المحتوى الرئيسى

الشاعر ابراهيم البهرزي... يطلّ من شرفة نيتشه!

07/14 08:24

اسرائيليون يتحركون ضد قرارات بمقاطعه مسارح عربيه

ريكي مارتن: لم احسُّ يوماً انني اختلف عن غيري

عبد الله ابو بكر يفوز بجائزه بلند الحيدري المغربيه

لما كانت الرقابه تعتبر يوليسيس جيمس جويس ادباً فاحشاً

محمد العزير: ارنست، مارك وانا

بغداد: صدر للشاعر العراقي ابراهيم البهرزي كتاب شعري يحمل عنوان (شرفه نيتشه) عن دار ميزوبوتاميا، يقع في 700 صفحه من الحجم الكبير، ويحتوي علي المنجز الشعري للشاعر  بدءاً من نهايه السبعينيات وحتي لحظه اعداد الكتاب.

 بعد عزوف عن اصدار مجموعه شعريه منذ سبعينيات القرن الماضي اصدر مجموعه اولي له عام 2003، تحمل عنوان (صفير الجوال اخر الليل)، لكنه قرر ان يجمع كل ما كتب في كتاب واحد،منذ عام 1977  حتي 2014، لكنه لم يقسمها الي مجموعات بل نشرها دفعه واحده،يضم الكتاب اكثر من 200 قصيده ..اغلبها قصائد نثر، واهم ما يهيمن عليها هو موضوعه  فقدان الاشياء الجميله والمراثي، فيما يعلق علي الغلاف الاخير للكتاب قصيدته المعنونه او المهداه (الي شاعر....)، فهو ربما يحادث نفسه او عبر شاعرا او يحادث شاعر ما عبر نفسه،او ربما هوينتقد ما يتعرض له الشعر الان من خراب، لكنه يبسط كلماته بيسر ولطافه فيعلن رايه بالشعر واضحا :

(وانت  تسعي الي الشعر  عليك  الا تاخذ  معك  دليلا

فهو ما تتلمّسه  لا ما يدلّك  عليه  احد

ولا تنتظر منه  هِبه ولا احتفاءا

او موتك  الذي ينفرد  بك

في المتاهه  والسؤال  , وهو نجمه  الحيره التي تتحوّل  في الافاق

لا سعيا  الي طريق , ولكن

اثَر  في الرمل لا يدوم

تُنخّله  رياح  تتري وتعتّقه  ظلال

يستر  شرفه الاكيد : دمعته  الكريمه).

     كتب الشاعر لمجموعته مقدمه بسيطه عنوانها (اقل من مقدمه) قال فيها : صدرت مجموعتي الشعريه البكر (صفير الجوال اخر الليل)عن المؤسسه العربيه للدراسات والنشر عام 2003 ولم تحظ بتوزيع في السوق العراقيه للظروف العروفي انذاك اضافه لكوني تكاسلت عن متابعه توزيعها لظروف تخصني.

 واضاف: وحين لم تتح لي بعد ذلك فرصه لطبع مجموعه اخري ولاحساسي بضياع الكثير من مسودات النصوص خاصه وانني نادرا ما انشر في صحف ومجلات فقد رايت ان انشر ما تراكم لدي في مجموعه واحده دون مراعاه للتصنيف حسب السياقات الزمنيه للكتابه في مجاميع متواليه مفترضا نفسي اجمع تراث شاعر اخر غيري وهو ما حصل.

    وتابع : ولا انكر انني وخلال عمليه الجمع كنت انوي استبعاد بعص النصوص التي كتبت في فترات زمنيه سابقه اتغير رؤيتي الفنيه ازاءها،غير اني عدلت عن ذلك لدواعي التوثيق.

    في الكتاب يشعر القاريء انه ازاء تجربه شعريه فريده ومميزه، تستحق القراءه بتامل اكثر من مره لانها تتوافر علي امكانيه صناعه الدهشه بالصور الشعريه التي يرسمها بجمل وكلمات تمتلك قدرتها علي التحليق في فضاء العقل بجزاله وسلاسه وقوه،فنصوصه متماسكه ومكثفه ومتناغمه بايقاعات تنطلق من عمق مكتنز بالمفردات غير المستهلكه وبالتفاصيل التي لها وقع مفعم بالوضوح من خلال الصور الشعريه التي تقدم لقطات مؤثره، فلا يدخلك في متاهات ولا يخرجك الي غموضات بقدر ما يمنحك فرصه للتامل والنظر الي الفكره من جهاتها لانه لا يريد ان يصرف ذهن القاريء الي الهوامش، بل انه يملا كؤوس الفكره لديه بكلام ينبض بلقطات تشاهدها متجسده بشخوصها علي الورق وتنظرها بفكر واع.

   ففي قصيده (شرفه نيشته)،التي حملها الكتاب عنوانا له،مثلا، يرسم مقطعا اوليا يوضح فيه ما يري مما يختلج في ذاكرته واما عينيه اللتين تسكبان نظراتهما لتبصران خرائط واسماء وموجز حكايات فيما قلبه ينزوي باحثا في غمامات نفسه عن بيته الذي لا يراه :

 (اري قلق الضوء لا خلقه النائمين علي الرصيف,

لا يصدّقني احد غير دمعه بتول وامراه عليله

شبح الانثي العليل وهو يقدّم لي ورده الرضا

غير هذا الطريق الذي دلّني ذات يوم  لبيتي).

    لكنه بلغه شعريه يتحول الي فيلسوف يقرا في ضمير الشاعر ما يولد فيه عبر صور شعريه ترسم نفسها لتشعر القاريء بالدهشه والمتعه لان الايقاعات تتناغم علي هدوء الفحوي التي يمتلكها النص وتشرحها الفكره،فالشاعر يتفاعل مع ما يري وينضح مداخلاته الصغيره المضيئه التي تشعر انها تحمل دمعا في ماقيها لكنه يستره.

(لست ارنو لافسّر حركه الوقت في تقاطعات الدروب

لا اعرف من مشيته غير الظل المشبوح علي الجدار المقابل

يقطع  في ذهابه وايابه  لعبه  الطفل الذي احب 

وهو يقودني من شرفتي الي باب  بيتي

تنحرف  الشرفه كل اصبوحه عن طريق

يومي ء  لي طائر  كنت  صوّبت  في صدره  اوّل  اللؤم

ثم  يظل  يرفرف فرحان في باب  بيتي

اري راحلين  اري راكضين  اري زاحفين

اري في اعالي البحيره  وشما من البرق 

تخب وتستلني من مفازه  ليل 

مُلاعبه الريح  للشمعه  لن يُفسدها الظلام 

تذوب الريح في اللّهب ساعه اطوي ظُلفه الشرفه 

اطوي شبح المراه العليله وهي تقدّم ورده الرضا في الظلام 

كل  الشوارع التي تتذكّر  بيتي...)

 اغلب نصوصه تتغلف بالعاطفه لكنها ليست تلك العاطفه الساذجه، بل انها العاطفه المغموسه بالكبرياء الرافعه راسها والتي تحتج علي ما تراه من هدر بالعواطف، خاصه في الرثاءات العديده التي كتبها، فتجده ينحي منحني لا دمع فيه ولا بكاء ولا عويل بل انه يفتح نوافذ الرثاء علي تراكمات من الوجع يخلقها بنفسه من خلال ما اكتسبته معرفته وما وجدته نفسه فيرسم ما يشاء من ذلك البوح علي قدر من الوجع الذي في داخله والذي يصوغه بتقنيات يبرع فيه فيجعل القاريء منذهلا لان البوح يفيض علي مساحه واسعه من القسوه كما في قصيدته (جنازه عفيفه) ويقصد بها المطربه العراقيه الكبيره عفيفه اسكندر، فهو لم يرثها بقدر ما يلوح لها بالانطفاء العجيب والمفارقات التي يسجلها عن رحيلها، فيما تراه يذهب الي عمق التاريخ وياتي برموز واسماء ليضعها علي وجه القماش الذي صار كفنا لعفيفه دون ان يعي ذلك بالطبع، فهو يريد ان لا يرثيها بمظاهر الرثاء المعروفه لكنه ياسي ان جنازه عفيفه المتوهجه تنحدر الي الظلال الكثيفه البعيده :

عفيفهَ ترحل كزعلٍ شديدَ الاَنَفَهْ....

الساعه في برج القشله متوقفه

دبيبٌ ساحرٌ يشبهُ المارش القديم

أهم أخبار فن وثقافة

Comments

عاجل