المحتوى الرئيسى

شمس محمود يكتب: الإسلام والظلم قراءة في حكم الديكتاتور 4-5 | ساسة بوست

07/31 22:32

منذ 1 دقيقه، 31 يوليو,2015

صال الامام ابن حزم وجال مع بعض ما طرحه اصحاب هذا الراي الذي ضرب الامه في مقتل منذ مئات السنين وجعلها تحت امره حكام ظلمه وفجره لم يتركوا منكرًا الا وفعلوه ولم يتركوا الامه في موقف تحتاج فيه النصره والعون الا كانوا اول من يخذلها، بل ويعين العدو عليها ولله المشتكي، وكان معهم وفي ركبهم ابدًا علماء السوء الذين ان حدثت احدهم فقلت له: ان الملك او الرئيس فلان قد سب الله ورسوله!!!

قال لك: له عذر فقد كان سكرانًا؟!!

فان قلت: فلماذا لا تقيم عليه حد السكر او تدعو لذلك؟!!

قال: له عذر ففيه شيء من جنون؟!

فلو قلت له: وهل للمجنون ولايه؟!!

اما لو قلت له ان هناك فئه من الناس سبت الحاكم واهانته لقالوا بصوت يعلوه غضب عارم مصحوب ببرق ونار: اقتلوهم ولو تعلقوا باستار الكعبه؟!!!

ولهذا قال الامام ابن حزم علي ملوك الطوائف في عصره الذين باعوا كل شيء من اجل ان يبقوا علي كراسيهم:

(واما ما سئلتم عنه من امر هذه الفتنه وملابسه الناس بها مع ما ظهر من تربص بعضهم ببعض فهذا امر امتحنا به نسال الله السلامه… وعمده ذلك ان كل مدبر مدينه او حصن في شيء من “اندلسنا” هذه اولها عن اخرها محارب لله ورسوله وساع في الارض بفساد للذي ترونه عيانًا من شنهم الغارات علي اموال المسلمين من الرعيه التي تكون في ملك من ضارهم واباحتهم لجندهم قطع الطريق علي الجهه التي ينقضون علي اهلها، ضاربون للمكوس والجزيه علي رقاب المسلمين مسلطون لليهود علي قوارع طرق المسلمين في اخذ الجزيه والضريبه من اهل الاسلام معتذرون بضروره لا تبيح ما حرم الله غرضهم فيها استدام نفاذ امرهم ونهيهم). (مجموع رسائل الامام ابن حزم)

وتابع في شن غاره جديده علي علماء السوء الذين يزينون للظالم كل فجر وسوء فقال:

(فلا تغالطوا انفسكم ولا يغرنكم الفساق والمنتسبون الي الفقه اللابسون جلود الضان علي قلوب السباع، المزينون لاهل الشر شرهم، الناصرون لهم علي فسقهم . فالمخلص لنا فيها الامساك للالسنه جمله واحده الا عن الامر بالمعروف والنهي عن المنكر، وذم جميعهم فمن عجز منا رجوت ان تكون التقيه تسعه وما ادري كيف هذا، فلو اجتمع كل من ينكر هذا بقلبه لما غلبوا).

ثم يتابع رحمه الله فيقول:

( فاما الغرض الذي لا يسع احدًا فيه تقيه فان لا يعين ظالمًا بيده ولا بلسانه، ولا ان يزين له فعله ويصوب شره ويعاديهم بنيته ولسانه عند من يامنه علي نفسه)، “اي من يامن انه لن يوشي به اذا اظهر هذه العداوه المستتره بستر الخوف”.

ويوضح الي اي مدي اصبح حال حكام زمانه بعد ان تكلم عن معاملاتهم المحرمه وبيوعهم وتجارتهم فيقول:

(كل هذا ما يقبضه المتغلبون اليوم، وهذا هو هتك الاستار ونقض شرائع الاسلام وحل عراه عروه عروه واحداث دين جديد والتخلي من الله عز وجل، والله لو علموا ان في عباده الصلبان تمشيه امورهم لبادروا اليها فنحن نراهم يستمدون النصاري فيمكنونهم من حرم المسلمين وابنائهم ورجالهم يحملونهم اساري الي بلادهم، وربما يحمونهم عن حريم الارض وحسرهم معهم امنين وربما اعطوهم المدن والقلاع طوعًا فاخلوها من الاسلام وعمروها بالنواقيس لعن الله جميعهم وسلط عليهم سيفًا من سيوفه). انتهي بتصرف ( رسائل ابن حزم الأندلسي ج3/173- 177)

ولا تظن انهم سيكفون عن غيهم الذي يدعون الناس اليه فلو انتهي سابقهم عن دعم الظالمين لما الت اليهم المهمه في كل عصر من عصور الانحطاط .

وتمسك البعض بحديث النبي صلي الله عليه وسلم الذي رواه الامام مسلم في صحيحه بسنده عن عباده بن الصامت رضي الله عنه قال:

دعانا رسولُ اللهِ صلَّي اللهُ عليه وسلَّمَ فبايَعْناه فكان فيما اَخذَ علينا، ان بايعْنا علي السمعِ والطاعهِ، في منشطِنا ومكرهِنا، وعُسرنا ويُسرِنا، واَثَرهٍ علينا وان لا ننازعَ الامرَ اهلَه . قال: “الا ان ترَوْا كفرًا بواحًا عندكم من اللهِ فيه برهانٌ”.

وهو ضمن ما تحدثنا عنه في السابق انه ليس المقصود ابدًا ان تنتظر الامه لتري حكامها يفجرون ويقتلون ويرتكبون كل محرم كبيره وصغيره وترضي بهذا حتي اذا اعلن الحاكم كفره او ارتكب ما يفيد الكفر البواح هنا تخرج الامه ووقتها لن تستطيع الامه ان تخرج او تغير، فكم من منكر راته ولم تاخذ علي يد الظالم وتمنعه من الظلم، بل المقصود هنا هو الصبر علي ائمه العدل والسمع لهم والطاعه (علي بصيره وليست طاعه بدون بصيره او طاعه هوجاء لمجرد ان يامر بها الحاكم حتي لو كان عادلًا) واذا رجعنا الي مفهوم كلمه الكفر البواح نجد انه يقصد بها المعصيه البواح او الاثم البواح!!!

فقد جاءت الروايه في صحيح ابن حبان كالاتي: (الَّا انْ تكونَ معصيهً للهِ بوَاحًا) وفي مسند احمد: (ما لم يامروك باثمٍ بواح). وفي هذا يقول الامام النووي في شرح مسلم: (ومعناهما: كفرًا ظاهرًا، والمراد بالكفر هنا المعاصي، ومعني عندكم من الله فيه برهان، اي: تعلمونه من دين الله تعالي).

وفي فتح الباري قال الامام ابن حجر رحمه الله: (ونقل ابن التين عن الداودي قال: الذي عليه العلماء في امراء الجور انه ان قدر علي خلعه بغير فتنه ولا ظلم وجب، والا فالواجب الصبر. وعن بعضهم لا يجوز عقد الولايه لفاسق ابتداء، فان احدث جورًا بعد ان كان عدلًا فاختلفوا في جواز الخروج عليه…).

وهذا يوافق الروايه التي رواها الامام الحاكم في المستدرك بسنده عَنْ اَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، عَنْ عُبَادَهَ بْنِ الصَّامِتِ، اَنَّهُ دَخَلَ عَلَي عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَقَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّي اللَّهُ عَلَيْهِ وَالِهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: “سَيَلِيكُمْ اُمَرَاءُ بَعْدِي يُعَرِّفُونَكُمْ مَا تُنْكِرُونَ، وَيُنْكِرُونَ عَلَيْكُمْ مَا تَعْرِفُونَ، فَمَنْ اَدْرَكَ ذَلِكَ مِنْكُمْ فَلا طَاعَهَ لِمَنْ عَصَي اللَّهَ”. وقال الحاكم: هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحُ الاِسْنَادِ، وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ  فهنا صريحه واضحه لا طاعه لمن عصي بل استنكر النبي صلي الله عليه وسلم استفهام ابن مسعود لما قال له: (يا رسول الله ان ادركتهم كيف افعل؟ قال: تسالني يا ابن ام عبد كيف تفعل؟ لا طاعه لمن عصي الله).

ومن المعروف ان المقدمات تدل علي النتائج وانه ابدًا لن يجن من الشوك العنب فمن استهتر باحكام الله ونقضها جهارًا نهارًا لم يكن ابدًا مؤتمنًا علي الحكم ولم تكن له طاعه ابدًا الا علي الوجه الذي بيناه في المقالات الثلاثه السابقه، وان الذي يستهتر فيعصي الله معصيه بواحًا لا شك انه رفع ثوب الحياء الذي بينه وبين الله اولًا ثم الذي بينه وبين الناس ثانيًا، فما بعد هذا الا ان يفعلوا كما فعل اسلافهم من قبل فيما روي بعضه الامام ابن حزم في رسائله وفيما سمعناه نحن ونسمع ونري في الماضي القريب والحاضر الكئيب الذي نسال الله ان يكتب لنا منه نجاه ومخرجًا، وهذا هو ما ربي عليه النبي صلي الله عليه وسلم اصحابه فقد روي الامام مسلم في صحيحه بسنده عن علي بن ابي طالب – رضي الله عنه- قال:

(بعث رسول الله صلي الله عليه وسلم سريه واستعمل عليهم رجلًا من الانصار وامرهم ان يسمعوا له ويطيعوا فاغضبوه في شيء فقال اجمعوا لي حطبًا فجمعوا له ثم قال اوقدوا نارًا فاوقدوا ثم قال الم يامركم رسول الله صلي الله عليه وسلم ان تسمعوا لي وتطيعوا، قالوا بلي، قال فادخلوها قال فنظر بعضهم الي بعض، فقالوا انما فررنا الي رسول الله صلي الله عليه وسلم من النار فكانوا كذلك وسكن غضبه وطفئت النار فلما رجعوا ذكروا ذلك للنبي صلي الله عليه وسلم فقال لو دخلوها ما خرجوا منها انما الطاعه في المعروف)، وما رواه الامام البخاري في صحيحه بسنده عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلي الله عليه وسلم قال: (السمع والطاعه حق ما لم يؤمر بالمعصيه فاذا امر بمعصيه فلا سمع ولا طاعه).

وان كان لا سمع ولا طاعه وكانت الامامه او الرياسه غصبًا وقهرًا او كانت ظلمًا بعد وعود بالعدل والانصاف او كذبًا بعد وعود بالصدق والامانه فالواجب السعي الي خلع هذا الحاكم بكل ما امكن الامه لان في بقائه خطرًا علي الامه نفسها في دينها ودنياها، والصبر عليه يعني ان يترك الامر لجذوره ان تمتد ولفجوره ان يعم الارض التي يحكمها ولم يكن للامه ابدًا ان تصبر الا صبر المغضب الكاره حتي اذا قدر ثار وهدم المنكر الذي امتد وتشعب والا فلا عذر لاحد عند القدره.

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل