المحتوى الرئيسى

الأمازيغية.. شرعية الثقافي واختلالات السياسي

07/26 21:00

لغه وطنيه ام لغات وطنيه؟

يعرف المغرب منذ عقود نقاشات تطال قضايا التعدد اللغوي والثقافي كان ابرز وجوهها بروز تيار ثقافي امازيغي ربط المطالب بقضايا خلافيه مثل الهويه ومكوناتها وانتهي الي المطالبه بجعل الامازيغيه لغه وطنيه ورسميه في دستور تتم المطالبه بجعله ديمقراطيا.

وقد ترتب عن ذلك تبني حركات مدنيه وسياسيه هذه المطالب، مما حوّل مسار موضوع الامازيغيه من الاطار الثقافي الي السياسي. ورغم ان الدوله ابدت مرونه كبري في التعامل مع الموضوع بماسسه الاطار الثقافي المحتضن للثقافه الامازيغيه عبر تاسيس المعهد الملكي للثقافه الأمازيغيه، فان حده المطالب تزداد اليوم بصوره راديكاليه.

وهذه المطالب قد تكون لها انعكاسات سلبيه ما لم تتم معالجه الموضوع برؤيه ديمقراطيه ضمن مشروع مجتمعي متكامل ومنفتح قائم علي الحوار الذي يجعل الوطن سقفا للاختلاف الذي لا ينبغي تجاوزه.

ان هذه الرؤيه هي التي تحكم تصورنا للموضوع ومناقشتنا له انطلاقا من المحاور التاليه:

نقصد به الصيغ المعتمده في تفعيل مطلب دستره الامازيغيه، والطرق التي تواكبه سواء من قبل الحركة الأمازيغية او الجمعيات الحقوقيه، والتي نسجل بصددها جمله ملاحظات:

1- لا يرتبط مطلب دستره الامازيغيه بتصور منهجي شمولي مقترن بتصور مجتمعي متكامل او بتعاقد جديد تتفاعل ضمنه مختلف المطالب الجزئيه.

كما ان منهجيه المطالبه والتدبير في المجال اللغوي بالمغرب لا تحقق ما نصطلح عليه بالديمقراطيه اللسانيه. صوره ذلك ان المغرب يشتغل باكثر من راس تشريعي لغوي، فالدستور يتحدث عن رسميه اللغه العربيه، والميثاق الوطني للتربيه والتكوين تحدث عن تعدد لغوي، والمعهد الملكي للثقافه الامازيغيه شرع لاختيار حرف تيفناغ وكان قراره ملزما للمغاربه، ولم يخضع للمسار الذي ينبغي ان يتحرك ضمنه كل تشريع والذي يضمن له صفه التشريع الديمقراطي الذي لا يمنح اللجان والمعاهد الصفه التشريعيه الملزمه.

2- تعتمد هذه الصيغ في العاده علي التعبئه من اجل المطالب وتغيب التعبئه عن الحلول، وهي منهجيه لها مخاطرها لانها تسمح بضياع بوصله التحليل وتغيب اليه التوافق والتفاوض بتبني اختيارات نهائيه في مجال نسبي بامتياز.

ذلك ان مجال الحقوق الثقافيه واللغويه هو مجال الشك التعريفي والمنهجي، ومجال النسبيات. ولذلك فان شق هذه الحقوق هو الشق الوحيد من حقوق الانسان الذي يتصدي لكل محاولات الاغلاق او اليقينيات الثابته.

مناقشه القضايا المصيريه والجوهريه كمكانه الدين في المجتمع ووضع اللغه والثقافه والعداله الاجتماعيه وغيرها من المواضيع تؤكد ان المبادئ والاسس التي قامت عليها منظومتنا المجتمعيه والسياسيه والثقافيه لم تعد كافيه ولا مقنعه ولا موضوع اجماع وطني

"يعيش المغرب اليوم نقاشا حول قضايا مصيريه وجوهريه تهم مكانه الدين في المجتمع ووضع اللغه والثقافه والعداله الاجتماعيه وتخليق الحياه العامه والمشروع التربوي المجتمعي، وغيرها من المواضيع التي تؤكد مناقشتها ان المبادئ والاسس التي قامت عليها منظومتنا المجتمعيه والسياسيه والثقافيه لم تعد كافيه، ولا مقنعه، ولا موضوع اجماع وطني واسع.

وان الاطر الثقافيه والرمزيه التي عشناها اصبحت منهكه وفي حاجه الي جرعات انعاش، او استبدال كلي حسب ما يمكن ان يقرره المغاربه، وليس فئه واحده منهم.

تبرز داخل هذا النقاش قضايا الهويه التي تتباين بشانها الاطروحات، اذ هناك من يعتبر ان الهوية الثقافية سابقه علي الهويه السياسيه وان الاولي معطاه والثانيه مبنيه.

وبالفعل فان الهويه السياسيه تبحث عن مرتكزها في الهويه الثقافيه، لان الهويه السياسيه ابنه اوضاع اكثر مما هي ذاكره فرديه او جماعيه ملزمه وضروريه.

من هنا فان الكثير من المفاهيم والمصطلحات التي تروج في الخطاب الامازيغي تحتاج الي تعميق نظري يستحضر الابعاد الاجتماعيه والسياسيه والنفسيه.. ويكفي ان نذكر مفاهيم مثل الشعب الامازيغي، وتقرير المصير، والعنصريه، والتمييز العنصري، والحكم الذاتي، والغزاه العرب.. وهي مفاهيم تروج لخطاب تقسيمي.

لان ذلك سيقود الي الحديث عن الشعب العربي والشعب الاندلسي والشعب الافريقي.. وهكذا يصبح المطلب مدخلا الي التجزيء والطائفيه القائمه علي اسس هوياتيه متخيله، ما دام الحديث عن هويه صافيه مجرد ضرب من الميتافيزيقا والخيال، بل ان المزايدات السياسيه دفعت البعض الي الارتماء في احضان اسرائيل والبحث عن الشرعيه بالحج اليها باعتبارها قبله بديله.

وفي ارتباط بموضوع الهويه تطرح المطالب تضمين الدستور بنودا تتعلق بنوع النظام الاداري ومكانه الدين وترسيخ الأعراف الأمازيغيه بشكل قانوني.

مثل هذه القضايا لا تحسم فيها المطالب فقط، بل تساهم في بلوره تصوراتها الاجتهادات المعرفيه، مع الانتباه الي ان الخطاب الامازيغي الذي يتبني قيم الحداثه يروج لخطاب القبيله ولخطاب سلفي، ما دامت السلفيه هي ذلك الفكر الذي يؤمن بان حلول الماضي صالحه لحل مشاكل الحاضر.

فالحديث عن الاعراف، مثلا، هو نوع من هذه السلفيه التي ترتدي لباس الحداثه، والباحثه عن مشروعيه اعاده قراءه التاريخ المغربي الحديث قراءه جديده تلغي مفهوم الظهير البربري باعاده الاعتبار لشرعيه الاعراف.

نقصد به الطبيعه الحقوقيه لمطلب الدستره الذي يستدعي الاجابه عن اسئله من قبيل: ما العلاقه بين ترسيم لغه ما وهويه المجتمع؟ وهل يعد ترسيم لغه ما تفعيلا لمبادئ حقوق الانسان؟ وهل يعد عدم ترسيمها خرقا لمبادئ حقوق الانسان؟

تتطلب الاجابه عن مثل هذه الاسئله استحضار تجارب دول اخري، او هيئات معترف لها بالمصداقيه والدفاع عن حقوق الانسان، كما يتطلب استحضار المطالب التي تقدمها الكثير من الحركات الامازيغيه.

لكن هذا الاستحضار من قبلنا مقيد بشروط نعتبرها اساسيه، ذلك ان المطالب حق مشروع يؤكد حيويه الحركات الاجتماعيه والمدنيه والسياسيه، وفي حالتنا فان المبدا يعني مشروعيه المطالب في جزئها الاجرائي باعتبارها اقتناعات لمواطنين مغاربه، لكن مضامين هذه المطالب هي اساس نقاشنا.

لا يمكن الجزم بالتعالق بين حقوق الانسان وترسيم اللغه, ورغم كل ذلك فان من حق كل مواطن مغربي ان يطالب بما يراه متجاوبا مع ما يعتبره في لحظه تاريخيه ما مكونا لهويته، لكن ذلك لا يعني ان المطالب ينبغي ان تبني علي حقوق الاخرين

"فقد انتقلت مطالب الحركات الامازيغيه من مطلب الاقرار بالهويه الي المطالبه بصفه اللغه الوطنيه وصولا الي المطالبه بصفتي اللغه الوطنيه والرسميه وعدم ادماج البعد الديني في نص الدستور.

لنقارب، اذن، مطلب ترسيم الامازيغيه في علاقته بالهويه اولا، ثم نتبع ذلك بالحديث عن علاقته بحقوق الانسان حيث نقدم طرحا يري ان مبدا ترسيم لغه ما لا يمت بصله الي الهويه وقضاياها، فالكثير من الدول التي اختارت لغاتها الرسميه لم تخترها بناء علي معيار الهويه، بل علي معايير الوظيفيه الاقتصاديه والاداريه والتواصليه والدوليه.

اما ربط الترسيم بحقوق الانسان ففيه الكثير من النظر، ويكفي ان نستحضر اختيارات الامم المتحده للتدليل علي ذلك، فالامم المتحده باعتبارها كيانا معنويا يضم هويات مختلفه هي الدول المنتميه اليها، والتي تفوق 190 دوله اختارت ست لغات رسميه ضمنها اللغة العربية الفصحى، استنادا الي معايير محدده مثل معيار عدد الناطقين بهذه اللغات او المعيار الوظيفي او المعيار الاقتصادي.

وهذا الاختيار لم يكن محل طعن في مدي تشبث الامم المتحده بحقوق الانسان، وهي صاحبه المواثيق الدوليه التي يحتكم اليها المقتنعون بالحقوق الانسانيه من ضمنها الحقوق الثقافيه واللغويه.

من الناحيه المبدئيه، اذن، موضوع ترسيم لغه ما لا علاقه له بالهويه وقضاياها، بل انه مرتبط بالوظيفيه، لان اللغة الرسمية هي لغه العمل.

ومن الناحيه العمليه، فان ترسيم لغه ما او عده لغات هو قضيه امكانات ماديه واقتصاديه ووظائف دوليه. ويمكن في هذا الصدد الاطلاع علي التجربه الكنديه او البلجيكيه.

ومن الناحيه الحقوقيه لا يمكن الجزم بالتعالق بين حقوق الانسان والترسيم. ورغم كل ذلك نقول بان من حق كل مواطن مغربي ان يطالب بما يراه متجاوبا مع ما يعتبره في لحظه تاريخيه ما مكونا لهويته، لكن ذلك لا يعني ان المطالب ينبغي ان تبني علي حقوق الاخرين.

اي ان فئه من المغاربه تطالب بحقوقها وتجعل جزءا من مشروعيه مطالبها مؤسسا علي الدعوه الي اغتيال جزء من مكونات الهويه المغربيه، والا فما معني احداث تقابل غير مسوغ بين العربيه والامازيغيه، وانتقاد العربيه بشكل فج يصل حد التجريح والتنقيص؟ لنترك هذه الاسئله التي تحمل مضمراتها ولننتقل الي مناقشه مطلب التوطين، اي المطلب الداعي الي جعل الامازيغيه لغه وطنيه.

لغه وطنيه ام لغات وطنيه؟

لا شك ان من بين القضايا الاساسيه التي ينبغي تداولها اليوم بشكل ديمقراطي وبانفتاح معرفي وافق وطني قضيه اللغه الوطنيه، حيث يتم الاقرار بوجود تعدد لسني بالمغرب يقوم علي وجود عربيه فصحي ولغه حسانيه ودوارج مغربيه وامازيغيات مغربيه هي تشلحيت وتريفيت وتمزيغت.

مع الاخذ بعين الاعتبار الحضور المهيمن للفرنسيه في دواليب الاداره المغربيه ومجال الاقتصاد الوطني، وحضور تواصلي للاسبانيه بشمال المغرب.

بدايه لنلاحظ ان مطلب جعل الامازيغيه لغه وطنيه في دستور ديمقراطي يستند الي جمله معايير ضمنها انها لغة الأم، ولغة آلةويه الامازيغيه.

لكن لنلاحظ ايضا ان هذين المعيارين ينطبقان علي الدوارج المغربيه، وعلي الحسانيه بامتياز، فالدوارج المغربيه هي لغات الام بالنسبه للكثير من المغاربه.

ولذلك لم يكن مستغربا ان نجد اليوم من يدعو الي جعلها لغات الاعلام الاولي، بل اننا نجد في بلد مثل مصر دعوات مماثله تدعو الي تاسيس معهد لدراسه العاميه المصريه، بل دسترتها ايضا.

ورغم ان الخلفيات الموجهه لهذا النقاش ذات ابعاد واهداف اخري، فاننا نقر بحق اصحابها في الدعوه الي ما يرونه معبرا عن وجهه نظرهم. اما الحسانيه فان وضعها باعتبارها لغه الام لا يجادل فيه الا معاند.

عندما نخصص الحديث عن الامازيغيه فاننا ننبه الي اننا ناخذها بصيغه الجمع، اذ نحن امام تعدد لسني تؤكده الامازيغيات الثلاث، وعندما نستحضر هذا المعطي يصبح الحديث عن ترسيم الامازيغيه في وضع محرج

"واذا اردنا ان نضيف معيار الجهويه، الذي يرد في بعض الخطابات الامازيغيه، سننتهي الي كون الجهويه تنطبق كذلك علي باقي اللغات الوطنيه. ولذلك فان مطلبي التوطين والجهويه ينبغي ان يستحضرا هذه الابعاد مجتمعه.

أهم أخبار متابعات

Comments

عاجل