المحتوى الرئيسى

طريق اللؤلؤ، مشروع بحريني يوثّق لمهنة عمرها 40 قرنًا

07/11 11:25

علي مقربهٍ من العاصمه المنامه، تقع جزيره المحرّق (او كما سمّاها الاغريق ارادوس)، العاصمه والمركز السياسي القديم للبحرين. يربط هذه الجزيره بالجزيره الام، عدا الجسور الثلاثه، تاريخٌ وحكايات تبقي شاهده علي عراقه ازقتها الضيقه، التي تحتفظ حتي يومنا هذا بشواهد للحياه في “خليج ما قبل النفط”.

“طريق اللؤلؤ”، الممتدّ علي مسافه 3.5 كيلومترات بدءًا من هيرات (مغاصات) اللؤلؤ بالقرب من ساحل قلعه بوماهر وصولاً الي قلب جزيره المحرّق، ياخذ الزائر في رحله توثق تاريخ حقبه زمنيه في البحرين ومنطقه الخليج العربي كان اقتصادها يعتمد علي اللؤلؤ. يوضّح طريق اللؤلؤ ايضاً للزائر المسار الذي يعيشه اللؤلؤ البحريني من لحظه خروجه من قاع البحر حتي وصوله الي الاسواق العالميّه، وقد حاز لذلك موافقه «لجنه التّراث العالمي» باليونسكو في دورتها الـ36 عام 2012، لاعتباره ثاني موقع للتراث العالمي في المملكه (بعد قلعه البحرين التي تمّ تسجيلها ضمن القائمه في العام 2005). وقد اعتبرت اللجنه ان «الموقع هو ما تبقي من الماضي للتقليد الثقافي لصيد اللؤلؤ والثروه المتولّده عن طريق الهيمنه علي اقتصاد الخليج (من القرن الثاني الي العام 1930 عندما صنّعت اليابان اللؤلؤ الصناعي). كما انّه يشكل مثالاً بارزًا للاستخدام التقليدي للموارد البحريه والتفاعل البشري مع البيئه، ويشكّل ايضاً الاقتصاد والهويّه الثقافيه للمجتمع في الجزيره».

جاء اول وصف لعمليه الغوص علي اللؤلؤ في «ملحمه جلجامش» السومريّه، اي قبل ما يقارب 4000 عام، في جزئيه زهره الخلود التي يعتقد الباحثون ان المقصود بها هو اللؤلؤ، وذلك خلال الحديث عن ارض دلمون الاسطوريه (التي كشفت البحوث الاثريه انّها البحرين اليوم). وشكّل اللؤلؤ لسنواتٍ طويله اساسًا لاقتصاد مجتمعات عاشت وتاجرت فيه.

يُسهم في سرد حكايه اللؤلؤ ثلاث "هيرات" ومركز للمعلومات، و17 موقعًا اثريًا تمّ اعاده توزيعها علي 11 مجمعاً، يوضّح كلّ منها احد فصول الحكايه، من حياه الغوّاص الي تجاره اللّؤلؤ، مروراً بكلّ التّفاصيل الحيويّه التي تتّصل فيما بينها علي طول ثلاثه كيلومترات.

انطلاقًا من شاطئ بوماهر، حيث مركز معلومات القلعه (يضمّ مجسّمًا يعرّف الزائر بكلّ المعلومات التاريخيّه والبيوت التي سيمرّ بها مسار طريق اللؤلؤ)، نمرّ ببيت الغوص، ثم بيت الجلاهمه وبيت بدر غلوم للطبّ الشعبي، ثم بيت يوسف العلوي، وبيت فخرو، وبيت ومجلس مراد، وبعض المحالّ والعمارات في سوق القيصريّه، كعماره يوسف عبد الرحمن فخرو، وراشد فخرو، ثم بيت النّوخذه، ليحطّ اخيرًا ببيت ومسجد سِيادي. فيَروي بذلك اخباراً عن اشهر القاب العاملين في انتاج اللّؤلؤ كالطوّاش والغوّاص والنّوخذه والسِّيب وغيرهم، ويروي كذلك حكايات اخري عن صور الحياه البحرينيّه القديمه، كمراهٍ تعكس هويه المجتمع المتاصّله.

بعد طول انتظار، اعتمد مجلسا النوّاب والشوري منذ ايام مشروع القرض الميسّر من البنك الاسلامي للتنميه، وذلك لاستكمال مشروع طريق اللؤلؤ الذي تعمل علي انجازه هيئه البحرين للثقافه والاثار. وقد اتي ردّ الهيئه سريعًا، بـ“حان وقت العمل!”، بعد ترتيبات وخطط زادت مدّتها علي اربع سنوات.

بالاضافه لكونه يحافظ علي الخصوصيه الاثريه والتراثيه للموقع، سيُسهم المشروع بشكلٍ كبير في تنميه مدينه المحرّق واعاده الحياه اليها عبر اداره المشهد الحضري فيها، اذ تحتوي الاتفاقيه بين مملكة البحرين والبنك الاسلامي للتنميه علي مجموعه من المخرجات، منها ترميم 15 مبني تاريخياً مسجّلاً علي قائمه التراث العالمي ضمن طريق اللؤلؤ، وترميم 12 مبني اخر فائقه القيمه من اجل اعاده تاهيلها في وظائف تنمويه مجتمعيّه، وتحسين واجهات 750 منزلاً مطلاً علي الطريق وانشاء 19 ساحه عامّه مفتوحه.

جرت العاده ان تحتفي البحرين سنويًا بلقب او شعار معيّن، فبعد ان كانت عاصمه للثقافه العربيه في العام 2012، وعاصمه للسياحه العربيه في 2013، وعاصمه للسياحه الاسيويّه في 2014 بالاضافه لتخصيصها العام نفسه للفن تحت شعار “الفنّ عامنا”، اعلنت انّ عام 2015 تم تخصيصه للاحتفاء بالتراث البحريني تحت عنوان “تراثنا ثراؤنا”.

وكمبادره اضافيه، اُطلق “جواز عبور السياحه الثقافيه” لتشجيع المواطنين والمُقيمين والزائرين علي اكتشاف حضاره وارث البحرين، وهو دليل يتضمّن 21 محطه ثقافيه تتيح للزوار التعرّف علي ابرز المواقع التاريخيه والتراثيه في المملكه، ومسابقه ثقافيّه سياحيّه سيكون الفائزون فيها علي موعدٍ مع جوائز تنتقل بهم الي مواقع ثقافيه في بلاد عربيه او عالميه اخري.

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل