المحتوى الرئيسى

تفتت مجموعة بريكس

07/08 23:32

التوفيق بين مصالح دول بريكس

في عام 2001، عندما صاغ جيم اونيل من بنك غولدمان ساكس الوصف المختصر "بريك" في الاشاره الي البرازيل وروسيا والهند والصين، كان العالم يعلق امالاً كبيره علي الاقتصادات الاربعه الناشئه، التي كان من المتوقع ان يبلغ مجموع ناتجها المحلي الاجمالي 128.4 تريليون دولار بحلول عام 2050، ليتضاءل امام هذا الرقم الناتج المحلي الاجمالي الاميركي المتوقع بنحو 38.5 تريليون دولار بحلول نفس العام.

وعندما يجتمع زعماء الدول الاربع في 26 مارس/اذار الجاري في جنوب إفريقيا -التي انضمت الي مجموعتهم عام 2010- في اطار قمه مجموعه "بريكس" الخامسه، فمن المقرر ان يعاد تقييم امكانيات المجموعه والتقدم الذي احرزته.

والواقع ان مستضيفي القمه حدّدوا اهدافاً طموحه انعكست في موضوع القمه: "مجموعه بريكس وافريقيا.. شراكه من اجل التنميه، والتكامل، والتصنيع". وهم يسعون الي تعزيز المصالح الوطنيه، ودعم الاجنده الافريقيه، واعاده تنظيم البنيه الماليه والسياسيه والتجاريه علي مستوي العالم، وهي الاجنده التي تشمل اهدافاً من القمم السابقه، في حين تعكس هدف جنوب افريقيا المتمثل في تسخير عضويتها في المجموعه لخدمه افريقيا بالكامل.

ولكن، في حين قد تبدو مساله تعزيز العلاقات مع الدول الافريقيه وكانها ذلك النوع من قضايا التنميه البراغماتيه التي ينبغي لها ان تحظي بالاجماع، فان بذور الشك زرعت بالفعل. فقد دعا محافظ البنك المركزي بنيجيريا لاميدو سنوسي الافارقه الي ادراك ان "افتتانهم بالصين" ساعد في جلب "شكل جديد من اشكال الامبرياليه".

وفي ظل التوقعات بزياده التجاره فيما بين دول مجموعه بريكس وبين المجموعه وبقيه افريقيا من نحو 340 مليار دولار عام 2012 الي اكثر من خمسمائه مليار عام 2015، فان الجانب التجاري سوف يشهد -ايضاً- الكثير من المناقشات.

حتي الان، كان هدف "اعاده تنظيم العالم" -بعيداً عن الدول المتقدمة- سبباً في تحفيز جهود هذه الدول الخمس الشديده التباين، لصياغه كتله خاصه بها. ولكن الاولويه المعطاه لتعزيز المصالح الوطنيه كانت تعمل دوماً علي اعاقه العمل المتضافر الحقيقي، علي الاقل حتي الان.

ولهذا السبب، فان فكره انشاء بنك التنميه لمجموعه بريكس اكتسبت كل هذا القدر من الاهميه. وقد تعمل دراسه الجدوي التي اجريت مؤخراً علي تحفيز التقدم الذي طال انتظاره. ولكن نحو اي غايه؟

وفقاً لوكاله انباء الصين الرسميه، فان الهدف الاساسي لبنك التنميه يتلخص في "توجيه التنميه علي النحو الذي يعكس اولويات مجموعه بريكس وامكانياتها". وبمجرد تاسيس البنك، فسوف يتم تكليف فريق عمل ببناء القدره الفنيه والاداريه اللازمه. ولكن هذا الخطاب لا يعالج التناقضات بين مصالح دول مجموعه بريكس، ولا يحدد دور البنك في التوفيق بين هذه المصالح وتعزيزها.

ولان الصين اصبحت بالفعل الشريك التجاري الاكبر لافريقيا، فان هذا من شانه ان يثير التساؤلات حول مساهمات البنك المقترح المحتمله علي سبيل المثال. والواقع ان رد الصين علي هذا التساؤل بان البنك سوف يعمل علي تعزيز "تنميه علاقات اكثر قوه وترابطاً بين دول بريكس" لم تكن فيه اجابه شافيه. فهل من المفترض ان يعمل البنك كثقل موازن لبنوك التنميه العالميه المتعدده الاطراف مثل البنك الدولي، ام انه سوف يعمل علي الحد من هيمنه الاميركيين والاوروبيين علي مؤسسات بريتون وودز؟

اياً كان الهدف الاساسي، فان تحديده ومعالجه المخاطر المصاحبه له امر بالغ الاهميه، اذا كان لمجموعه بريكس ان تنجح في احراز تقدم حقيقي. علي سبيل المثال، اذا كان البنك المقترح مجرد مؤسسه تمويل اضافيه تهدف الي دعم اجنده التنميه في دول مجموعه بريكس، فيتعين علي زعماء الدول المشاركه ان يوضحوا كيفيه تفاعل البنك مع المؤسسات الوطنيه، مثل بنك التنميه البرازيلي، وبنك التنميه الصيني، وبنك التصدير والاستيراد في الهند.

التوفيق بين مصالح دول بريكس

ولكن مشكله التوفيق بين مصالح دول مجموعه بريكس هي الاكثر عمقا. ولنتامل هنا حاجه الهند الي استثمارات هائله في البنيه الاساسيه، والتي اتضحت في ميزانيتها المقترحه للفتره 2013-2014.

وعلي نحو مماثل، من غير الواضح ما اذا كانت جنوب افريقيا قد تكسب من عضويتها في مجموعه بريكس.

فعلي مدي العقود القليله الماضيه، استخدمت البلاد عائدات التعدين لتمهيد الطرق، وتعزيز فرض القانون، ودعم التعليم، وتنشيط المدن والبلدات.

ومن غير المرجح ان تنجح البلاد في الحد من مشاكلها الخطيره المتبقيه -الفقر والتفاوت الاجتماعي- من خلال التعاون مع دول مجموعه بريكس الاخري، والتي تحتل جميعها مراتب متاخره عالمياً كمجتمعات تفتقر للمساواه.

وسوف يكون من الصعب -بنفس القدر- معالجه مشاكل مشتركه اخري مثل الفساد والفقر والتخلف الاجتماعي، بنفس الاسلوب. ويبدو ان دول بريكس قد لا تكون مستعده حتي لبذل اي محاوله.

ورغم تاكيد ون جيا باو بخطابه الاخير كرئيس للوزراء علي العقبات العنيده التي تواجه التنميه الاقتصاديه بالصين (وتشترك بقيه دول بريكس معها في الكثير من هذه العقبات) فان الرئيس الجديد شي جين بينغ يصر علي ان بلاده لن تضحي بسيادتها، او امنها، او مصالحها في مجال التنميه من اجل مزيد من التجاره.

أهم أخبار متابعات

Comments

عاجل