المحتوى الرئيسى

معتز عبد الرحمن يكتب: قصص الآيات.. تماحيك “وطنية”.. ودلالات سلبية

07/11 12:32

0 مشاركات شارك علي الفسيبوك شارك علي تويتر شارك علي جوجل

كيف يمكن للتكلف في الاستدلال التاريخي ان ياتي بنتيجه عكسيه؟

كيف نتسبب في ايصال معاني سلبيه وان كان دون قصد او بقصد الفكاهه؟

بدايه السطور القادمه ليست تقييما شاملا للمسلسل الكارتوني (قصص الايات في القران الكريم) ، فليس ما ساشير اليه بالسلب هو كل ما يستحق الاشاره اليه ، وفي نفس الوقت لا يعني انه الغالب او انه لا توجد ايجابيات في المسلسل الذي لم تكتمل حلقاته بعد.

اشهر الاخطاء التي تحدث عاده في الاعمال الدراميه “الدينيه التاريخيه” هي عدم التدقيق في ثبوت الروايات ، وتدخل خيال المؤلف في صياغه الاحداث بالزياده والنقصان بشكل يجعلها تحيد عن الحقيقه ، ومساله تجسيد الصحابه ذات الجدل الفقهي المعروف ، ثم توظيف القصه التاريخيه في خدمه رساله العمل الفني وهدفه ورؤيه المؤلف والمخرج، وقلما يخلو عمل منها جميعا ولكن بنسب مختلفه من عمل لاخر، وما ساشير اليه فقط في هذا المقال بالنسبه للشق التاريخي امور متعلقه بالنقطه الاخيره وهي مساله التوظيف، اما الشق الخاص بقصه المسلسل المؤلفه (الحاضنه لقصص الايات) فلها بعض الدلالات السلبيه التي اشير اليها ايضا.

عرض المسلسل في الحلقتين الاولتين قصه الصحابي الجليل البدري حاطب بن ابي بلتعه وذلك في سياق تناول حلقات المسلسل لقضيه البحث عن جاسوس عُثر قدرا علي احدي رسائله المربوطه في قدم حمامه زاجله ، وقصه حاطب رضي الله عنه كما جاءت في صحيح البخاري باختصار ان النبي صلي الله عليه وسلم – قبيل فتح مكه – امر عليا والزبير والمقداد ان يذهبوا الي مكان يدعي روضه خاخ وسيجدون فيه امراه معها رساله فلياتوا بها ، واذا بالرساله تحذير عام من حاطب بن ابي بلتعه الي اهل مكه ان النبي صلي الله عليه وسلم سيهاجمهم ، فساله النبي عنها فاقر بها وبررها بالخوف علي اهله في مكه وانه يعلم ان الله ناصر النبي صلي الله عليه وسلم برسالته او بدونها ولكن لانه الوحيد تقريبا الذي ليس له قرابات في مكه راي ان الرساله تحمي ذريته في مكه اثناء الفتح ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّي اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَقَدْ صَدَقَكُمْ»، قَالَ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ دَعْنِي اَضْرِبْ عُنُقَ هَذَا المُنَافِقِ، قَالَ: ” اِنَّهُ قَدْ شَهِدَ بَدْرًا، وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ اللَّهَ اَنْ يَكُونَ قَدِ اطَّلَعَ عَلَي اَهْلِ بَدْرٍ فَقَالَ: اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ فَقَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ ” ، لم يكن مبرر حاطب – علي وجاهته الظاهره – مقنعا للنبي صلي الله عليه وسلم ولا لاصحابه والدليل قول عمر ، ولكنه صدق من جانب – كصدق الثلاثه الذين خلفوا في غزوه تبوك فقدر لهم ذلك وان كانوا مخطئين – ومن جانب اخر لم يدفع عنه النبي صلي الله عليه وسلم الوصف والعقاب الا بمشاركته في غزوه بدر ، مانع خاص ، اما في راي القاضي صفي الدين ( يحيي الفخراني) فان حاطبا قد اخطا ولكن النبي صلي الله عليه وسلم التمس له العذر لا سيما ان مبرره كان سببه فطري وهو “حب الوطن” حسب تعبيره ، افشاء سر الجيش سببه حب الوطن ، وعندما تعجب الصغير مثلي اخبره القاضي بان حب الاسره في مكه هو من قبيل حب الوطن، وفي ذلك “حشر” واضح لحب الوطن في القصه ، ففعل حاطب رضي الله عنه كان به ضرر لوطنه الحقيقي الذي ينتسب له ، وقريش لا تمثل له وطنا سابقا حتي فهو ليس منها في شيء دينا ولا نسبا ، واما الخوف علي الذريه فلا يمكن وصفه ابدا بالمبرر الوطني في مثل هذا الموقف.

