المحتوى الرئيسى

محمد عبد العال يكتب: ألم تنتصر بعد؟! | ساسة بوست

08/01 00:26

منذ 1 دقيقة، 1 أغسطس,2015

أرسل إلي ودموعه تجري على خديه أنهارًا، كانت كلماته تنبض بالحياة، كانت الحروف تبكي والأسطر تئن ألمًا: “السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أخي، انفطر القلب، ودمعت العين، ولا أستطيع التوقف عن البكاء، العجز بدأ يتسرب، توقف العقل، ماذا بعد؟! أدركني، بارك الله فيك.” قرأت رسالته بوجداني قبل عيني، أحسست بألمه قبل أن أرى خط قلمه، فكانت كلماته سكينًا يغوص في الأعماق! وجدتها تحكي عني أنا! رأيتها بأم عيني من قبل، أكتبها لغيري، أو أبثها لحبيب شاكيًا مرارتها، أو أسمعها من قريب ذاق ألمها! فكانت إجابتي لنفسي قبل أن أرد عليه:

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. أخي الحبيب، أوليس هذا حالنا جميعًا؟! أليس كلنا هذا الرجل؟! ألا يخلو أحدنا بنفسه ليخفي ضعفه عن الأعين؟! ألا يعيش كل منا خلوته يناجي ربه باكيًا منتحبًا، يسأله كشف الغمة ورفع الغضب والنقمة ويلح في طلب النصرة؟! كل القوم على هذا الحال، وما أنا إلا رجل من قومي!

تزداد ظلمة الفتنة ويشتد سوادها كل يوم، بل كل ساعة! كم ممن حولك يتساقطون فيها وينغمسون في وحلها كل حين؟! أليسوا كثيرين هؤلاء الذين طعنوك بخنجر خيانة العهد معك، فكذبوك وآذوك وصدقوا الإفك عنك وعن أهلك وخاصتك؟! أليسوا كثيرين هؤلاء الذين أثقلوا همك وزادوا غمك حين راحوا يشمتون في دماء من تحب، وخاضوا في أعراض ثقاتك وقدواتك؟!

ولا تنبئ الأحداث في ظاهرها عن فرج مرتقب قريب! وكل نوافذ الفرج تغلق واحدة تلو الأخرى! كلما لاح في الأفق باب للأمل، أغلقته ريح الابتلاء! ربما لموعد لم يحن بعد! ربما لذنب يحرم صاحبه حق نصر قريب! ربما إمهالًا لعاص ليقرر مصيره! ربما استدراجًا لطاغية لتكون نهايته لمن خلفه آية!

يشتد الظالمون قوة وتجبرًا ويتمكنون أكثر وأكثر من مقاليد الأمور! نعم، لا يديرون الأمور بنجاح، بل هم فيها يفشلون، لكن زمامها بين أيديهم ظاهرًا! أفرغوا خزائن البلاد والعباد في جيوبهم وبطونهم! وملأوا سجون الظلم بالشرفاء والحرائر! وتحالفوا مع كل قريب وغريب ممن يقتاتون على لحوم الضعفاء ويتنافسون على هدم العقائد والأصول!

وتضعف شوكة أهل الحق يومًا بعد يوم! وترتفع أعداد الشهداء والمصابين والمعتقلين والمطاردين والهاربين! وتزداد معهم أعداد المحبطين اليائسين، هالهم ما يجدون من استضعاف يصل إلى حد الاستئصال في بعض الأحيان!

ونفقة كل ذلك ماديًا ومعنويًا تزيد عن الطاقة تلقائيًا! وكلما اكتسبت حليفًا إضافيًا، كان ضعيفًا من جهة، وحل مكانه عدو جديد من جهة أخرى! ولا يبدو في الأفق حل قريب الأجل!

ورغم ذلك كله، نصبر أنفسنا بأن الله يمهل ولا يهمل. حاشا لله أن يضيع حقوق المظلومين! حاشا لله أن يترك من يحارب دينه بغير انتقام! حاشا لله أن يهمل دعوات الثكالى والأرامل والأيتام! حاشا لله ألا يستجيب لأنات المظلومين وذوي الحاجة والشدة وراء الأسوار! حاشا لله أن يضيع أجر المحسنين الذين لا يكسلون عن نصرة دينهم ويملأون الشوارع كل يوم حتى الآن! حاشا لله أن يرضى بفناء أهل الحق عن بكرة أبيهم كما يخطط أهل الباطل! حاشا لله أن يخذل دعوته وأهلها حتى إن وقعوا في أخطاء، فهم بشر يصيبون ويخطئون، يتعلمون الدرس ويدفعون ضريبته، لكنهم لا يفنون مقابل أخطاء هم ليسوا منزهين عنها كغيرهم!

أخي وأستاذي الحبيب، أنت قد انتصرت فعليا من ناحيتك! ألست في كفة أهل الحق ثابتًا؟! ألست تأبى أن تؤيد الباطل وأهله ولو بكلمة؟! ألست تسمو على أن ترضخ للقتلة ولو بشق كلمة؟! ألست تسهر الليل تدعو ربك أن ينصر الحق وأهله وأنت منهم بإذن الله؟! ألست تتألم وتبكي وينفطر قلبك كلما سمعت عن استشهاد شهيد أو اعتقال شريف أو تعذيب حر؟! ألست تهتم وتغتم وتتابع أخبار أهل الحق كل حين ولست منشغلًا عنهم؟!

أنت إذن وفي هذه الفتنة من أهل الحق. أنت إذن منتصر في نفسك وبذاتك. أنت إذن فزت فيما يخصك أنت ومن جانبك. أنعم الله عليك باتباع الحق رغم أن الملايين زاغت أبصارهم وعميت بصيرتهم! ألست إذن منتصرًا في أسمى معركة؟! بلى والله، أنت منتصر. أنت فقط تنتظر النصر الأكبر، نصر أهل الحق ودعوة الحق! انتظارك للفرج وثقتك في حتميته عبادة. وأثناء انتظارك، أنت تؤدي ما عليك وما يطلبه منك واجبك:

أولًا: أنت تحسن صلتك بربك وتقويها حتى لا تكون أنت نفسك سببًا في تأخير النصر على المستضعفين، وأحسبك كذلك ولا أزكيك على الله، تفعل وتداوم.

ثانيًا: أنت تربي أهل بيتك على الحق ونصرته والثبات عليه، وتغرس فيهم تمني الشهادة في سبيل الله، وأحسبك لا تكسل عن ذلك.

ثالثًا: أنت تعين أهل الحق بالدعاء لهم، والذود عنهم، ورد الشبهات التي يلصقها الفجار بهم، وتتابع أخبارهم ولا تنشغل عنهم بدنيا، فدنياك في يدك لا في قلبك، أحسبك كذلك ولا أزكيك على الله.

رابعًا: أنت لا تبخل عن المظلومين والمستضعفين واليتامى والأرامل ممن تعرفهم، فترسل إلى أهل بيتك أو أصدقائك من مالك ما ينفقونه على كل هؤلاء، بما تستطيع.

خامسًا: أنت تفكر في وسائل وطرق للخلاص من هذه الأزمة، وتقترح ذلك على من تحب وتثق فيه، وأنا على ثقة أنك إما فعلت، أو فكرت في ذلك وستفعل.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل