المحتوى الرئيسى

ناهد صلاح تكتب: الحتة الناقصة.. تقاسيم نهاوند

07/10 10:15

ومن الحب ما قتل، اول قصه حب علي الارض كان نتاجها القتل. الحب قرين القتل، حتي لو كان الموت عشقاً.

المغنواتي.. “حسن ونعيمة دخلوا السيما“

قال لي: حسن المغنواتي وهم. انه ليس صاحب هذا الحب الوحشي الذي تغنت به المواويل ورقصت خيالاته علي الشاشات.

وقبل ان انفض عن رئتي دخان الصدمه وازفر بقوه، توقفت في حلقي اغنيه من اغنيات الطفوله:” حسن ونعيمه دخلوا السيما.. غني يا حسن .. ارقصي يا نعيمه”، نشيد السخريه والمعايره في قريتي الصغيره، حيث الحب محظور والعشق خطيئه.

ولما حاولت ان افر واهرب، صرخ صوته اليابس: كروان المنيا الذي احصت له بنات قبلي وبحري النجوم والكواكب، حسن كان يستحق الذبح. لانه كان “فلاتي”، صياد، مفتون بنفسه .. متباه، حتي ان غريمه عطوه كان احلي منه وصوته اجمل. حسن كان الكذبه الكبري، خرج من كل فرح احياه مصطحباً امراه يمنحها لذه عابره، اما نعيمه فكانت “الهبله” التي فتنها “الديب السحراوي” وسلمت له روحها.

لكين الهوي لو هوي في بحر ونعيمه

الحب خلي الغزاله اتعلقت بالنمس

وفاتت الاهل وراحت له بني والنمس

حسك تلوم المبالي تبتلي بالنمس

سي عبده.. “ياللي تروم الوصال وتحسبه ساهل”

قال لها: “يا بنت. لا وقت للمناهده، لا متسع للمجادله. تعال معي نفك الرموز ونصبح انا وانت الابديه”.

تارجحت المظ بين بلاغه الكلمات وخفه القلب، ثم استجابت لنداء عبده الحامولي، وليس علي الحب من حرج، وراحت تترجل عن نجمتها ليكون “سي عبده” هو سيد سماءها. تسكن حضنه في سكينه، سكينه هو اسمها الاول الذي ارشدها الي المستحيل، والسيده سكينه هو اسم الحي حيث كانت تقطن “الست ساكنه” العالمه “الصييته” التي حولت سكينه من امراه تحمل قصعه المونه وتغني للعمال، الي المطربه المظ صاحبه الصوت الالماظ.

والفتي عبده الحامولي، فلاح لم يرث من اهله سوي اسمه، ولم تمنحه الدنيا سوي فرصه ان يتعلم الموسيقي والغناء، صوته رسالته، خطف به قلب وعقل الخديوي اسماعيل، وهو شيء من تدابير المولي. يسافر الاستانه و تولع روحه بالموسيقي التركيه، ثم يعود ليمشي علي خطواته هو بموسيقي مصريه.

لكن المظ تتسلل الي القمه علي مهل، فيحاصرها عبده بالاسطوره، وهي الكمنجه التي ربت له القلق. قاتلته التي اراد ان يشربها في كاس واحده، يخوض معها حرب العواطف الشريفه، تغني له المظ:

ياللي تروم الوصال وتحسبه ساهل

دا شيء صعب المنال وبعيد

من قبل دا العالم.. والله

ويتزوجها، ثم تموت المظ وتتبخر كغيمه زرقاء، ويكتمل حضور عبده بغيابها، الافق يكون فسيحاً اكثر للغناء، يغني .. يتسلطن في حزنه، فيبك ومعه جمهوره وناسه يبكون. الموت يعانق الحياه وتعيش الاسطوره اطول.

عزيزه ويونس.. “وده حب ايه ده، اللي من غير اي حريه

قالت السيره ان عزيزه بنت سلطان تونس احبت الفتي يونس ع السيره.. سمعت روايات عن حسنه وقوته وشجاعته من جاريتها الهلاليه تتباهي وتتحاكي عن ابن قبيلتها، اشتعل قلبها واصابتها حمي الحب ورعشته، فلم تعد تعرف راسها من رجليها، وقالت:” هو لي”، خطفوا الفتي واودعوه قصرها المنيف سبع سنين تعرض عليه حبها وهو يقول لها: لا حب بدون حريه.

ياعزيزه يابنت السلطان لو يتغير الزمان

وقابلتيني في اي مكان كنت اعشق من غير ما تقولي

يا جبروت الفتي امام عزيزه، بنت من نار واميره كما خلقتها الاساطير والشهوات، يرفض حبها ويشترط حريته مقابل قراره، وبنت السلطان اكثر جموحاً في الحب، لا تياس من استدراج الفتي العاصف بروحها.

ابن بني هلال.. ابن التغريبه والتيه، ات من رحله الهوان، حب امامه وجدران ترجم حريته وتحاصره، في البدء عجز وغربه وضياع مع اهله في دروب بلا رحمه، ثم قيده وقله حيلته في قصر بنت السلطان.

لا زاد ولا ميه وغربتي صحبتي بتحوم حواليا

النظر كله علي عزيزه، وبنت السلطان قلبها مكسور، يقولوا لها “السماح” وهي مجروحه لا ترد. من فيهما الاسير، يونس الذي لم يسمح بان يخمش احداً حريته حتي ولو حب جارف، ام عزيزه التي فقدت سلطانها علي اعتاب قلب ضعيف؟.. هل ذنبها انها احبت يونس ام انها بنت السلطان؟

يا صبر ناعسه.. “اركض برجلك هذا مغتسل بارد وشراب”

يقول لها: اصبري. ترد: حاضر يا نبي.

ايوب في التوراه والقران نبي، وفي الحواديت والمواويل هو الصبر ذاته، ويقولوا لك: يا صبر ايوب، وينسي الجميع ناعسه وصبر ناعسه.

الحلوه يحسدونها: شعرك طويل وعيالك كتير وزوجك غني وكريم ونبي، وهي تحاول ان تتحاشي الحسد ونظرات الضغينه، فتبتسم وتقول: امنت بالله.

الرب يختبر عبده ونبيه، فينزع عنه المال والولد ويبتليه بالمرض، لم يبق عضواً في جسمه سليم سوي قلبه ولسانه يذكر الله.

الشيطان يوسوس لاهل حوران، بلدته، ان ايوب سقيم واصابته لعنه، فيصغون للشيطان وينفضون عن ايوب ويطردونه خارج الحدود، تشاركه ناعسه رحله الهوان بين ضفتي الاختبار السماوي والقهر الارضي. ثمانيه عشر عام ترعاه ولا تلتفت الي نفور الناس ولا للوجع، هي ظهره القوي وعنوانه الرئيس في فهرس الصبر. نهار وراء نهار يمر وهي تقول: ربما يكون هذا النهار اخف علينا من الامس. لا تطيل المكوث امام المصيبه، تسعي وراء عمل يساعدهما علي العيش واحتمال البلاء، والتجربه تعلمها ان الصوره زائفه وانه لا غال ولا عزيز سوي ايمانها بالله، فتوافق علي مساومه اهل البلده علي قص شعرها وبيعه لهم مقابل رغيفين والخدمه في البيوت، لم تحمل ناعسه الشكوي علي ظهرها وارتضت ان تكون في ظل ايوب الزوج والنبي.

(اركض برجلك هذا مغتسل بارد وشراب) قال الله تعالي لايوب لما طال المطال، ولما نطق ايوب نفسه: (اني مسني الضر وانت ارحم الراحمين)، يغتسل ايوب من نبع ويشرب من النبع الاخر، نبعان تفجرا بضربه رجله كما امر ربه، فذهب كل ما في بدنه من مرض واعاد له ماله، اما ناعسه التي نزلت النبع اغتسلت هي الاخري وشربت استعادت شبابها وعافيتها وعوضها الله باولاد اخرين، صبرها كان مفتاحها للملحمه المشتهاه.

زبيده ومينو.. “Cherchez La Zebeid”

ويقول الجبرتي: عدي الهوي هنا وميل، ومينو اصبح عبدالله واصطاد الرشيديه. وزبيده صبيه او اربعينيه ذات الحسن والجمال تتزوج الجنرال الاصلع.

تبكي: دي بلدنا وبحرنا وارضنا وشجرنا وحجرنا، ازاي يعني يمشي قدامي وامشي انا في ظله. يرد ابوها شيخ الاعيان: يا بنتي، نسب يزيد النفوذ، وبعدين ده اسلم، تجاوبه: في الازهر الشريف، ده شرطي.

نساء رشيد وبناتها رموا الغُزْ الانجليزي بالماء والزيت يغلي، وزبيده مجبره تزوجت ساري عسكر جند مصر من بعد نابليون. لا شيء حال بينها وبين سهم النصيب الذي اصاب الغزاله، فاصرعها في بلاد انجبتها، والنصيب لا يرد. يظل لها من الهواء حصه ولها من الاولاد سليمان ابن نصيبها، علي اسم قاتل غريمه كليبر اسماه والده عبدالله جاك مينو.

ويقولوا: اهل رشيد كما اهل المنصوره حلوين وملونين لان الغازي مر من هنا، قول لهم: لا.. عشان طينتهم مصريه. ويسالوا: فين راحت زبيده بعد موت مينو؟.. تاريخ يقول: في فرنسا باتت وماتت، وتاريخ يقول: مصر لم تفارق، والله اعلم.

زليخه ويوسف.. “ نحن نقص عليك احسن القصص”

قال الرب: ان يوسف احسن القصص، اسطوره تعيش للابد.

وانا قلت: امنت بالحرف وبالغوايه والعفه، وبمكر النساء وكيدهن وبالنهايات السعيده. انا راعيل بنت رماييل وزليخه لقبي، رايت يوسف الصبي وعشقته وما علي العاشق من لوم ولا علي الجمال من نجده.

احدي عشر كوكباً والشمس والقمر له ساجدين، اخوته غاروا وثاروا ورموه في البئر واتهموا الذئب. هو يوسف الذي مال له الجمال نفسه ودار في دورته الابديه، هو سيد نهاري وليلي، لمحت له وصرحت ومزقت كل اقنعه الحياء وغويته، انا زليخه شاهده عفته وشهيده عشقه، من اجله شحذت سلاحي وخضت الحروب النفسيه، فلم تصمد واحده لامتني في الهوي، كلهن خسرن وانتصرت انا ثم سجنت يوسف.

أهم أخبار مقالات

Comments

عاجل