المحتوى الرئيسى

محمد رفعت الدومي يكتب: أم كوزكين علي عبد الناصر! | ساسة بوست

07/10 17:53

منذ 1 دقيقه، 10 يوليو,2015

اضاء الشيخ الشعراوي ملمحًا من صباه يومًا وحكي عن رجلٍ كان يتعمد احراجه علي الدوام في مجالس القريه باسئله غريبه، ذهب الشيخ الي بيته يومًا، وهناك، عثر علي كتيب مغلق علي الكثير من تلك الاسئله واجوبتها التي كانت تكفي لاحراجه مئات المرات لولا الصدفه، وهو لم ينج فقط انما استخدم الكتيب بعد ذلك كسلاح لصالحه، لقد حفظ كل الاسئله واجوبتها، وكان كلما حاصره الرجل بسؤال مثل:

– ما هو القبر الذي مشي بصاحبه يا شيخ امين؟ تظاهر الشعراوي قليلًا بالاستغراق في التفكير قبل ان يجيب: حوت سيدنا يونس عليه السلام! ويهلل المجلس!

لقد اختطف المعركه برمتها الي ميدانه هو ولم يترك للرجل الا الهامش الذي لا يسمح بالمناوره، انما استقبال اللكمات فقط، عندما عرف الشيخ المصدر! وفي واحده من عنترياته الفارغه قال “عبد الناصر” يومًا: ان لم نجد سلاحًا فسوف نحارب اسرائيل ومن وراءها بالنبابيت!

انذاك، افرطت ابواقه ومخابراته في ايهام القطيع بان الذعر قد اندلع في عواصم العالم لاعتقادهم بتوصل المصريين الي سلاح سري اسمه النبابيت، ولانهم يتوقعون الغفله، لم يبحثوا اصلًا احتماليه ان يسال المصريون انفسهم سؤالًا بسيطًا:

– لماذا لا يسال الامريكيون احد المهاجرين المصريين عن الترجمه الانجليزيه لمفرده “النبابيت” في لغته الام! وفي سياق شديد الشبه، عندما قال عبد الناصر ردًا علي سؤال وجهه صحفي انجليزي عن تاثير هزيمه 67 علي صحته: انا مش (خرع) زي “ايدن” بتاعكم!

لم تفلت الشؤون المعنويه الفرصه دون الدعايه لفشل ممثلي الاعلام العالمي في العثور علي مرادف ملائم لمفرده (خرع)، كما اسرفت كل الاذاعات المصريه في الضغط علي الحدث طويلًا، لقد كان العسكر في اضعف حالاتهم، لذلك، تجاوز السفه المبالغه الي الاحاله فيها عندما جعلوا باساليبهم المطروقه الفنان “محمد طه” يتغني بتلك (الحكمه الناصريه) التي كانت تذاع علي كل الشبكات عشرات المرات يوميًا: (انا مش خرع زي ايدن قالها ريسنا)، وطبعًا لازمه “محمد طه” الشهيره: اووي اووي اووي يا عيني.

عنقود طويل من اغاني القاع التي تنتصب كعلامات طريق معتم لا يعني اكثر من دلاله هزيله علي محنه الوعي حين يغيب، البطل ده من بلادي، ادب ومسامحه يا كفر مصيلحه، هو دا البطل اللي ضحي بالحياه! ولا اجد وصفاً لـ “عبد الناصر” ولا لمصر التي في خاطر كل العسكر اكثر عداله من وصف الحاج “ابراهيم كروم” فتوه حي بولاق!

عندما علم “كروم” بموعد عوده “عبد الناصر” من مؤتمر بالهند ذهب الي سيرك “ابراهيم الحلو” وطلب استعاره اسدٍ يركبه اثناء استقباله وقوبل طلبه بالرفض خوفًا علي الناس، فاكتفي بان يركب حصانه ويستقبله بموكب حاشد من اهالي بولاق وكتب علي اكبر لافته في ميدان عابدين: (ابراهيم كروم فتوه مصر يحيي جمال عبد الناصر فتوه العالم).

ما اصدق هذا التعبير العفوي علي ضخامته، فتوه الحاره والمنطقه، انت امن اذا تواريت في ظله الكبير وانفقت عمرك في تبجيله والاشاده بكل حماقاته او تموت، فتوه، لا يستمد شرعيته من الشعب او الانجازات انما من الخداع والاوهام وقوه السلاح!

انها اللادوله بكل تجلياتها انما غابه عقيده اقطاعييها عاريه جدًا لخصها “السيسي” في لحظه انسجام يتيمه مع اعماقه في جمله: حريه ايه وانا مش لاقي اكل؟

ليس الفساد في مصر اعتباطيًا يا ساده انما منظم، وما من شك ان هناك حكومه ظل وظيفتها حراسه بقاء الحياه الشاقه التي تخنق القطيع، وحراسه التعاسه في وجوههم حتي لا يجدوا وقتًا للتفكير في الخروج من ظلال السيد! والان، مصدر حكايه النبوت!

كان “نيكيتا خورتشوف” متناقضًا، فهو لا يتورع عن التنكيل بقسوه بالذين كانوا يسمونهم اعداء الشعب، وهو ايضًا لا يخجل من ان يرتدي قميصًا اوكرانيًا مزركشًا ويرقص رقصه “جاباك” ارضاءً لـ “ستالين” خلال حفلات الكرملين! كان يهلل لكل خطوه يقدم عليها عندما كان حيًا، وعندما مات وورث عنه مقعده اشتبكت معه مرحله عصبيه وهزليه من تاريخ الاتحاد كان من ابرز ملامحها تشويه صوره “ستالين”، وضرب منبر الامم المتحده بحذائه اثناء مناقشه الازمه المجريه، ووصفه “ماو تسي تونج” عند اول احتقان سياسي بين الحليفين بـ “الجزمه القديمه”!

قال ذات مره لـ “نيكسون” نائب الرئيس الامريكي انذاك: سوف نريكم ام كوزكين! عباره من العاميه الروسيه تنبض بالسخريه والوعيد، وهي تشبه الي حد بعيد في العاميه المصريه: “فسحوه” او “اخدك ورا مصنع الكراسي”، وهذا تقليد روسي شائع، يقولون ايضًا “قالت اذاعه ارمينيا” قبل روايه نكته، ذلك ان الاذاعه الارمنيه في الخمسينيات كانت تطرح سؤالًا بسيطًا ثم تجيب عليه بطريقه غريبه، ولعلها تشبه عباره “اسماعيل ياسين” في فيلم “ابن حميدو”: انتَ ما بتعرفش سويسي؟!

ولقد استغل الحزب الحكايه في الدعايه المضلله لمدي الذعر الذي انتاب الامريكيين لانهم لم يفهموا مَن هي “ام كوزكين”، وبمن يُهدِّدهم! انها المصدر الجذري لنبوت عبد الناصر المقلد! كذلك، كان “ماو تسي تونج” يتجول دائمًا في حقول الصين في زي بسيط، ولعل المصريين ما زالوا يتذكرون “حسني مبارك” في بداياته وهو يرتدي زي (قوي الشعب العامله) ويتجول في زراعات “المنيب” ربما او ضواحي القاهره دون ان ينسي ان يضع منديلًا بائسًا بين رقبته وياقه القميص النص كم!

نفس الادوات، نفس الاساليب، نفس الوجوه البارده التي لا تتفاعل، ونفس الكتيب الذي نحفظ الان جيدًا فصوله! المضحك، ان بعض الموظفين لا يخجل من ارتداء ذلك الزي حتي الان، المدرسين خاصه! بعد كل فوضي الكلام العارمه هذه اجدني الان اميل اكثر من اي وقت مضي الي تصديق عباره “عمر سليمان” الشهيره: المصريون غير مستعدين للديمقراطيه!

أهم أخبار متابعات

Comments

عاجل