المحتوى الرئيسى

الحلقة الثانية من كتاب مخابرات الجماعة إخوان وجواسيس: "البنا" أكد الرباط الأيديولوجى بين الإخوان والحركة الوهابية

07/13 12:12

الاخوان كشفوا لاول مره عن تشكيلهم العسكري في استقبال فاروق بالاسكندريه.. وعن تنظيمهم السري في الاغتيالات والكمائن

مؤسس «الارهابيه» ادان اغتيال النقراشي وامر بنسف محكمه عابدين التي تحاكم قاتله

في الحلقه الثانيه من كتاب الزميل حماده إمام «مخابرات الجماعه اخوان وجواسيس» نستعرض قصه الكشف عن التنظيم السري المسلح لاول مره في الاحتفال بعوده فاروق لمصر في الاسكندريه عام ١٩٣٦ وقيام التنظيم السري بتنفيذ الاغتيالات والاعمال الارهابيه ومنها اغتيال محمود فهمى النقراشي، رئيس وزراء مصر في الاربعينيات، وايضاً طبيعه العلاقه العضويه البيولوجيه بين تنظيم الاخوان والحركة الوهابية في السعوديه، وهي العلاقه التي اخذت شكل التعاون المالي والايديولوجي والمخابراتي برعايه امريكيه وهي العلاقه التي مازالت تلقي بظلالها علي كل ما يحدث في الوطن العربي من خراب حتي الان.

ظل حسن البنا طوال حياته يحتفظ لنفسه بالسيطره علي النواحي الماليه، وعندما اشتدت الاتهامات حوله كان رده: مازالت موارد الاخوان وتنظيمهم المالي ومصادر نفقاتهم لغزاً كبيراً امام كثير من الذين لم يتصلوا بهم ولم يحاولوا ان يتعرفوا علي الامور علي وجهها، وكثير من الناس حين يري هذا النشاط الدائب والعمل المتواصل والمشروعات الكثيره والمطبوعات المتواليه والحفلات الضخمه والاجتماعات الحاشده يسال نفسه: من اين للاخوان بكل هذا؟! وكيف يحصلون علي المال ومن اي جهه يجلبونه وهم قوم معظمهم انما يجد ما يكفيه فقط وليس فيهم كثير من الاغنياء او الاثرياء؟ خصوصاً اذا كان هذا المتسائل من رجال الاحزاب او الجماعات التي تنفق الكثير في مثل هذا النشاط ولا تجد القليل من البذل من الاعضاء والانصار، وقد يذهب الكثير من هؤلاء المتسائلين في الظن الي درجه الاتهام الباطل، فيقول ياخذون من الدول الفلانيه او الهيئه العلانيه او تنفق عليهم هذه الجهه العاليه او تلك الناحيه الخفيه، وكل ذلك وهم باطل وظن فساد واتهام جريء وقول مفتري لن يقوم عليه دليل ولا شبه دليل.

وبين رفض حسن البنا للاعلان عن مصادر التمويل واحكام قبضته عليها وانشقاق العديد من القيادات الاخوانيه كانت السعوديه تشهد ازهي عصور الرخاء وبدايه الطفره البتروليه.

ففي هذه المحله وقع عبدالعزيز ال سعود العديد من عقود التنقيب عن البترول مع شركات امريكيه، كما انه الغي الامتيازات التي كانت ممنوحه للشركات البريطانيه وتصارعت الشركات الامريكيه علي التنقيب عن البترول.

واصبح عبدالعزيز في وضع يسمح بان يرسل الهدايا الذهبيه الي ملك مصر، وتحولت السعوديه من دوله تتلقي المعونات الي دوله تمنح المعونات، وجاء الاعلان عن خروج الفكر الوهابي من طور الكمون الي طور الحركه علي لسان مؤسس جماعة الأخوان المسلمين الامام حسن البنا، عندما قال قولته المشهوره: «ان المصلح الاجتماعي ان رضي لنفسه ان يكون فقيهاً مرشداً يقرر الاحكام ويرتل التعاليم ويسرد الفروع والاصول وترك اهل التنفيذ يشرعون للامه ما لم ياذن به الله ويحملونها بقوه التنفيذ علي مخالفه اوامره فان النتيجه الطبيعيه ان صوت هذا المصلح سيكون صرخه في واد ونفخه في رماد».. وكان هذا التصريح من جانب حسن البنا بمثابه الاعلان الصريح عن دخول الحركه الوهابيه «الاخوانيه» المعترك السياسي، حيث تميزت المرحله الاولي، والتي حمل عبء نشرها رشيد رضا، بالاكتفاء بالدعوه الي فكره الدوله الاسلاميه والحكومه الاسلاميه وتجنب الصدام سواء مع بريطانيا او ملك مصر.

