريخ التي تتم كل عام. حان الان الموعد السنوي المقدس للمبالغات ولتمجيد الفرعون".

وكان نص مقال "ماهر"، في صحيفه "العربي الجديد" بعنوان "حصه التزوير السنوي":

حان الان موعد الاحتفال الهستيري، وحصه تزوير التاريخ التي تتم كل عام. حان الان الموعد السنوي المقدس للمبالغات ولتمجيد الفرعون. انه الموعد الذي يتكرر كل عام منذ 63 عاما، الموعد السنوي لتقديس حركه 23 يوليو 1952. ولكن، دعنا هذا العام نحاول، ولو محاوله بسيطه، وسط الهوس، ان نبرز اراء تحاول ان تسير خارج قطيع الاحتفال الهستيري المقدس.

دعني اولاً، استخدم مصطلح الكفار والمهرطقين، وهو حركه 23 يوليو، بدلا من مصطلح ثوره 23 يوليو الذي ليس له اي اساس واقعي، او اكاديمي، عند المهرطقين، وكذلك ايضا بدلا من مصطلح انقلاب 23 يوليو، والذي يستفز الناصريين، علي الرغم من صحه التوصيف اكاديميا، لكن مصطلح حركه يوليو، او حركه الضباط، هو الاخفّ والاوسط، وهو ايضا الذي اطلقه ضباط يوليو علي حركتهم، قبل ان يطلقوا عليها ثوره".

لم تعد حركه 23 يوليو 1952 مقدسه، كما كانت طوال السنوات الماضيه، وعلي الرغم من ان جيلنا درس في المدارس، وشاهد وسمع في الاذاعه والتلفزيون، ان حركه الضباط الأحرار هي الحقيقه المطلقه في الكون، وانها افضل شيء حدث في تاريخ مصر والعرب والعالم، وان "يوليو" هي الكرامه والوطنيه والحريه والعداله الاجتماعيه والقوميه العربيه وتحدِّي الاستعمار.

ولكن، هناك ايضاً روايات اخري، بعضها من داخل معسكر يوليو، مثل شهادات الضباط الاحرار المغضوب عليهم، بعد مطالبتهم بالعوده الي الثكنات، وتطبيق الديمقراطيه، او شهاده اول رئيس للجمهوريه تم الانقلاب عليه، او شهادات من عاصروا تلك الفتره. فهناك كتب وكتابات عديده وروايات تزداد كل يوم، والتي تحمل وجهه النظر الاخري. وهناك من يري ان عصر ما قبل 1952 لم يكن بهذا السوء الذي صوّروه لنا، وكان يمكن للضباط الاحرار اصلاح النظام وتحويله لملكيه دستوريه ونظام برلماني، بدلاً من الانقلاب والغاء الملكيه. وهناك كتابات ودراسات عديده تتحدث عن فتره ما قبل 1952، وهي الفتره الليبراليه، حيث كانت ثقافه التسامح واحترام الاختلاف الثقافه السائده، فقد كان هناك دستور رائع، وانتخابات حره، واحزاب حقيقيه، ومجتمع مدني قوي. صحيح انه كان هناك فساد وطبقيه واحتلال. ولكن، كان الافضل البناء علي ما كان موجوداً، بدلاً من هدم كل شيء، وبناء نظام عسكري شمولي دكتاتوري، اضاع مصر واضاع العرب، واخّر المنطقه كلها عقودا.

عندما كنتُ طفلا ساذجاً، اصدِّق ما ادرسه في المدرسه، وما اشاهده في التلفزيون، كنت اعتقد ان جمال عبد الناصر احد الانبياء، ومنقذ العرب، وانه لا نهضه ولا وحده للامه العربيه الا بظهوره من جديد. ومع الوقت، ومع القراءه والاستماع لمختلف وجهات النظر، بدات اتساءل عن اسباب هزيمه 1967، واسباب الاصرار علي عبد الحكيم عامر، علي الرغم من انه كان السبب في انفصال سوريه وفي ضعف الجيش المصري، انه المسؤول الرئيسي عن هزيمه 1967، وعن ضياع سيناء والقدس والضفه الغربيه وغزه والجولان.

"السؤال الاهم الان في الحاضر، لماذا يصرّ عبد الفتاح السيسي علي الاخْذ باسْوا ما في تجارب عبد الناصر او انور السادات او حسني مبارك او محمد مرسي؟"

اعرف ان الفتره الليبراليه في العهد الملكي كانت فيها مساوئ عديده. ولكن، اليس قتْل الحياه السياسيه والغاء الاحزاب كان كارثه نعاني منها حتي الان؟ الم يزح الضباط الاحرار فاروق الفاسد اللاهي، ليتحولوا الي عشرات الفواريق الاكثر فساداً ولهواً؟

ربما كانت نيات الضباط الاحرار طيبه عند القيام بحركه 23 يوليو، ربما كانت نيات عبد الناصر طيبه ووطنيه فعلاً، قبل ان يتسبب في كوارث قاد الامه العربيه اليها. ولكن، منذ متي يتم تقييم الاشياء بناءً علي النيات؟

ربما كانت اهداف حركه يوليو القضاء علي الاستعمار والاقطاع والفساد، واقامه حياه ديموقراطيه سليمه. ولكن، ما حدث منذ بدايه الحكم العسكري المستمر منذ 63 عاماً هو انتقال الاقطاع من الحاشيه الملكيه الي الحاشيه العسكريه، واستمرار الفساد الذي تم الحفاظ عليه، وانتقل بعد 23 يوليو من القصر الملكي الي القصر الرئاسي واعضاء الاتحاد الاشتراكي ومراكز القوي، وتحوّل مطلب اقامه حياه ديمقراطيه سليمه، التي نادي بها ضباط 23 يوليو الي اقامه مزيد من المعتقلات، ومراقبه الناس بعضهم بعضا، وتحول مطالب العداله الاجتماعيه الي اعدام العمال المطالبين بتحسين اوضاعهم، مثل عمال كفر الدوار، ثم قمْع فكره النقابات العماليه واعتبارها مؤامرات خارجيه، كما قال عبد الناصر صراحهً في الستينيات، عندما فكر في الغاء النقابات والاكتفاء بالاتحاد الاشتراكي.

تحولت احلام الوحده العربيه والقوميه الي مشروع لتمجيد شخص، يعتبر نفسه زعيم العرب، ثم الي تدخلات في شؤون باقي الدول العربيه، وترتيب انقلابات في دول عربيه، تحت شعارات برّاقه، مثل القوميه العربيه ومقاومه الاستعمار، وما المجرمون والسفاحون والمخابيل، امثال صدام حسين ومعمر القذافي وجعفر النميري وعلي عبد الله صالح وغيرهم، الا نماذج لاشخاص قرروا استكمال التجربه الناصريه، والسير علي طريق العنجهيه والخطب الرنانه والمجد الشخصي.

احياناً، اتخيّل واسال ماذا لو ... نجحت مطالبات الديمقراطيه في عام 1954، وعاد العسكر الي الثكنات، او لم يتم حل الاحزاب، او لم نتورّط في حرب اليمن، او تم الاهتمام بالفعل وبناء جيش قوي وليس الخطب الرنانه؟ ماذا لو كان قد تم اجراء تحقيقات حقيقيه ومحاسبه كل من تسبب في هزيمه يونيو/حزيران 1967؟ ماذا لو كان القائم علي السلطه بعد 23 يوليو قد قرر نشْر قيم التسامح والتعايش وتقبل الاخر، بدلاً من سياسه الصوت الواحد، وقمع كل من يعترض او يفكر؟

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل