المحتوى الرئيسى

ماري إِستور.. شاعرة هولندية مهمومة بعذابات الإنسانية

07/29 12:18

وفي مجموعتها الشعريه التي تقع في 61 صفحه، تدخل الشاعره القارئ الي عالمها لتعلمه منذ البدايه بانه امام نص يخرج عن صمت اللغه، مثل كثير من القصائد التي تذكّر بالمناطق المنكوبه والمدمره، وتترك الاماكن مبهمه احيانا وتحددها في احيان اخري، مثل ذكرها قري في الهند او في الشرق الأوسط حيث مدن البترول التي تدور فيها وعليها حروب وصراعات، وتسقط وتعلو من اجلها انظمه وسياسات.

تثير اِستور في ديوانها اسئله متعدده حول مفهوم الاختلاف و"الخوف الوهمي" من الاخر الذي نختلقه في وعينا الذي شكّله الاعلام الممنهج، والذي يُبقي المواطن معزولا عما يحدث علي ارض الواقع في مكان ليس ببعيد عنه.

كما تقدم مشاهد توضح التهديد الذي يمثله تنظيم الدوله الاسلاميه والتدمير المستمر للبيئه، وغرق المهاجرين في البحر المتوسط، والمعامله القاسيه التي يتلقاها الانسان، ثم تصرخ قائله "هذا لم يعد مسرحا بعد اليوم".

ينقسم الديوان الي عده فصول هي "شهر العسل"، و"لا مسرح بعد" و"القضاه" و"الغشاء رقيق" و"الابواق"، وتقدم لوحه فسيفسائيه لرؤيه مغايره للغه الشعريه السائده في بلجيكا وهولندا تحديدا والتي تتسم بالانغلاق علي نفسها وعدم الانفتاح علي الثقافات الاخري، الامر الذي تمردت عليه اِستور مثلما فعلت في فصل "الابواق" الذي يتحدث عن العالم الغربي حيث تحمّله المسؤوليه عن الكثير مما يحدث في العالم، معلنه ان زمن الهيمنه الغربيه قد انتهي.

وتعبر استور عن تلك القضايا بلغه شعريه تتميز بها الشاعره مثل هذا المقطع الذي تقول فيه "من الطين، بين الحصي، جنبا الي جانب الجذور الكئيبه، علي ارض ملعب البحيره السوداء، مع طين القاع، هناك مخاض غاب عن الذاكره، بقايا عيدينا، اولئك الذين سخرنا منهم، ضحكنا عليهم، ادرنا ظهورنا لهم".

يتجلي موقف الشاعره الاخلاقي والسياسي فنيا وهي تلهث لرصد تفاصيل الوجع الذي لا تحتمله وتصف مشاهده، فنجدها تعبر عن حال المواطن الفلسطيني حين تقول ان "النوم شريط سينمائي، غير ان وميض المرايا وازيز الطائره الزنانه، تبقينا علي اقدامنا".

كما يظهر الوجع السوري في نفس الصفحه، حين تقول "رئه تلوّح في الريح، هنا تكمن امراه في حفره"، وتقول في مكان اخر من الديوان "منذ وقت ليس بعيدا، وُجِدت تحت هذا الجسر، وليده ميته وتسعه ايام من العمر".

لا تغيب الذاكره الاستعماريه عن الديوان الذي يتضمن شذرات تحكي الظلم والوجع الذي عاناه اناس اخرون بسبب شعبها، حيث تقول "وسط قفار من التجاعيد، وميض عينين قديمتين كما اثيوبيا"، او حينما تصف المجتمع الاوروبي في هذا المقطع "اعتقدنا دائما اننا ارباب العمل، نضحك علي السفهاء، معلقين علي الاكمام، احتفلنا، لكننا لم ننظف من خلفنا، الان..، في كل اتجاه، عبر هذه البلاد المتفجره، نخطو للامام، نرتدي الاحذيه المطاطيه، ومعطف الفرو الاصلي".

وفي الديوان تظهر ايضا الروح الانسانيه المعذبه التي تعيش صراعها مع واقع تتسارع وحشيته بقسوه، يتشابه شكلها ولا يختلف وقع الالم فيها، وتقول اِستور "لايام ما زلتُ انزف، انا كنت ثمره العليق البريه علي الاسلاك الشائكه، العق كل القطرات من علي الارض، التي كانت جاهزه لي لاتمكن من قراءتها، كنت العق غضبك والوحشيه، ابتلعها حيث تهضمها معدتي".

أهم أخبار متابعات

Comments

عاجل