ورغم المحاولات الكثيره التي بذلت للتاكيد علي ان الاخوان ليسوا امتداداً لافكار رشيد رضا او انهم شعبه من شعب الوهابيه، الا ان تصريحات حسن البنا وعلاقته بالسعوديه جاءت كلها لتاكيد الرابط البيولوجي بين الاخوان والوهابيه، فالمبادئ التي دعا اليها رشيد رضا تحت اسم «حزب الاصلاح الاسلامي» رددها حسن البنا تحت اسم «جماعه الاخوان المسلمين»، فدعائم حزب الاصلاح قامت علي اساس عالميه الدعوه الاسلاميه والعوده الي نظام الخلافه الاسلاميه والحكومه الاسلاميه والرجوع بالاسلام الي سيرته الاولي. فشموليه الدعوه الاسلاميه وعالميتها جاء الاعلان عنها والدعوه اليها علي لسان رشيد رضا في المجلد الاول من اعداد «المنار» عندما كتب يقول: «ان القول بفصل الحكومه والدوله عن الدين هو قول بوجوب انهاء السلطه الاسلاميه من الكون»، نفس هذه الاراء والمبادئ جاءت جميعها في رسائل حسن البنا، فيقول الامام حسن البنا في رسائله: انها دعوه لا تقبل الشركه اذ ان طبيعتها الوحده والتوحيد.

دعوه سلفيه: فيها العوده الي منبع الاسلام الصافي من كتاب الله وسنه رسوله.

وطريقه سنيه: لانهم يحملون انفسهم علي العمل بالسنه النبويه المطهره في كل شيء.

وهيئه سياسيه لانهم يطالبون باصلاح الحكم في الداخل وتعديل النظر في صله الامه الاسلاميه بغيرها من الامم في الخارج واخراج البغاه من ارض الاسلام في مصر خاصه والعالم الاسلامي عامه.

وعن اهداف جماعته يقول الامام حسن البنا في رسالته الي الشباب «نحن نريد»:

١ ــ الرجل المسلم: في عقيدته وتفكيره وخلقه وعمله وتصرفه.

٢ ــ البيت المسلم: نريد للمراه ما نريده للرجل ونعني بالطفوله عنايتنا بالشباب.

٣ ــ الشعب المسلم: ولذلك نعمل علي ان تصل دعوتنا لكل بيت وان يسمع صوتنا في كل مكان.

٤ ــ الحكومه الاسلاميه: التي تقود هذا الشعب الي المسجد ونحن لا نعترف باي نظام حكومي لا يرتكز علي اساس الاسلام ولا يستمد منه ولا نعترف بهذه الاحزاب السياسيه ولا بهذه الاشكال التقليديه التي ارغمنا اهل الكفر واعداء الاسلام علي الحكم بها والعمل عليها».

وفي المؤتمر الخامس يشرح اسلوب الوصول الي هذه الاهداف فيقول:

١ ــ البعد عن مواطن الخلاف الفقهي.

٢ ــ البعد عن هيمنه الكبار والاعيان.

٣ ــ البعد عن الهيئات والاحزاب.

٤ ــ التدرج في الخطوات.

ومع صدور اول جريده للإخوان المسلمين اعلن حسن البنا في الافتتاحيه الاولي لها نفس مبادئ رشيد رضا والتاكيد علي نفس الخطوات التي بداها رشيد رضا، وان استطاع هو ان يخرج الافكار الوهابيه من طور الكمون الي طور الثوريه والحركيه ويعلن ذلك صراحه من خلال توصياته الي الجماعه فيقول: متي تكون خطوتنا التنفيذيه؟! ايها الإخوان المسلمون: نحن هنا في مؤتمر اعتبره عائلياً يضم اسره الاخوان المسلمين واريد ان اكون معكم صريحاً للغايه فلم تعد تنفعنا الا المصارحه، ان ميدان القول غير ميدان الخيال، وميدان العمل غير ميدان القول، وميدان الجهاد غير ميدان العمل، وميدان الجهاد غير ميدان الجهاد الخاطئ، يسهل علي كثير ان يتخيلوا ولكن ليس كل خيال يدور بالبال يستطاع تصويره اقوالاً باللسان، وان كثيرين يستطيعون ان يقولوا ولكن قليلين من هذا الكثير يثبتون بالعمل، وكثير من هذا القليل يستطيعون ان يعملوا ولكن قليلاً منهم يقدرون علي حمل اعباء الجهاد الشاق والعمل العنيف، وهؤلاء المجاهدون وهم الصفوه القلائل من الانصار قد يخطئون الطريق ولا يصيبون الهدف ان لم تتداركهم عنايه الله.. وفي قصه طالوت بيان لما اقوله، فاعدوا انفسكم واقبلوا عليها بالتربيه الصحيحه والاختبار الدقيق وامتحنوا بالعمل.

باعلان حسن البنا الدخول في الحياه السياسيه والشروع في اقامه مشروع الدوله الاسلاميه خرجت جماعه الاخوان من اطار الدعوه الدينيه الي نطاق الحركات السياسيه واصبحت تطبق عليها جميع قواعد اللعبه السياسيه، حيث تختفي لغه الفرسان في التعامل وتظهر المبادئ الميكافيليه، وبدات الدعوه الوهابيه ممثله في الاخوان المسلمين تخطو الخطوه الثانيه في مرحله الثوريه او الحركيه، حيث يقوي التنظيم السري ويزداد عدده وبالتالي حدته في الخطوره عليه من جهه كشفه بمعرفه السلطه وشرعت بالتالي قياده الاخوان في التهيؤ للخروج من باطن الارض الي السطح رافعه سلاح التحدي في وجه السلطه السياسيه المنافسه لها.

وظهرت التشكيلات العسكريه للاخوان بشكلها المنتظم اثناء استقبال الملك فاروق من الاسكندريه لتولي الحكم.

وتوقيت هذا الخروج وبهذا الشكل كان مرتبطاً بالسعوديه سواء من الداخل او الخارج، فمن الخارج كانت التقارير التي اعدتها الاستخبارات البريطانيه حول السيره الذاتيه لفاروق تؤكد انه بعيد كل البعد عن السياسه وانه منغمس في الملذات وله العديد من المغامرات النسائيه ويهوي لعب القمار، كل هذه المعلومات كانت بمثابه الضوء الاخضر للسعوديه للتقرب منه والاغداق عليه في العطايا والهدايا الذهبيه وكانت ايضاً فرصه للاطمئنان علي العرش، خاصه ان التهديد من جانب الاسره الهاشميه قد تلاشي بعد تحجيم فيصل بن الشريف حسين واعطاء اماره شرق الاردن لعبدالله.

ومن الداخل وتحديداً عام ١٩٣٨ اصيبت الحياه السياسيه بالشلل التام فقد تمكن الملك فاروق من تحقيق انتصار كاسح علي الوفديين وحدث انشقاق داخل صفوف الوفد وتاسس حزب السعديين وظهر احمد حسين ورفع شعار الخلافه الاسلاميه وحكم الشوري والمناداه بفاروق خليفه للمسلمين فاصبحت الامور كلها في يد فاروق.

فكان اختيار حسن البنا للوقت الذي تعاني فيه البلاد حاله فراغ سياسي انسب الاوقات للاعلان عن الاخوان كجماعه سياسيه وقوه عدديه يخشي باسها، وكان يوم عوده الملك فاروق من الاسكندريه وتنظيم موكب شخصي لاستقباله بدايه تعارف المصريين بالقوه التي وصل اليها الاخوان من حيث العدد او من حيث التنظيم.

ويحكي الامام حسن البنا في رسائله عن الاسباب التي دفعته الي التخلي عن مبدئه في البعد كل البعد عن السياسه والدخول في ميادينها، بان المصلح الاجتماعي ان رضي لنفسه ان يكون فقيهاً مرشداً يقرر الاحكام ويرتل التعاليم ويسرد الفروع والاصول وترك اهل التنفيذ يشرعون للامه ما لم ياذن به الله ويحملونها بقوه التنفيذ علي مخالفه اوامره فان النتيجه الطبيعيه ان صوت هذا المصلح سيكون صرخه في واد ونفخه في رماد.

وبدخول الامام حسن البنا ميدان السياسه يكون قد ارتضي لجماعته الخضوع لجميع الاعيب السياسه والسياسيين، فيكون الاتفاق والخلاف من اجل تحقيق الهدف الاوحد الذي تسعي اليه اي حركه سياسيه وهو الوصول الي الحكم، وخلال الفتره من عام ١٩٣٥ وحتي وفاه الامام حسن البنا شهدت جماعه الاخوان المسلمين صدامات بينها وبين الاحزاب السياسيه التي كانت قائمه وكان الصدام طبيعياً جداً مع الاغلبيه في ذلك الوقت وهو الوفد، ودار صراع بين الاخوان وحزب مصر الفتاه كرد فعل للصراع الدائر بين علي ماهر باشا الذي كان يشجعه الاخوان والبنداري باشا الذي كان يؤيده حزب مصر الفتاه في التقرب الي الملك.

في ظل هذه الاجواء السياسيه الداخليه والخارجيه بدا التنظيم السري للاخوان ينشط واتخذ نوعاً جديداً من التكتيك وهو استخدام العنف المتمثل في ثلاثه تكتيكات وهي الاغتيالات والكمائن بانواعها والحركه والسعي للحصول علي المعونه الخارجيه، وبدا التنظيم السري للاخوان والذي تم اختياره من غلاه المتعصبين لفكر الاخوان من بين الشباب ونشط قاده التنظيم في جمع السلاح من السوق المحلي والخارجي.

وشهدت هذه الفتره من حياه الاخوان نشاطاً مرتفعاً للتنظيم السري ووقعت عده حوادث اغتيالات وتخريب ضد الخصوم السياسيين للاخوان وكان اول هذه الضحايا احمد ماهر باشا. وكانت اشهر الاغتيالات السياسيه التي قام بها التنظيم السري للاخوان المسلمين هي عملية اغتيال النقراشى باشا، وتكمن شهرتها ليس لان المقتول كان رئيس الوزراء في ذلك الوقت او لانها جماعه الاخوان المسلمين ولكن شهرتها جاءت من الاعترافات التي ادلي بها القاتل حول تفاصيل اختيار اعضاء التنظيم السري والطقوس التي يؤديها عضو التنظيم.

وبدات عمليه الاغتيال عقب التقرير الامني الذي قدمه اللواء عبدالرحمن عمار، مدير الامن العام وقتها، الي رئيس الوزراء النقراشي باشا حول نشاط جماعه الاخوان وحوادث القتل والضرب ووضع القنابل التي قامت بها، الامر الذي دفع النقراشي الي ان يصدر قراراً بحل جماعه الاخوان المسلمين ومصادره اموالها وتحويل مقرها الي نقطه شرطه.

ولم يمض علي قرار الحل سوي شهر واحد واثناء دخول رئيس الوزراء مبني وزاره الداخليه تقدم منه شاب يرتدي بدله ملازم اول وقدم اليه التحيه العسكريه ورد عليه النقراشي رافعاً يده وقبل ان يستكمل رد التحيه اخرج الضابط طبنجه كانت في يده واطلق عده اعيره ناريه عليه وارداه قتيلاً، واغلقت ابواب وزاره الداخليه ورفعت درجات الاستعداد القصوي وبدات التحقيقات مع القاتل الذي تبين انه طالب في كليه الطب واسمه عبدالمجيد حسن ووالده موظف كتابي بوزاره الداخليه، وانه عضو بالتنظيم السري للاخوان المسلمين وانه فعل ذلك رداً علي قرار النقراشي بحل جماعه الاخوان.

نرشح لك

أهم أخبار صحافة

Comments

عاجل