المحتوى الرئيسى

ماذا بعد الهبوط يا نادال؟

07/13 10:05

فقد مرت في الماضي القريب أيام كان الفضل فيها لابن مايوركا في إحياء رياضة التنس من الرتابة التي كانت قد وقعت فيها أيام تألق النجم الأوحد آنذاك السويسري روجيه فيدرر (قبل أن يظهر دجوكوفيتش على ساحة التنس)، والذي أعاد بها المايوركي الأذهان إلى صراع رائع  كان قد زين لعبة التنس في وقت من الأوقات  وهو صراع سامبراس – أغاسي. فيا للشبه بين الأميركي بيت سامبراس وفيدرر ورقيهما وكم  هناك من تقارب بين شخصية أندريه أغاسي الفذة وتلك الخاصة بنادال حتى أن كليهما كانا من أصحاب الشعر الطويل والحركات الغريبة.

فمروض الثيران الهائج كان سبباً في إضفاء الحماس على كرة المضرب بدءاً من عام  ٢٠٠٥ وصولاً  لعام ٢٠١٤ بشخصيته الفذة في أرضية الميدان وبتركيزه وأدائه الذهني العاليين وبضرباته الأمامية (Forehand + Top spin) القاتلة والعالية  الدقة والتي كان ينتزع معها في كل مرة آهات المشجعين عندما يسقطها على خط الملعب الخلفي أو الجانبي لدى المنافس.

فملك الملاعب الترابية كما يلقب (رافاييل نادال) بسبب سيطرته على البطولات الرملية وفي مقدمتها بطولة رولان غاروس الفرنسية التي يحمل لقبها في تسع مناسبات من أصل ١١ مشاركة له (وهو رقم خيالي)، لطالما كانت ضرباته تشكل إزعاجاً ما بعده إزعاج للمنافسين بسبب قوتها ودقتها وعلوها عن الأرض وسرعة دورانها.

فكيف للاعب بحجمه وموهبته أن يسقط تلك السقطة الحرة في مستواه بدءاً من انطلاقة الموسم الحالي؟ وما هو السبب يا ترى؟ وهل هناك مجال للعودة؟ وإذا كان هناك عودة فكيف يمكن أن تتم وما السبيل إليها؟.

لا شك أن وجود نادال، بطل ويمبلدون لعامي 2008 و2010 ووصيف 2006 و2007 و2011، في المركز العاشر  في البطولة هذه السنة شكل أدنى تصنيف له منذ نيسان/أبريل 2005، ويعكس الفترة الصعبة التي يعيشها النجم الإسباني.

ولم يكن خروجه من ربع نهائي بطولة فرنسا المفتوحة التي توج بلقبها في الأعوام الخمسة السابقة وفي تسع مناسبات من أصل 11 مشاركة (رقم قياسي)، سوى انعكاس واضح لتراجع مكانة اللاعب الإسباني الذي فاز في الموسم الحالي بدورتين صغيرتين فقط وخسر كل الألقاب التي كان يحملها من دورات ماسترز ١٠٠٠ نقطة وغيرها.

ونادال مهدد اليوم بالتراجع أكثر بالتصنيف العالمي والخروج من بين العشرة الأوائل بعد أن مني بهزيمة نكراء في ويمبلدون في الدور الثالث على يد لاعب مغمور مصنف ١٠٢ على العالم وهو الألماني داستين براون الذي يهزم نادال للمرة الثانية من مواجهتين بينهما.

لعبة التنس تنقسم إلى شقين لا يقل أحدهما أهمية عن الآخر، فهي لعبة بدنية تحتاج للياقة عالية وتحركات سريعة بالقدمين وقوة في ضربات الإرسال والضربات الأمامية والخلفية. لكنها قبل ذلك هي لعبة ذهنية بامتياز  فمهما كان اللاعب قوياً بدنياً وجسدياً قد يسقط عند أول مطب إذا فقد الإرادة الفكرية والذهنية أو تم تشتيت أفكاره والضغط عليه نفسياً من قبل الخصوم.

ما حصل مع نادال بكل بساطة هو أن اللاعب من الذين يتكلون بشكل مباشر على العامل البدني في اللعبة وليس العامل الفني التكتيكي، ولطالما هوجم الماتادور خلال سنوات التألق حتى وصل الحال بالبعض لاتهامه بتناول المنشطات من كثر ما كان يركض ويتحرك في الملعب دون أن يتعب أو يستسلم أمام أي ضربة كانت.

ولطالما توقع النقاد لنادال السقوط في يوم ما عندما لا يستطيع جسمه تلبية نداءات عقله . وهو بالفعل ما يحصل اليوم بكل بساطة فالضغط الذي كان يمارسه الماتادور على جسده أدى إلى إصابات بالجملة خلال السنتين الأخيرتين إن كان من حيث الركبة أو الكتف أو رسغ اليد وهو ما أدى لهبوط حاد في مستوى المايوركي. وعطفاً على ما سبق وذكرناه وبسبب النتائج المخيبة التي حققها مؤخراً فيبدو أن نادال فقد أيضاً قوة العامل الذهني التي كان يتميز بها.

فباختصار، لقد فقد الإسباني جزءاً من لياقته البدنية نتيجة الارهاق والإصابات إلا أن ما ينذر بالكارثة الكبرى فعلاً هو فقدان رافاييل للعامل الذهني الذي يمكنه من العودة بقوة للمنافسات وفقدان روح التحدي والانتصار وروح المحارب الذين كان يتحلى بهم.

ويبدو أن عمه ومدربه توني نادال الذي يشرف عليه منذ أن كان في الرابعة من عمره، بدأ يفقد ثقته بقدرة ابن مايوركا على استعادة مستواه السابق: "أود لو بإمكاني الاعتقاد أن باستطاعة رافا الفوز ببطولة فلاشينغ ميدوز، لكن في الحقيقة حظوظه ضئيلة جداً. إنه وقت مقلق".

بكل تواضع أعتقد بأن نادال بحاجة اليوم لـ "عاصفة نفسية" قبل كل شيء كي تصحّيه من سباته العميق الذي قد ينهي مسيرته الاحترافية ان استمر. ولن يحدث ذلك إلا من خلال نقلة نوعية تتمثل برأي الكثيرين بأن يقوم نادال بتغيير مدربه (عمه توني) أو أن يبقي عليه ولكن يضيف نجماً عالمياً سابقاً في لعبة التنس لجهازه الفني وهو ما سبقه عليه كل من فيدرر ودجوكوفيتش الذي يستعين ببوريس بيكر رفقة  فايدا حالياً وكذلك يفعل موراي باستعانته بنجمة التنس الفرنسية السابقة أميلي موريسمو.

لماذا نقول بأن على نادال التعلم من خطوات فيدرر؟

الأخير مر بفترة أسوأ من تلك التي يمر فيها الإسباني حالياً والجميع توقع اعتزاله عالم الكرة الصفراء، إلا أن السويسري (الأسطورة الحية لكرة المضرب) وقف على رجليه من جديد وبدأ يغير تكتيكه في اللعب ويعتمد على ذكائه أكثر منه على جسده الذي بدأ مرحلة الانحدار (٣٣ عاماً).

فابن الثالثة والثلاثين عاد ليصبح من بين الثلاثة الأوائل بعد أن تقهقر، وهو اليوم لا يترك بطولة كبيرة أو صغيرة إلا ويصل لدورها نصف النهائي أو النهائي أو يحمل لقبها أمام كل اللاعبين الشباب الذين ينافسوه وهذا ما على نادال ابن الـ ٢٩ عاماً أن يفعله.

وها هو فيدرر بالأمس قد خاض نهائي ويمبلدون وخسره أمام الصربي نوفاك دجوكوفيتش بصعوبة ولكنه خرج مرفوع الرأس وبأداء مشرف وليس هزيل كبقية الأسماء الكبيرة أمثال موراي ونادال نفسه.

لم أجد شخصاً واحداً لخّص حالة نادال السيئة التي يمر بها والحلول التي يجب أن ينتهجها (بتصريحين مهمين في ظل أسبوع واحد) سوى أسطورة كرة المضرب الأميركي جون ماكنرو الذي صرّح أولاً بعد خروج الماتادور المذل من ويمبلدون بأن الأخير ما زال قادراً على تقديم الكثير لكن يحتاج على الأرجح إلى التخلص من عمه.

أهم أخبار الرياضة

Comments

عاجل