ليالى قريش.. الليلة 92

"قل هو الله احد، الله الصمد، لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفوا احد" دي سورة الاخلاص، او الصمديه، وفيها اساس التوحيد وعموده الفقري، ان الله هو الاحد، اللي ماجاش نتيجه انه اتولد، ولا له اولاد، ومفيش حاجه كفء ليه، يعني مفيش حاجه تساويه.

الفكره دي هي اساس التيار التوحيدي كله، ولما هنيجي لقس بن ساعده الايادى، هنلاقيها محور افكاره، ومن اقوال قس المعروفه: "بل هو المعبود الواحد * ليس بمولود ولا والد".

لكن الصمديه بنصها القراني مش معروف اذا كانت مكيه ولا مدنيه، فيه ناس بتقول مكيه ابرزهم ابن مسعود، وناس بتقول مدنيه ابرزهم ابن عباس، وفيه ناس بتربط بينها وبين خالد بن سنان، زي الربط بين زيد بن عمرو والفاتحه.

الربط ده هنلاقيه في موضعين، الاول في روايه عند هشام بن الكلبي، لما بيحكي عن معجزات خالد، فبيقول انه لما كانت المطره تقل، والجدب يشتد ببني عبس، كان خالد يطلع يروح عند صخره معينه، ويحط عليها هدومه، فالمطره تنزل، واول ما يشيل هدومه عن الصخره، المطر يقف، والسحب تمشي.

قومه الحوا عليه في فهم الحكايه، فراح خدهم المكان اللي بيحط عليه هدومه، وطلب منهم يحفروا، فحفروا، طلعوا صخره مكتوب عليها: "قل هو الله احد..... "الي اخر السوره.

طبعا، الحكايه دي ممكن رفضها جمله وتفصيلا، فلا ابن الكلبي معاصر لخالد بن سنان، ولا الحكايه منطقيه ولا مقبوله، وممكن قبولها اذا اقتنع اللي بيستقبلها بامكانيه وجود انبياء قبل النبي، علي اعتبار ان القران ما عملش حصر باسماء الانبياء، بل نص صراحه علي ان فيه انبياء مش مذكورين فيه.

وممكن قبولها بمنطق ان القران موجود من الازل، والروايه مش بتقول ان الايات تنزلت علي خالد، وانه ايه يعني لما صخره في الصحرا مكتوب عليها ايات القران، زي الشجره اللي مكتوب عليها لا اله الا الله، والطمطمايه اللي عليها لفظ الجلاله.

خلينا في الموضع التاني، وده مذكور مثلا عند ابن حجر العسقلاني، وابن حجر هو اشهر واهم شارح للبخاري، في كتاب ضخم جدا مكون من 15 مجلدا، اسمه "فتح الباري"، ابن حجر له موسوعه جمع فيها كل اللي يعرفه عن الصحابه، ووسع المفهوم شويتين، اسمه "الاصابه في تمييز الصحابه".

في كتاب "الاصابه" ابن حجر بيقول ان النبي استقبل بنت خالد بن سنان، فسمعت عند النبي "قل هو الله احد"، فالبنت قالت: "كان ابي يقول هذا".

طبعا ممكن كمان التشكيك في الروايه دي برضه، وممكن قبولها من اي باب زي ما قلنا، كل ده مرتبط بالعقيده وبتاويلك للعقيده، وده مش موضوعنا.

المهم بالنسبه لنا ان خالد بن سنان واحد من التيار التوحيدي اللي ظهر في الجزيره العربيه، ما بين وفاه عبد المطلب وبدايه الدعوه للاسلام في مكه محدش بينكر وجود خالد، ومحدش بينكر توحيده، الخلاف حوالين طبيعته، والكلام الاكتر انه كان راجل صالح "وله كرامات" علي اساس ان الكرامه غير المعجزه طبعا.

احنا هنا شخصيا شايفين ان الحكايات اللي اتقالت عنه فيها مبالغات كتيره، ومش مستريحين لنسبه الصمديه له، مع دهشتنا من قبول الرواه لحاجات زي دي، لكن شايفين اننا فقدنا سيره حركه كان ممكن تبقي مهمه في الجنوب، خصوصا من الناحيه السياسيه والاجتماعيه.

لسه حركه الموحدين العرب فيها رجال