المحتوى الرئيسى

كيف يواجه عقلك الأفكار المعارضة لاعتقاداتك المسبقة؟ - ساسة بوست

07/30 16:17

منذ 14 دقيقه، 30 يوليو,2015

ان الانسان بشكل عام دائما ما يتعرض لافكار صادمه له او علي الاقل لا تتسق مع معتقداته واتجاهاته الراسخه في ذهنه، فمن الصعب بعد الانفتاح الثقافي والتكنولوجي ان يتقوقع الانسان في التعرض للافكار التي تتسق مع ذاته، وليس من السهل ان يعيش بمعزل عن اي افكار مختلفه قد لا يتعرض لها.

وبعيدًا عن الافكار المختلفه مع اتجاهاته، قد تتناقض سلوكيات الانسان الظاهره مع معتقداته الداخليه، امور حياتيه يتعرض لها معظمنا او جميعنا.

وفي هذا التقرير نحاول تفسير كيفيه تعاطي الانسان مع هذه الامور وفقا لنظريه علميه واعلاميه تسمي “التنافر المعرفي” ثم نعرض من خلالها ايضا اوقات حدوث هذا التنافر، والطرق المستخدمه للتخلص منه، والاثار المترتبه عليه بشكل عام، وبالاخص دراسه تلك الاثار اذا ما ارتبط التنافر بقضيه سياسيه شائكه، وكيفيه الاستفاده من فهم تلك النظريه.

1- بدايه ما هي نظرية التنافر المعرفي؟

هو حاله من القلق والتوتر والشعور بعدم الراحه تنشا لدي الانسان عندما يتعرض لافكار متنافره ومختلفه مع معتقداته المسبقه، او عندما يكون هناك اختلاف وصراع بين معتقداته وسلوكياته الظاهره، و يؤكد ليون فيستنجر مؤسس النظريه انه دائما ما يدفع ذلك التوتر الانسان لاحداث تغيير ما في المعتقد او السلوك للحد من هذا التنافر، ويمكن تلخيص ذلك التعريف علي انه هو الموقف الذي يحدث فيه تصارع واختلاف في الافكار او الاتجاهات او السلوكيات، يدفع الانسان للحد منه.

وتتوقف درجه التنافر المعرفي علي عده عوامل منها: مدي ارتفاع قيمه الاعتقاد الذي نؤمن به، فكلما زادت قيمه ذلك الاعتقاد كلما زادت نسبه التوتر الدافعه للتخلص من التنافر الناتج عن تعرضنا لافكار مخالفه له، وفي هذا السياق يعد احد العوامل التي يتوقف عليها التنافر هو موقف التاييد الاجتماعي للاعتقاد الذي يؤثر فيه عدد ومكانه الاشخاص الذين نتفق معهم في الراي.

2- من اين جاءت النظريه؟ وما هي العوامل المؤثره فيها؟

علي كل حال يبدو ان العنب لم ينضج بعد !

هذا ما ردده الثعلب عندما ترك الشجره وما عليها من عنب كان هو في اشد الحاجه لاكله، بعدما ياس من الحصول عليه بعد قفزات متتاليه دون جدوي، وقال الثعلب ذلك ليبرر عجزه عن الحصول علي العنب.

استوحي “ليون” من هذه الاسطوره نظريه التنافر المعرفي، والمغزي الاخلاقي منها ان الانسان كثيرا ما يبرر عجزه وقراراته المعيبه بـ “الظروف” لا بتقاعسه وعجزه، لخلق نوع من الراحه النفسيه للحد من التنافر المعرفي وتانيب الضمير، وهو بذلك يُطوع رغبته الداخليه كي تتسق مع سلوكه، مثل الثعلب الذي انتقص من رغبته في العنب كي يتسق مع سلوكه بترك الشجره.

ويؤكد “ليون” ان هناك حاجه داخليه لدي الانسان للتاكيد ان المعتقد و الشعور الداخلي يتسق مع سلوكياته الظاهره، وفي كتابه “عندما تفشل النبوءه” كانت البدايات الاولي لتكوين النظريه، اذ ذهب “ليون” مع مساعديه الي طائفه دينيه ساد الاعتقاد بين اعضائها “بنبوءه” مفادها ان الفيضانات ستجتاح العالم وستدمر كل شيء ليكون 21 ديسمبر 1954 هو موعد نهايه العالم.

وذهب “ليون” مع فريقه البحثي ليحلل تصرفات اعضاء تلك الطائفه قبل ذلك التاريخ وبعده، فوجد ان الاعتقاد سائد ومتسع بشكل كبير عند الكثيرين هناك، لدرجه ان الناس بدات في ترك وظائفها والتخلص من ممتلكاتها تمهيدا لتحقق النبوءه في تاريخها المحدد.

ولكن جاء ذلك التاريخ ولم يحدث شيء، وبدلا من ان تترك تلك الجماعات افكارها الخرافيه، فسروا ما حدث علي ان قوه الخير جعلت اجَل العالم يتمدد، وربما يحصلون علي نبوءه اخري بميعاد جديد لنهايه العالم.

وهناك مثال اكثر شيوعا للتنافر المعرفي، يحدث في قرارات الشراء التي نتخذها علي اساس منتظم. معظم الناس يريدون الاحتفاظ بالاعتقاد بان يتخذوا قرارات جيده. وعندما يتبين ان المنتج الذي اشتروه بمرور الوقت كان سيئا، فان ذلك يتعارض مع معتقداتنا الموجوده مسبقا حول قدراتنا علي صنع القرار، ونلجا الي تبرير ودعم قرارنا “المعيب” لعوامل اخري ليست من بينها قدرتنا علي صنع القرار.

3- لماذا يقوم الانسان بافعال يعلم انها تضره؟

تتعدد الامثله والمواقف في هذا الاطار، فتقريبا كل المدخنين يعرفون الاثار الصحيه الخطيره الناتجه عن التدخين، ومع ذلك لا يقلعون عنه، والاكثر لفتا للانتباه ان بعض المدخنين هم من “الاطباء” الذين ينصحون المرضي بالتوقف عنه. لكن لماذا لا يقلعون عن التدخين اذا، لنحلل عناصر الصراع بشكل اكثر تحديدًا:

1- الاعتقاد الداخلي: ان التدخين مضر جدا بالصحه

2- السلوك الظاهر: الشخص لا يزال يدخن.

ويتحدث ليون عما يضعه الشخص المدخن من مبرررات ليستمر في التدخين برغم الضرر الناتج عنه، ليحد من التنافر المعرفي الناتج من اطراف الصراع، قائلا: ” لشخص الذي يستمر في التدخين بالرغم من ادراكه لخطره، يشعر بان التدخين ممتع جدا لدرجه تستحق التضحيه بالضرر الصحي الناتج عنه، يعتقد بان التهديدات الصحيه الناتجه عن التدخين ليست شديده الخطوره كما يعتقد البعض، يعتقد بانه حتي لو توقف عن التدخين سيزيد من وزنه وهذا يعادل الخطوره الصحيه للتدخين، وبذلك فالاستمرار في التدخين بعد كل هذه المبررات يتسق مع افكاره عن التدخين.”

4- كيف نحد من التنافر المعرفي؟

ويمكن بلوره السبل والوسائل التي يستخدمها الانسان للحد من التنافر المعرفي، في 5 وسائل رئيسيه:

1- التركيز علي الجوانب الداعمه لاعتقاده ومحاوله تجاهل الجوانب المتناقضه مع اعتقاده.

2- التقليل من اهميه الجوانب المتعارضه مع اعتقاداته.

3- تغييرالاعتقاد المتعارض لديه كي يصبح اكثر اتساقا مع الاعتقادات او السلوكيات الاخري.

4- اعاده النظر في الاتجاهات التي يتبناها الفرد.

5- التوقف تماما عن التفكير في الموضوع الذي يختلف مع اتجاهاته منعا للتوتر.

5- ما هي الاثار الناتجه عن سعي الانسان للتخلص من التنافر المعرفي؟

احد ابرز الاثار الناتجه عن سعي الفرد للتخلص من التنافر المعرفي، هو التوقف تماما عن التفكير في الموضوع الذي يختلف مع اتجاهاته منعا للتوتر ومحاوله نسيانه، وهو ما يمكن تسميته التذكر الانتقائي.

وفي القضايا الاعلاميه والسياسيه الشائكه، قد يلجا البعض لنظريه اعلاميه تسمي “التعرض الانتقائي” والتي تعني في مجملها ان الانسان يميل دائما للتعرض الي وسائل الاعلام التي تعرض وجهه النظر التي تتسق مع توجهاته ويتجنب التعرض لوسائل الاعلام التي تعرض وجهات النظر المعارضه له.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل