المحتوى الرئيسى

تقطير الورد في "قلعة مكونة" المغربية ..صناعات التجميل التقليدية

07/12 19:16

قلعه مكونه/ ساره ايت خرصه / الاناضول

تهبُ الريح غربيه مُثقله باريج الورد علي البيوت الطينيه التي تلتمعُ حمرتها تحت قيظ الشمس، يفوح من بلده "قلعه مكونه"، الواقعه جنوب شرقي المغرب، عبق طيب، يقول اهلها انها رائحه تُميز منطقتهم عن غيرها، فتربتها لا تنبت الا ورداً، وقطرات نداها ومطر سمائها لا يسقيان  الا وريقات الزهور، التي يقيم من اجلها سكان البلده موسماً سنوياً، احتفالاً بالجمال.

في الصباح الباكر، تجتمعُ نسوه القري المُحيطه بمركز البلده، وينتشرن في الحقول مُعتمرات قبعاتهن القصبيه، ويقطفن دُون كلل الورود في الحقول الشاسعه المُمتده بين جبال الأطلس الصغير، علي اطراف البلده الواقعه في منبسط مُخضر، وسط صحراء جافه، ويضعنها في سلال، تلوي داخلها الورود اعناقها، لكنها تحتفظ بنضارتها وعطرها الفواح.

بعد ان تجني نسوه القري غلاتهن الصباحيه من الورود، يتوجهن بها الي التعاونيات والمراكز المحليه المختصه بعمليه تقطير الورد، واستخلاص مائه الصافي، واستعماله في انتاج مواد تجميليه وعطريه طبيعيه، مشهود لها بجودتها الوطنيه والعالميه.

"قلعه مكونه" الواقعه شرق مدينه ورزازات الشهيره (جنوب)، تحاكي في بنائها وموقعها الجغرافي واحه خضراء وسط صحراء جافه وقاحله، ومناخ حار، حيث تقع المدينه بالقرب من جبل "مكون" الذي اشتق منه اسمها، ويمر بالقرب من حقولها  المنبسطه مجري وادي "مكون"، ووادي "دادس"، الذي اقامت علي ضفافه القبائل الامازيغيه منذ مئات السنين قصباتها التاريخيه المميزه.

وتمثل القصبه لدي قبائل الجنوب المغربي نموذجاً متميزاً للبناء المعماري، حيث تجسد تجمعاً سكانياً تقليدياً ومغلقاً علي ذاته، يشبه في بنائه القلعه ذات الابواب والحصون، ويقيم داخلها عائلات تنتمي لنفس القبيله او تجمع بينها صلات الدم.

"اغلب سكان البلده، يعتمد دخلهم اما علي تحويلات ابنائهم العاملين في مناطق اخري، او علي ما يجنونه من زراعه الورد وبيعه، الصغار ايضاً يعرضون باقات الورد في الطرقات علي المسافرين، فقلعه مكونه مجبول اهلها علي الورود وحبها"، يقول محمد العربي (37 سنه)، احد سكان البلده، وهو يقلب اكوام الورد التي جلبتها النساء صباحاً الي مشغله.

اقتصاد البلده وشهرتها مرتبط بمواسم قطف الورود وجنيها، ورزق اهلها رهين بتسويق ما يستخلص منها من مواد تجميليه طبيعيه في الاسواق المحليه والعالميه، فاغلب الاسر والعائلات في "قلعه مكونه" يملكون قطعه ارض يزهر فيها الورد، ويقوم الاهالي سواء بتقطيره بشكل تقليدي في البيوت، او بيعه للتعاونيات المختصه في صناعه الورد، والتي تنامت اعدادها خلال السنوات القليله االماضيه.

وفي حديث للاناضول، يقول محمد الصوفي (57 سنه)، رئيس احدي التعاونيات الخاصه بالورود، في البلده ": "تجني النساء الورد من مشاتله، وياتين به للمركز، وهنا نجمع وريقات الورود ونضعها في امبيق (ايناء نحاسي خاص)، ونضيف اليها كميه وافره من الماء، ونقوم بعمليه الغلي، وحين يبدا خليط الورد المنقوع في الماء بالتبخر، نعرض البخار  للتكثيف والتبريد لنحصل علي ماء الورد المقطر الصافي".

ذات العمليه تقوم بها وحدات صناعيه علي اطراف البلده، لاستخراج زيت الورد، واستعمال بعض المواد الاخري المُستخلصه من زهور المنطقه في صناعه الصابون، وبعض مُستحضرات العنايه بالشعر والبشره، تختلف جودتُها حسب انواع الورود، وطريقه مُعالجتها.

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل