المحتوى الرئيسى

من ألف سنة فى مصر: سماط عيد الفطر

07/14 11:42

جاء المعز لدين الله الفاطمي الي مصر ودخل القاهره بعد ان شيدها قائد جيوشه جوهر الصقلي في يوم الثلاثاء السابع من رمضان لعام 362 هجريا الموافق لعام 982 ميلاديا تقريبًا.

ومن يقرا تاريخ الفاطميين يكتشف انهم اصل لكل انواع الاحتفالات الدينيه في مصر.. بما فيها ارتباط صناعه الحلوي في كل المناسبات الدينيه.. مثل مولد النبي وعاشوراء وحلوي رمضان بانواعها.. وكان الخليفه المعز يامر بمد السماط من اليوم الرابع من رمضان الي اليوم السادس والعشرين ويستدعي القضاه والامراء وكبار رجال الدوله ورجال الجيوش.. وكان يهتم بنفسه بالسماط اهتمامًا عظيمًا ويباشره بحيث لا ينقص السماط شيء من الاصناف الفائقه والاغذيه الرائقه من الماكولات.

وبالمناسبه "السماط" هو ما يمد ليوضع عليه الطعام في المادب.. وبمفهوم هذه الايام ممكن اعتباره مثل مائده الرحمن، وكان السماط يمد في طول القاعه في القصر الكبير ويقوم الفراشون بخدمه الحاضرين والامراء ويحضرون "الماء المبخر" في كيزان الخزف ثم يقوموا الي السماط وبعد الانتهاء من الاكل يوزع باقي السماط علي اهل القاهره وياخذ الرجل الواحد ما يكفيه وربما ما يكفي لسحوره وعائلته.. ويحكي احد شهود العيان الذي حضر سماط عيد الفطر عام 380 هجريا تقريبًا في ايام العزيز بالله ابن المعز لدين الله قال "ابن الطوير" علي السماطين الذين يحضرها الخليفه في عيد الفطر.. السماط الاول – بالليل وكان طوله 300 ذراع والعرض 7 اذرع وهو سماط مليئ بانواع الحلوي من "الخشكنان" و"الفانيذ" و"البسندود" و"الترنجبين"، وهو نوع من المن الابيض، والخشكنان، المن الاخضر.. وكل هذه الاصناف كانت تصنع في دار الفطره.

وبعد صلاه الفجر يدعو الخليفه الناس لسماط الحلوي هذا ويتجمع المدعوين وياخذ كل واحد له ولاهله ثم يدخل موظفون القصر لياخذوا نصيبهم ومع طلوع الشمس يركب الخليفه ويخرج في موكب فخم من "باب العيد"، احد ابواب القصر الكبير الي المصلي.. ويركب مع الخليفه الوزير.. ويسير الموكب الهائل الفخم الي "مصلي العيد" او "رحبه العيد" وهي مساحه قد وضعها جوهر الصقلي في تصميمه للقاهره.. والمعز نفسه صلي بالناس في اول عيد فطر حضره في مصر وبعد ان فرغ من الصلاه بالناس صعد الي المنبر وسلم علي الناس الموجودين وكان معه علي المنبر "جوهر القائد" وعمار بن جعفر.. وخطب المعز وابلغ وابكي الناس وكانت خطبه كلها خشوع وخضوع.

وفي اثناء الصلاه تعد القاعه مره اخري للسماط الثاني والذي يبدا بعد ركوب الخليفه في الموكب الرائع والعسكر في زيهم الفاخر وسروجهم المذهبه وكان يسير في موكب الخليفه عدد من "الفيله" عليها رجال بالسلاح وعدد من الزرافات.

وتنصب جلسه الملك في القصر الكبير ويجلس الخليفه قدام باب المجلس وتنصب امانه المائده وهي مصنوعه من الفضه ويقال لها "المدوره" وعليها الاواني الفضيه والذهبيه والصيني مملوء بالاطعمه الفائحه "الطيبه" الشهيه من غير خضراوات.. فقط الدجاج المسمن المعمول بالامزجه الطيبه وكان عرض هذا السماط عشره اذرع ويفرش بالازهار ويرص الخبز علي حافه السماط ويسمي "سواميذ" اي "سميط" وكل "سميذ" يزن ثلاثه ارطال من الدقيق النقي ويدهن وجهها عند خبزها بالمواد فيحصل لها بريق ويحسن منظرها.

وعلي طول السماط 21 طبقا في كل طبق 21 خروف سمين مشوي ومن الدجاج والفراريخ وفراخ الحمام 350 طائر ويرص كل هذا في طبق فيصبح الطبق طويلًا كقامه الرجل الطويل ويحاط بشرائح الحلوي اليابسه المصبغه الزاهيه الالوان وبين هذه الاطباق العملاقه توضع اطباق خزفيه في كل واحد منها سبع دجاجات مزينه بالالوان العائقه من الحلوي المائعه "الجيلي".

ويزيد عدد الصحون المذكوره عن 500 صحن ويرتب ذلك احسن ترتيب من نصف الليل بالقاعه الي حين عوده الخليفه من الصلاه هو والوزير.

وقد عمل في دار الفطره "قصران" من حلوي في كل واحد سبعه عشره قنطارا وحملا وسار بهما العتالين واحد من دار الفطره الي طريق قصر الشوك الي باب الذهب والثاني من بين القصرين الي باب الذهب حتي يشاهده اهل القاهره وينصبان القصران في اول السماط واخره.. ولهما شكل مليح مدهونان باوراق الذهب وفيهما شخوص بارزه كانها مسبوكه في قوالب.

ويجلس الخليفه والوزراء والامراء والعسكر والقواد وياكلون وينقل الباقي الي اهل القاهره فيعمهم نصيب وافر من الماكولات الشهيه.

أهم أخبار مقالات

Comments

عاجل