المحتوى الرئيسى

التفاحة في الأساطير الشعبية: من آدم وحواء إلى آبل ماكنتوش

07/26 13:21

منذ قديم الزمان، امتلكت التفاحه سحراً وسراً. وكانت رمزاً للغوايه والمعرفه، وبوابه للحب والحرب. ويبدو انها كانت من اقدم الفواكه التي تعرف اليها البشر، اذ تُظهر البحوث العلميه ان تناول التفاح يعود الي العصر الحجري، وكان الانسان يحفظه في تلك المرحله عبر تقطيعه وتجفيفه بتعريضه للشمس.

وقد دخلت التفاحه عالم الاساطير، وكان اول ظهور مؤسطر للتفاحه في المرويات الاغريقيه. اسست هذه المرويات صوره التفاحه كبوابه للغوايه والحب والحرب. ووفق الاسطوره، دُعيت هيرا واثينا وافروديت الي عرس ثيتس ولم تُدعَ اليه ايريس (الهه النزاع)، فغضبت وقررت بث الفرقه والنزاع بين الالهات الثلاث، ووضعت تفاحه ذهبيه كُتب عليها (للاجمل)، لتختلف الالهات الثلاث حول مَن منهنّ الاجمل.

ولحل النزاع قرر زيوس اللجوء الي تحكيم اجمل البشر من الرجال، وكان هذا الرجل هو باريس ابن ملك طرواده. وللتاثير علي قراره، اغرته هيرا بالسلطه، ووعدته اثينا بالحكمه والمجد، وقالت له افروديت انها ستهبه اجمل نساء الارض، ففضل الاخيره واعطاها التفاحه ليغضب بذلك الربتين الاخريين.

حققت افروديت وعدها لباريس، واخذته الي طرواده من جديد، وقدمته الي اهله الذين ابتهجوا بعودته اميراً. ولتوفي دينها ارسلته الي اسبارطه، فاستغل غيبه ملكها منيلاوس واغوي زوجته هيلين التي فاقت كل نساء الدنيا جمالاً، وهرب بها الي طرواده. انقسمت الالهه فساعد بعضهم اليونانيين وساند بعضهم الاخر الطرواديين، وكانت المعركه الشهيره.

وجاءت الميثولوجيا الدينيه المسيحيه لتخلق صوره لثمره شجره معرفه الخير والشر التي كانت محرمه علي ادم وامراته حواء. فصارت التفاحه رمزاً لهذه الثمره المحرمه، برغم ان كتاب العهد القديم لا يُظهر صوره لهذه الثمره. ففي سفر التكوين جاء: "قإل ألرب الاله هوذا الانسان قد صار كواحد منا عارفاً الخير والشر. والان لعله يمد يده وياخذ من شجره الحياه ايضاً وياكل ويحيا الي الابد. فاخرجه الرب الاله من جنه عدن ليعمل الارض التي اُخذ منها".

وما ثبّت صوره التفاحه كثمره محرمه في المثيولوجيا المسيحيه هم رسامو عصر النهضه الذين رسموا حواء ممسكهً تفاحه، وهو ما يعكس تاثرهم بالمرويات الاسطوريه اليونانيه. هكذا حضرت تفاحه باريس وافروديت بين حواء وادم.

التفاحه الثالثه التي تحتل مساحه من الخيال الشعبي هي التفاحه التي اكلتها بياض الثلج ودخلت بسببها في سبات عميق. كانت التفاحه في هذه القصه السلاح الذي استخدمته زوجه ابيها الساحره للتخلص منها لتبقي اجمل امراه علي وجه المعموره. واذا كانت التفاحه الاغريقيه اداه لتحديد اجمل امراه بين الالهات فانها صارت في قصه بياض الثلج اداه للتخلص من اجمل امراه علي وجه البسيطه.

وتعيد هذه القصه سرد المرويات المتعلقه ببدء الخليقه مره اخري من خلال الامير الشاب الذي اعاد الحياه لبياض الثلج بقبله علي فمها، بما يشبه نفخ الروح في ادم.

التفاحه الرابعه التي شغلت عقول البشر هي تفاحه نيوتن، تفاحه الجاذبيه، تفاحه الاكتشاف والمعرفه، وهي التي فتحت باباً واسعاً في الفيزياء الكلاسيكيه التي ظهرت علي يد اسحق نيوتن.

ادعي نيوتن انه اكتشف الجاذبيه حين كان يجلس في حديقه وراي تفاحه تسقط علي الارض، وسال نفسه لماذا تسقط التفاحه الي الارض ولا ترتفع الي السماء، وحينذاك اكتشف ان للارض جاذبيتها.

اعاد نيوتن بناء الميثيولوجيا عبر بوابه المعرفه بمثلث (التفاحه، السقوط، الارض). فبدلاً من ان تكون التفاحه رمزاً لسعي الانسان للخلود الجسدي، صارت رمزاً للمعرفه الخالده، اذ قبل الانسان باستبدال خلوده هو كفرد بخلود المعرفه التي ينتجها فيصير خالداً بمعرفته لا بذاته. ونيوتن واحد من الخالدين بعلمهم لا بجسدهم، وكان تمثيلاً لاسطوره التفاحه والمعرفه والخلود.

التفاحه الخامسه التي نراها يومياً، هي تفاحه مقضومه. انها تفاحه أبل ماكنتوش، الشركه التي بناها ستيف جوبز المطرود من نعيم ابيه الذي انجبه من علاقه خارج اطار الزوجيه، ونفاه خارج ملكوته. هذه التفاحه المقضومه صارت رمزاً لواحده من ابرز الشركات التي تُعني بالمعرفه والتطور والتكنولوجيا، معيده احياء العلاقه بين المعرفه والتفاحه الوارده في الاساطير القديمه.

واذا كانت التفاحات الخمس السابقه تمسك بتلابيب الاسطوره من جانب او اكثر، فان التفاحه الممثله لكل اسطوره التفاح هي ارض المعرفه والشهوه والشهره والحرب والموت والجنون والمال. انها مدينه نيويورك الامريكيه المعروفه بلقب "التفاحه الكبيره".

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل