المحتوى الرئيسى

40 عاماً من الكفاح النووي: إيران تنتصر

07/15 09:15

الايرانيون بقوه المثابره والصبر، ومن باب العمل الدؤوب طيله اربعه عقود، تسارعت في الالفين بشكل خاص، دخلوا اخيراً نادي البلدان النوويه رسمياً، وباعتراف الدول الكبري، ورغماً بالاحري، عن الفرنسيين والبريطانيين بشكل خاص والاميركيين.

ويبدو ان مهله دخول الاتفاق النووي في فيينا مرحله التطبيق، بعد 90 يوماً من التصديق عليه في مجلس الأمن الدولي، كما قالت مصادر غربيه، تعكس حسابات باحتمال سقوطه في التجاذبات داخل الاداره الاميركيه، والحرب التي سيواجهها في الكونغرس لاسقاطه، علما ان مجلس الامن سيجتمع خلال اسبوع او عشره ايام للتصديق علي الاتفاق، يبدا بعدها العد العكسي لنفاذه، من دون ان يكون الاعلان عنه ملزما للاداره الاميركيه، التي ستنتهز المهله لاستكمال الاجراءات الدستوريه للتصديق عليه، ومن دون ذلك سيبقي اتفاق فيينا حبراً علي ورق، لانه كان معرضاً للسقوط من دون تعهد الرئيس الاميركي باراك اوباما باستخدام حقه الدستوري بنقض تصويت مجلس الشيوخ.

وجلي انه لم يكن كافياً ان يتوصل المتفاوضون في فيينا الي الاتفاق، وان مصير الاتفاق الفعلي ينتظر جلاء المعركه التي تنتظره في ايلول المقبل في مجلس الشيوخ الأميركي، وان ما جري لم يكن سوي جوله اساسيه للحل، ولكن خيارات تعطيل الاتفاق لا تزال قائمه.

والارجح الا يري الاتفاق النور قبل مطلع الخريف المقبل، اذ يعود الكونغرس من عطلته مطلع ايلول، وعندما تنتهي مهله الثلاثين يوماً التي سيستغرقها الكونغرس للتصويت ورفض الاتفاق حسب التوقعات، ستضاف اليها مهله الايام العشره التي يحق لاوباما خلالها نقض التصويت المعارض.

وتتوقع مصادر غربيه ديبلوماسيه ان يعمل اللوبي الاسرائيلي والسعودي ما بوسعهما، وان يبذلا كل جهد ومال لمنع تمرير الاتفاق. وهناك احتمال ان يعمد المحافظون في ايران، كما تتحدث مصادر غربيه، الي محاوله اسقاط الاتفاق خلال التصويت عليه، لانه يتعارض مع الاطر والقوانين التي صوت عليها مجلس الشورى قبل عشره ايام، مع ترجيح ان يقف مرشد الجمهوريه الاسلاميه ايه الله علي خامنئي علي الحياد، والمراهنه ربما ان يتولي الاميركيون اسقاطه. ورحب الرئيس الايراني حسن روحاني بالاتفاق، مؤكدا ان ايران «حققت كل اهدافها»، وان الاتفاق سيفتح فصلا جديدا من التعاون مع العالم بعد سنوات من العقوبات، معتبراً ان النتيجه «المرضيه للجميع» ستحد تدريجيا من انعدام الثقه المتبادل.

اتفاق سياسي مركب، مع خمسه ملحقات و158 صفحه، و37 بنداً اساسياً. وهو اتفاق سياسي نافذ بعد 90 يوماً بعد تصديق مجلس الامن عليه، او ما يتفقون عليه من تاريخ للنفاذ، لتوسيع هامش المناوره في عمليه تبنيه وطنياً، ولا سيما الولايات المتحده، وهو ليس بمعاهده تتطلب توقيعا.

الاختيار مهم جداً، اميركيا وايرانياً. لان الكونغرس وحده يملك صلاحيه ابرام المعاهدات او التصديق عليها، وهو ما كان سيهمّش دور اوباما في اي عمليه تفاوضيه. كما انه اجراء ينبئ عن القرار الرئاسي الاميركي المتخذ منذ منعطف اتفاق جنيف في تشرين الثاني العام 2013، بالذهاب نحو اتفاق مع ايران، وشل قدره الكونغرس التعطيليه.

ورغم ان الاتفاق بات واقعاً، الا ان اشتراط مهله 90 يوماً من التصديق عليه في مجلس الامن، يطرح مشكله في تاخيره لرفع العقوبات عن ايران، وتحرير الارصده المجمده، كما انه يضع الاتفاق تحت رحمه التجاذبات.

الانجاز الايراني غير المسبوق في دوله متوسطه، لم يجر في الخفاء، وانما خلال اكثر من عقد من المفاوضات، تقدم الايرانيون خلاله بعده ضمت 148 طارده بدائيه لتخصيب اليورانيوم الي 20 الفا منها متنوعه، ومنشات متقدمه، اهمها مفاعل «اراك» العامل بتكنولوجيا المياه الثقيله. وما لن يستطيع الاتفاق انتزاعه من الايرانيين ليس المنشات، التي جري تخفيض نشاطاتها بقوه لتقتصر علي «نتانز»، بعد تعطيل «فورود» و «اراك»، ولا الطاردات المركزيه التي ستعمل منها فقط النماذج الاقدم ولن تتجاوز الخمسه الاف وستين طارده، ولكنه القاعده البشريه العلميه الواسعه، والتي اصبحت ثروه وطنيه ايرانيه تضم اربعه اجيال متتاليه من العلماء والخبراء.

اتفاق فيينا عباره عن لائحه طويله من الممنوعات النوويه وتحريم السلاح النووي. ربع قرن من الرقابه الدوليه علي استخراج اليورانيوم وطحنه لتحويله الي «الكعك الاصفر اليورانيوم 238» الماده الاساسيه التي يجري تصنيعها في الطاردات المركزيه وتخصيبها، لمراقبه ومعرفه الكميات التي قد تنتجها ايران، مع محاصره البرنامج من الخارج، والزام الدول التصريح عن اي تبادل مواد او تكنولوجيا نوويه مع ايران، وابطاء للبرنامج في فرعيه الاساسيين: اليورانيوم المخصب عبر الطاردات المركزيه، او البلوتونيوم المصنع بالتفاعل في مياه «اراك» الثقيله.

الطريق عبر اليورانيوم الي القنبله المحتمله ضيقت 20 عاماً من مراقبه صناعه ايران للطاردات المركزيه، و15 عاماً من منع تخزين اكثر من 300 كيلوغرام من اليورانيوم المخصب بنسبه 3.67 في المئه في ايران، والزامها بيع الفائض، وعدم تخصيب ما يتجاوز الـ3.67 في المئه، وعشره اعوام من القيود علي تطوير اليورانيوم المخصب كميه ونوعاً، و8 اعوام من حظر تطوير اي نماذج جديده من الات تخصيب اليورانيوم، وقيود اضافيه علي انتاج او تطوير صواريخ قادره علي حمل شحنه نوويه، من بينها حظر اجراء تجارب حقيقيه او حاسوبيه علي نماذج من هذا النوع.

المهل تبدو طويله، ولكن النشاط الحقيقي لن يتباطا اكثر من ثمانيه اعوام، يبادر بعدها الايرانيون بموجب الاتفاق الي استعاده الحق تدريجيا باستخدام نماذج متطوره من الطاردات المركزيه، من طراز ايران 4 و5 و6 و7 و8، ستخزن حتي ذلك الحين في «فوردو». وخلال التجارب لن يكون بوسع الايرانيين تزويدها بالمحركات، لمنعهم من العوده بسرعه الي الانتاج فيما لو قرروا الخروج من الاتفاق، والذهاب نحو خيار السلاح النووي في ظروف اقليميه ودوليه مختلفه.

طريق البرنامج النووي بالبلوتونيوم ايضاً جري تضييقها 15 عاماً، من حظر اقامه اي منشات نوويه اضافيه كمنشاه «اراك» بغرض انتاج البلوتونيوم، والمفاعل الاحدث سيتعرض لعمليه تعديل في قلبه، وتصميمه بحيث ينخفض من 100 ميغاوات حراريه حالياً الي 20 ميغاوات، وسيجري تضييق مساحه منصته الداخليه بحيث لا يتسع لكميات كبيره من اليورانيوم، وتضطر المهندسين الايرانيين، حتي في حال الخروج من الاتفاق الي ابقاء اليورانيوم سته اشهر، قبل تحويلها مجددا الي بلوتونيوم قابل للتصنيع العسكري.

ان مجموع هذه الاجراءات، معطوفه علي مهله السنه الاجباريه لايران كي يسمح لها بالخروج من الاتفاق، ستحد من قدره الايرانيين علي صناعه سلاح نووي، خلال مهله العام الضروريه المقدره لذلك، وهي مهله ضروريه للاميركيين والاوروبيين، كما يعتقدون، لفرض عقوبات والتوافق علي تنظيم رد منسّق.

المهل اختيرت، ليس لوضع قيود طويله المدي علي البرنامج النووي والمنشات فحسب، وانما لتحطيم القاعده العلميه البشريه الايرانيه، حيث يحتاج بناء كل صف جديد من العلماء الي 15 عاماً من التكوين والخبره والتجارب.

التنازلات الكثيره التي قدمها الايرانيون حفظت، مع ذلك، نواه البرنامج النووي الايراني، وقدرته علي الانطلاق بسرعه خلال ثمانيه الي عشره اعوام. ويواصل الايرانيون تجارب علي نماذج متطوره، ولكن محدوده لانتاج اليورانيوم، وتدريب علمائهم، والحفاظ علي البنيه التحتيه. كما انتزعت حق ايران بتخصيب اليورانيوم، وهو حق ساجل فيه الايرانيون طويلاً، من خلال تفسيرهم المبتكر لاتفاق التعاون مع وكاله الطاقه الدوليه. كما ان العوده الي عقوبات تلقائيه، اذا ما خرقت ايران الاتفاق، تعرضت لتحديد واسع وتعطيل، عبر انشاء لجنه للتحكيم، ومراقبه تنفيذ الاتفاق تعيدها الي مجلس الامن وتطرحها مجددا علي التصويت.

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل