المحتوى الرئيسى

«الإفتاء» تجيب: هل يجوز القراءة من المصحف أثناء الصلاة؟

07/11 12:37

تحرص دار الافتاء المصريه علي عرض الفتاوي الصادره عنها من خلال موقعها علي الانترنت، وتتيح للجمهور ان يطرح اسئلته لتقوم بالرد عليها من خلال امانه الفتوي او احد مشايخها.

رصدت «بوابة الشروق» 30 فتوي رمضانيه تجيب علي اسئله تدور في ذهن الكثير من المسلمين كل عام.

24- هل يجوز القراءه من المصحف اثناء الصلاه؟

الجواب من قسم «امانه الفتوي» بموقع دار الافتاء:

من افضل القربات والسُّنن الحَسَنات ان يجمع الانسان بين الحُسنيين: الصلاه، وقراءة القرآن، فيحرص علي ختم القرأن الكريم في صلاته، ولما كان من غير المتيسر لكل واحد ان يقوم بذلك من حفظه تكلم الفقهاء عن امكانيه الاستعانه بالقراءه من المصحف في الصلاه، وذلك عن طريق حمله في اليد، او وضعه علي حامل يُمَكِّن المصلي من القراءه.

ومذهب الشافعيه، والمفتي به في مذهب الحنابله: جواز القراءه من المصحف في الصلاه للامام والمنفرد لا فرق في ذلك بين فرض ونفل وبين حافظ وغيره، وهذا هو المعتمد، ونقله الامام ابن قُدامه في (المغني، 1/ 336) عن عطاء ويحيي الانصاري من فقهاء السلف.

وفي صحيح البخاري معلَّقًا بصيغه الجزم -ووصله ابن ابي شيبه في (المصنف، 2/ 235)، والبيهقي في (السنن الكبري، 2/ 253)- عن عائشه ام المؤمنين رضي الله عنها انها كان يؤمها عبدها ذكوان ويقرا من المصحف.

وسُئِل الامام الزهريُّ عن رجل يقرا في رمضان في المصحف, فقال: كان خيارنا يقرؤون في المصاحف" (المدونه الكبري، 1/ 288 - 289)، والمغني لابن قدامه (1/335)

وكما ان قراءه القران عباده فان النظر في المصحف عباده ايضًا، وانضمام العباده الي العباده لا يوجب المنع، بل يوجب زياده الاجر؛ اذ فيه زياده في العمل من النظر في المصحف.

قال حجه الاسلام الغزالي في (احياء علوم الدين، 1/ 229): وقد قيل الختمه في المصحف بسبع؛ لان النظر في المصحف ايضًا عباده.

والقاعده الشرعيه، ان الوسائل تاخذ حكم المقاصد، والمقصود هو حصول القراءه، فاذا حصل هذا المقصود عن طريق النظر في مكتوب كالمصحف كان جائزًا.

قال الامام النووي في (المجموع، 4/ 27): لو قرا القران من المصحف لم تبطل صلاته، سواء كان يحفظه ام لا، بل يجب عليه ذلك اذا لم يحفظ الفاتحه، ولو قلب اوراقه احيانًا في صلاته لم تبطل.

وقال العلامه منصور البهوتي الحنبلي في (كشاف القناع، 1/ 384): وله -اي المصلي- القراءهُ في المصحف ولو حافظًا... والفرض والنفل سواء، قاله ابن حامد.

بينما يري الحنفيه ان القراءه من المصحف في الصلاه تفسدها، وهو مذهب ابن حزم من الظاهريه، واستَدَل علي ذلك بادله منها:

ما اخرجه ابن ابي داود في (كتاب المصاحف، 655) عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: نهانا امير المؤمنين عمر رضي الله عنه ان يؤم الناس في المصحف، ونهانا ان يؤمنا الا المحتلم.

وهذا اثر لا يثبت؛ ففي اسناده نَهْشَل بن سعيد النيسابوري، وهو كذاب متروك، قال عنه البخاري في (التاريخ الكبير، 8/ 115): في احاديثه مناكير، وقال النسائي كما في (تهذيب التهذيب، 10/ 427): ليس بثقه، ولا يُكتَب حديثُه.

ومنها: ان حمل المصحف والنظر فيه وتقليب الاوراق عملٌ كثير.

والجواب المنع من ان يكون حمل المصحف وتقليب اوراقه عملًا كثيرًا مبطلا للصلاه؛ اما الحمل فقد صلي رسول الله صلي الله عليه واله وسلم حاملا اُمامه بنت ابي العاص، علي عاتقه فاذا سجد وضعها واذا قام حملها، واما تقليب اوراق المصحف فقد جاءت بعض الاحاديث الداله علي اباحه العمل اليسير في الصلاه، والتقليب هو من جنس هذا العمل اليسير المغتفر.

والقراءه من المصحف، لا يلزم ان تصل لحد العمل الكثير، فتقليب اوراق المصحف يكون في اضيق نطاق لبعد الزمان بين طيّ الصفحه والتي بعدها، ولكون التقليب في ذاته عملًا يسيرًا، وقد يُستعان علي هذا بوضع المصحف ذي الخط الكبير علي شيء مرتفع امام المصلي ليقرا منه الصفحه والصفحتين، ولا يحتاج الي تقليب الاوراق كثيرًا.

وذهب الصاحبان من الحنفيه ابو يوسف القاضي ومحمد بن الحسن الشيباني، الي ان القراءه من المصحف في الصلاه مكروهه مطلقًا سواء في ذلك الفرض والنفل، ولكنها لا تُفْسِد الصلاه؛ لانها عباده انضافت الي عباده، ووجه الكراهه انها تَشَبُّهٌ بصنيع اهل الكتاب.

والتحقيق ان حصول ما يشبه صنيع اهل الكتاب انما يكون ممنوعًا اذا كان الفاعل قاصدًا لحصول الشبه؛ لان التشبه: تَفَعُّل، وهذه الماده تدل علي انعقاد النيه والتوجه الي قصد الفعل ومعاناته، ومن الاصول الشرعيه اعتبار قصد المكلف، ويدل علي ذلك ايضًا ما رواه الامام مسلم عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: "اشْتَكَي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّي اللَّهُ عَلَيْهِ وَالِهِ وَسَلَّمَ فَصَلَّيْنَا وَرَاءَهُ وَهُوَ قَاعِدٌ فَالْتَفَتَ اِلَيْنَا فَرَانَا قِيَامًا، فَاَشَارَ اِلَيْنَا فَقَعَدْنَا فَلَمَّا سَلَّمَ قَالَ: اِنْ كِدْتُمْ انِفًا لَتَفْعَلُونَ فِعْلَ فَارِسَ وَالرُّومِ: يَقُومُونَ عَلَي مُلُوكِهِمْ وَهُمْ قُعُودٌ، فَلَا تَفْعَلُوا، ائْتَمُّوا بِاَئِمَّتِكُمْ اِنْ صَلَّي قَائِمًا فَصَلُّوا قِيَامًا، وَاِنْ صَلَّي قَاعِدًا فَصَلُّوا قُعُودًا"، "وكاد" تدل في الاثبات علي انتفاء خبرها مع مقاربه وقوعه، ولذلك لَمّا لم يقصد الصحابه التشبه انتفي ذلك الوصف عنهم شرعًا، والمصلي الذي يقرا من المصحف لا يخطر بباله التشبه بهم فضلا عن قصده.

ولذلك قال العلامه ابن نجيم الحنفي في (البحر الرائق، 2/ 11): "اعلم ان التشبيه باهل الكتاب لا يكره في كل شيء، وانا ناكل ونشرب كما يفعلون، انما الحرام هو التشبه فيما كان مذمومًا وفيما يقصد به التشبيه، فعلي هذا لو لم يقصد التشبه لا يكره عندهما" اهـ.

وذهب المالكيه، الي التفرقه بين الفرض والنفل؛ فراوا كراهه قراءه المصلي في المصحف في صلاة الفرض مطلقًا سواء كانت القراءه في الاول او في الاثناء؛ وكذلك يكره في النافله اذا بدا في اثنائها؛ لاشتغاله غالبًا، ويجوز ذلك في النافله اذا ابتدا القراءه في المصحف من غير كراهه; لانه يغتفر فيها ما لا يغتفر في الفرض. (منح الجليل شرح مختصر خليل، 1/ 345).

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل