محمد العربي المسّاري.. رحيل مفكر عصري
في بدايه السبعينيات اصدر محمد العربي المسّاري، الذي رحل اول امس السبت، كتاباً بعنوان «جدل حول العرب»، وربما لم يكن يعرف ان هذا الجدل سيستمر، بل وستشتدّ حدّته في ما بعد ليصبح الانسان العربي، سيما في لحظتنا الراهنه، الكائن الاكثر اثاره للجدل علي كوكب الارض.
قضي الراحل معظم حياته بين السياسه والتاريخ والادب، لكن هوايته الاولي كانت هي السعي الدائم للربط بين ضفتي المتوسط ثقافياً وسياسياً، والاعلاء من شان فكره التعايش الديني، منتقداً بالمقابل ما كان يسمّيه «الفهم العبيط للانفتاح». وقد قام خلال السبعينيات بتنسيق فريق مغربي اسباني يضم مثقفين من البلدين يعملان علي تقريب المسافه بين تاريخين وثقافتين علي ضفتي المتوسط عرفتا عبر التاريخ حالات من التنافر والتجاذب. كما اشتغل لاحقاً ضمن لجنه ابن رشد للحوار مع اسبانيا، وانضم للمجلس الاداري لمؤسسه الثقافات الثلاث للمتوسط التي يوجد مقرها باشبيليه. وكان من اكثر الوجوه الثقافيه والسياسيه دفاعاً عن تعدديه المغرب اللغويه والدينيه، كما كان شديد الايمان بقدره هذا البلد علي خلق جسور حقيقيه للتواصل بين العالمين العربي والغربي.
كان المسّاري كاتباً عاماً لاتحاد كتاب المغرب منذ منتصف الستينيات لثلاث ولايات، وبعدها كاتباً عاماً للنقابه الوطنيه للصحافه المغربيه، ورئيساً للجمعيه المغربيه للصحافيين الكتّاب بالاسبانيه، ونائباً لرئيس اتحاد الصحافيين الافارقه، وقد كان عضواً في لجنه تحكيم جائزه اليونيسكو لحريه الصحافه في ثلاث دورات. وشغل ايضاً منصب سفير بالبرازيل ومنصب وزير للاعلام نهايه التسعينيات في حكومه عبد الرحمان اليوسفي الاشتراكي المعروف الذي يحظي بالكثير من التقدير داخل وخارج البلاد.
ساهم المسّاري خلال الستينيات في تاسيس مجله «القصه والمسرح»، ومنذ تلك الفتره شرع في تاليف العديد من الكتب بالعربيه والاسبانيه، والبرتغاليه ايضاً، ومعظم مؤلفاته كانت ذات طابع تاريخي ونضالي: «معركتنا العربيه ضد الاستعمار والصهيونيه» بمعيه عبد الكريم غلاب وعبد الجبار السحيمي، «قضيه الارض في نضالنا السياسي منذ الاستقلال»، «مع فرح في الاغوار»، «صباح الخير للديموقراطيه للغد»، كما افرد كتباً عن تاريخ المغرب وعلاقاته بالبلدان الاخري مثل «المغرب بالجمع»، «المغرب باصوات متعدده»، «المغرب ومحيطه»، «المغرب الافتراضي في الصحافه الجزائريه»، «المغرب واسبانيا في اخر مواجهه». اضافه الي ابحاث اخري: «اسلاميات ادب المهجر»، «الاتصال في المغرب: من الفراغ الي المقدره».
Comments