وفي الحلقه الثالثه القي (صاحب الشرطه) تهمه الجاسوسيه علي معلم اللغات (جوجا) ، وحجته انه يتقن اللغات وانه مسيحي الديانه ، ليغضب القاضي العادل جدا من الحيثيه الثانيه، ويقرر تعليم احفاده درسا جديدا معتمدا علي الموقف ، والقصص في السيره في خدمه هذا المعني كثيره ولكن ربما لان انسب تلك القصص لهذا الموقف – قصه الدرع المسروقه – قد طرحت في الجزء الذي عرض في العام الماضي (عجائب القصص في القران الكريم) بحث القاضي عن قصه جديده وصفها بانها تمثّل “قصه محبه بين المسلمين والمسيحيين في الحبشه” ليسوق قصه النجاشي اصحمه بن ابجر رضي الله عنه – في ثلاث حلقات – مسرفا في ذكر تفاصيل شبابه قبل توليه الملك ، اما قصته مع الصحابه المستجيرين به ووفد قريش فمعروفه، ولكن الملفت في توظيف القصه انه اضطر لاسقاط ذكر امر هام جدا وهو اسلام النجاشي، لتبقي القصه مناسبه للتوظيف ، وفي القصه التي ذكرها المسلسل ان النجاشي بكي عندما سمع القران الكريم من الصحابه ، ومع ذلك لما جاء وقت ذكر الايه المناسبه للحدث في نهايه كل قصه كالمعتاد اسقط الايه التي ذكرت مشهد البكاء – رغم تمثيلها – لانها تحتوي خبر الاسلام ، فذكر قوله تعالي (لَتَجِدَنَّ اَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَهً لِلَّذِينَ امَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ اَشْرَكُوا وَلَتَجِدَنَّ اَقْرَبَهُمْ مَوَدَّهً لِلَّذِينَ امَنُوا الَّذِينَ قَالُوا اِنَّا نَصَارَي ذَلِكَ بِاَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَاَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ (82)) المائده ، ولم يذكر الايه التاليه المكمله للمعني والمشهد (وَاِذَا سَمِعُوا مَا اُنْزِلَ اِلَي الرَّسُولِ تَرَي اَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا امَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ (83)) سوره المائده، كما ان القصه المعروضه نفسها تناقضت مع المعني المطروح لان فيها كان راي الحاشيه جميعها تسليم المسلمين لقريش عدا النجاشي فقط، فالمسلمون عاشوا في سلام بسبب عداله النجاشي الفريده والمنفرده ابتداء ثم اسلامه انتهاء ، بل النجاشي نفسه كتم اسلامه حتي مات خوفا من قومه ولذلك صلي عليه النبي والصحابه صلاه الغائب في المدينه كما جاء في صحيح البخاري ومسلم، فالقصه تتارجح بين كونها غير داله او كونها ذات دلاله عكسيه للمعني “المحشور” فيها.

وفي عموم الحلقات يصف القاضي الخليفه بـ (خليفه البلاد) ، وهو مصطلح كوميدي لا معني له ، فوصف الخليفه هو وصف شرعي معروف بانه مرتبط بالاسلام (خليفه المسلمين) ولكن الحرص علي تقديم المحتوي “الديني” في قالب “وطني” جعلت المسلسل يستخدم هذا الوصف الهجين عديم الدلاله.

اما عن الدلالات السلبيه للقصه المؤلفه، ففيها صاحب الشرطه رجل حاد مندفع شديد الغباء ، لم ينجح طوال الحلقات في حل لغز واحد، تحليلاته دائما سطحيه لكل الاحداث (الجاسوس وهجمات القوافل والقراصنه وغش الذهب وتسلل المتسول للقصر)، متسرع في القاء التهم جزافا (اتهم المعلم والطباخ ثم زوجته نفسها بالجاسوسيه عندما تشاجر معها دون دليل)، اضاع الخيط الوحيد للوصول للجاسوس، يامر بالغلظه في التعامل مع السجناء، ولا ينقذ الموقف في كل ذلك سوي القاضي الحكيم الذي يبرر باستمرار افعال صاحب الشرطه بانه “طيب القلب”، اينعم هو مسلسل للاطفال ينبغي ان يحتوي علي جانب من البهجه ولكن مع التركيز في نفس المسلسل علي الخطر الشديد الذي يواجه “البلاد” لا يمكن ان يكون تبرير استمرار هذا الضائع الغبي الغليظ هو انه “طيب القلب”، واظن القاضي يحيي الفخراني سيكون في مازق اذا اخطا المؤلف في حلقه وجعل القصه القرانيه حول الكفاءه مثلا، والتي هي من قيم الاسلام العاليه التي لا يبرر اضاعتها “طيبه القلب”.

ومن الدلالات السلبيه وان لم تظهر في سياق الاحداث كسلبيات صاحب الشرطه هي ان يكون القاضي صهرا للخليفه ، فاحفاد الخليفه يتعلمون الحكم والفروسيه من ابيهم وابيه ويتعلمون الحكمه والدين من جدهم لامهم، اظن ان الفصل كان افضل واولي بكثير ، كما وانه في كل هذه الحلقات كانت توجيهات القاضي كلها لصاحب الشرطه الكوميدي ، ولم يحتج الخليفه في اي موقف او قرار لتوجيه من القاضي الحكيم ، بل ولم يحتج القاضي نفسه الي توجيه، ولم يخطيء في اي تقدير الا بسبب صاحب الشرطه ايضا، حتي عندما افرج القاضي عن سارق ضبط متلبسا بسرقه رغيف وسال صاحب الشرطه عن سر البراءه رغم التلبس، كان اول فعل للقاضي نهر صاحب الشرطه لانه “يناقش حكم القاضي” ، ثم بلهجه اخف اوضح ان سرقه جائع ضعيف العقل لرغيف لا يمكن ان تكون تهمه ، فيما لم يرد لوم القاضي للخليفه علي وجود ذاك الجائع في دولته الكبيره التي يعوّض فيها من خزانه الدوله في اكثر من حلقه كبار التجار الذين سرقت او كسدت بضاعتهم بسبب اعمال الفوضي.

معتز عبد الرحمن: لا تجادل ولا تناقش يا “برينجي”

 معتز عبد الرحمن: ناسا العربيه.. وكاله من غير بواب

معتز عبد الرحمن: ماذا خسرنا بتشويه الدراما لكفار قريش؟!

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل