المحتوى الرئيسى

«نادي الشرق» السعيد في كازينو الدراما النظيفة

07/17 00:40

خلطه السوق والسياسه والدراما واضحه في «العرّاب ـ نادي الشرق»، اذ اختار كل من مخرجه حاتم علي وكاتبه رافي وهبي خلاصه سينما العصابات والجريمه لصناعه مسلسل تلفزيوني. خيار ذكيّ، وموائم لسوق العرض الجديده، لكنّه وقع في مفارقه شطب مدن سوريه بالكامل عن خريطه الاحداث، عبر كوادر ضيّقه زوّرت المكان، فيما استنفدت عشرات المشاهد المصوره مدينتي دبي وبيروت كمكانين متاحين امام المخرج.

بالدخول اكثر الي الماده الاساسيّه التي عوّل عليها «العرّاب ـ نادي الشرق» نطل علي شخصيات رئيسه لا نعرف لها اسماءً سوي القابها وكناها: ابو عليا، ابو موسي، ابو مصعب، ابو وائل، ابو اياد... وسواها من الكني والالقاب التي تهدينا مباشرهً الي شطب الاسماء الخاصه بهذه الشخصيات وجعلها مفتوحه علي الاسقاط السياسي. كما هو معروف، فانّ الكِني في الثقافه العربيّه هي نوع من التعظيم والاخفاء، لكنها في «نادي الشرق» ليست كذلك وحسب، بل هي تعمل عملها مباشرهً في صناعه الشرّ، والاطلاله اكثر فاكثر علي واقع عائله حاكمه ذات طابع مافياوي، لتشير مباشرهً الي تجريم طبقات بعينها. رؤيه غير متوازنه من جهه تقديم هذه الشخصيات علي انها ذات منشا ريفي، كما هو واضح من مشهد العرس المطوّل الذي افتتح به المسلسل حلقاته. يبدو ذلك اكثر استفزازاً علي الشاشه، واكثر لعباً بحقيقه الوقائع التي تبرّئ في «عراب» حاتم علي طبقات البرجوازيه والتجار والاقطاعيات الريعيه الموجوده داخل المجتمع السوري، واحاله جريمه بحجم بلاد الي طبقه من فلاحين وصلوا الي مكاتب النفوذ والسلطه فدمّروا البلاد، واغتصــبوها عبر شبكات البغاء والتهريب وحــكم الموانئ والصحف المسخّره لمصالحهم. يبدو العمل كانّه يحيل بلاء السلطه علي طبقه تبدو وكانــها غريــبه عن مجتمعها، يحكمــها ابناء العم وبناتــه من دون اي اشــاره واضحــه لبقيه الطبقات الــتي ساهمت في صعود هذا النوع من حكام المكاتب وسكان القصور وساهمت في نهب المال العام وتطبيق «البزنس» بمباركه رجال الشرائع والعمامات.

العمل مكتوب بطريقه مشوّقه للغايه، نجح في تصعيد ثلاث حبكات دراميه، فمن حبكه التمهيد والتعريف بالشخصيات وتمايزها عن سواها داخل الكادر، الي حبكه المواجهه التي تتفرَّع لصراعات بين افراد عائله ابو عليا ـ اولاده وبناته وفروعهم في اخوته وابنائه ـ وبين خصوم ابو عليا وحراسه وكلابه، جنباً الي جنب مع قصه الكاتب نورس (حاتم علي) وتلك العلاقه الساحره التي تنشا بينه وبين الابنه الصغري لابي عليا لونا (ريم نصر الدين)، ووالدته (مني واصف)، واخته (نور احمد)، وزوجها رجل الامن (اندريه سكاف)، وما انتهي اليه حال الكاتب والروائي الذي يسكن في الكباس، الحي العشوائي علي اطراف دمشق، والذي عّوضه المخرج بمشاهد في شوارع مشابهه علي اطراف بيروت.

هذه المواجهه بين كاتب وابنه سلطان كانت الاقوي في العمل، وخلَّصته الي حدٍ بعيد من التنميط والقياس علي «عراب» ماريو بوزو وفرنسيس كوبولا، بل تخطته في كثير من الاحيان الي شخصيات ذات حضور انساني طاغٍ، ليكون بمثابه المقاربه الوحيده بين عالم الفقراء والهامش، وبين عالم الاغنياء وجبروت السلطه. اذ ينتهي الاستاذ الجامعي والروائي نورس وراء قضبان معتقلات ابو عليا وابنه قيصر (باسم ياخور)، علي خلفيه اختباء لونا في بيته. فيما لمعت مني واصف من جديد في دور ام نورس وباداء عالي النبره، جعل من نشيج الام واستغاثاتها المحمومه علي ابواب قصور وسيارات وحراس قصور ابو عليا مجابهه مؤثره وكاشفه عن عدميه السلطه وعماها.

بالمقابل برز لـ»عراب ـ نادي الشرق» كمحاكاه ناقصه عن الصهاره الاجتماعيه السوريه التي مهدت للانفجار. وظّف مخرج العمل وكاتبه في ان اشارات عديده للاسقاط مباشرهً علي طبيعه السلطه (زي حراس قصر ابو عليا مثالاً)، بينما شطب المجتمع السوري برمته، سواء في التناول الدرامي لمعظم الشخصيات التي تنتمي الي «العائله الحاكمه»، او حتي من جهه التركيز علي كازينو السياسه والارباح والشركات العابره للجنسيات. ولهذا تظهر الدراما هنا معقّمه تماماً من اي حضور لقوي المجتمع وتنويعاته وتعدد اصواته، مكتفيهً بكواليس القصور ومؤامرات المال وسهرات البوكر.

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل