المحتوى الرئيسى

تشاؤم في المناطق الإسرائيلية المحاذية لغزة بعد عام من الحرب

07/08 21:23

من علي سطح احدي البنايات في بلده اسرائيليه محاذيه لقطاع غزه، لا شيء يؤشر علي ان حربا مستعره كانت تدور هنا قبل عام من اليوم. مزارعون يشتغلون في حقولهم، جرارات تحرث التربه الخصبه، وطلاب يتوجهون جماعه الي ثانويه سابير المحليه علي مشارف بلده سديروت، لكن الناس هنا يُجمعون علي ان حرب غزة التي اطلقت عليها اسرائيل اسم"الجرف الصامد" خلطت كل الاوراق. "الدرع الذي حصنت به نفسي انهار بكل بساطه. للمره الاولي شعرت بمعني الخوف الحقيقي"، تقول يام برويده اميتاي البالغه من العمر 29 سنه والتي تعيش في مستوطنه كيبوتس ايرز بالقرب من معبر ايرز(بيت حانون) شمال غزه.

"كنت اخشي من البقاء وحدي ومن الذهاب الي الحمام ومن اخراج القمامه ومن ابسط الامور. لم اعد اجرؤ حتي علي ممارسه الركض" تقول برويده لـ DW.

بعد سنوات من السفر والتنقل بين اوروبا واستراليا والعيش في نيويورك قررت برويده العوده الي منزلها رفقه زوجها حيث ترعي الان رضيعها ذي الاربعه اشهر. ورغم ان منزل والديها في كفر عزه استُهدف بشكل مباشر بصاروخ خلال حرب 2012 لكنها تقول ان حرب السنه الماضيه غيرت كل شيء.

قتل 67 جنديا اسرائيليا وخمسه مدنيين من الجانب الاسرائيلي خلال الحرب التي دامت 50 يوما وجرح اكثر من 1600 جندي و837 مدنيا. اما علي الجانب الفلسطيني فقد كانت من اكثر الحروب الدمويه التي شهدها القطاع، فالارقام تنقل ان اكثر من 2100 شخص قتلوا اغلبهم من المدنيين.

برويده اختارت العوده الي منزلها رغم ما عاشته خلال الحرب.

"كان هناك شعور ان الحرب لن تنتهي ابدا.مع مرور الوقت تعلمنا ان نركز علي الامل في ان الامور ستتغير للافضل ولكن بعد الحرب الاخيره من الصعب جدا التفاؤل بحدوث ذلك"، تقول برويده.

خيبه امل اخري جاءت مع فوز اليميني المحافظ بنيامين نتياهو في الانتخابات في مارس الماضي فـ"ذلك لم يساهم سوي في المزيد من الياس"، تقول برويده.

"هناك فئه كبيره بين الفلسطينيين واليهود تؤمن بفكره التعايش هنا، بل اكثر من ذلك. فهناك من عاش هذه التجربه وعاصرها. وتحديدا اولئك الذين يعيشون هنا يعرفون ان العنف لن يؤدي الي حل لكن يبدو وكان لا توجد حكومه تريد التغيير"، تعلق برويده.

علي بعد 55 دقيقه فقط من تل ابيب ينظر الكثيرون الي البلدات المحاذيه لغزه علي انها مناطق مهجوره تبعد سنوات ضوئيه عن المركز الحيوي. ويري كثير من الاسرائيليين ان اختيار العيش بالقرب من غزه تصرف غير مسؤول.

" لا يهم اين يعيش المرء"، تقول ادي باتان ميري البالغه من العمر 28 سنه من سديروت وهي تحمل ابنها، وتشير الي انه قبل خمس سنوات لم يكن من الوارد ان تسقط صواريخ علي بئر سبع (علي 47 كيلومترا من غزه). "اليوم هذا واقع، والصواريخ تسقط حتي في مناطق ابعد. ما يبدو اليوم خياليا سيكون واقعيا في الحرب القادمه"، تقول ميري المقتنعه بان الحل الوحيد هو الاتفاق علي المستوي سياسي.

طوال فتره الحرب كانت وجهات النظر المتطرفه من كلا الجانبين في المشهد السياسي الاسرائيلي يتم بثها، ما ادي الي موجه من العنف والعنصريه في البلاد. كما ازدهرت مجموعات علي موقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك) تدعو الي محاربه اليساريين ونزلت الي الشارع مظاهرات ليساريين ويمينيين للاحتجاج علي الحرب. كل طرف كان يسعي لفرض رايه.

"الحرب ادت الي تطرف في الاراء اكثر من ذي قبل"، تقول انا رويتمان وهي طالبه سابقه في ثانويه سابير وتعيش في دير السبع. "وجدت نفسي مضطره لحذف العديد من اصدقائي علي فيسبوك فقط لاني لم اعد احتمل قراءه او سماع تعليقاتهم".

المناطق المحاذيه لغزه تسودها العلمانيه الي حد كبير ومعظم سكان هذه المناطق ولدوا فيها او جاءوا اليها لاسباب اقتصاديه. اران غورين الطالبه البالغه من العمر 25 سنه انتقلت مع والديها الي مستوطنه دوغيت في قطاع غزه حينما كانت في الثانيه من عمرها. بعد سنوات تم اخلاء المستوطنه في تسويه ضمن خطة فك الارتباط الأحادية الإسرائيلية عام 2005.وانتقلت الاسره الي كيبوتس ناحل عوز ثم الي سديروت لاحقا.

غورين "اتمني ان لا يعيش ابنائي تجربتي".

"بقينا في المنطقه بسبب عمل امي. كنا نذهب الي المدرسه هنا واصدقاؤنا هنا. بالتاكيد لم يكن انتقالا لاسباب ايديولوجيه" تقول غورين، وتضيف "هذا المكان جنه عندما تكون الاوضاع هادئه، وجحيم لا يطاق في اوقات الحرب".

في حين يعاني 8 بالمائه من سكان اسرائيل من اضطراب ما بعد الصدمه (PTSD)، تصل النسبه في سديروت الي 44 بالمائه، اي اكثر بخمسه اضعاف. وحتي بالمقارنه مع مناطق اخري في اسرائيل تضررت من الحرب مثل حيفا او الحدود الشماليه مع لبنان، يعاني اطفال الجنوب بشكل اكبر من هذه الاضطرابات.

"ذات مره ونحن نجري امتحانا داخل المدرسه، سقط صاروخ قسام مباشره علي فصلنا. لحسن الحظ نجونا من ذلك لكن هذه التجارب لم تكن سهله علينا وان تحولت مع الوقت الي روتين"، تقول غورين. "وحتي اليوم استيقظ وانا اتصبب عرقا لانه تاتيني كوابيس ياتي فيها ارهابيون، يخطفونني ويذهبون بي الي نفق".

كشفت دراسه تعود لسنه 2012 نشرت في "مجله صحه المراهق" ان حوالي نصف الشباب في سديروت يعانون من اضطراب ما بعد الصدمه. " اتمني ان لا تمر ابنتي عندما تكبر بهذا الشعور"، تقول برويده.

سديروت لا تبعد سوي 55 دقيقه عن تل ابيب.

غورين تبدو اقل تفاؤلا من برويده. "لا اعتقد ان شيئا سيتغير في المستقبل القريب. لا احكم علي احد، ولكن لا يمكنني ان اتفهم اولئك الذين يختارون تربيه اطفالهم في وسط كل هذه المخاطر. امي فعلت ذلك، وكبرت انا بهذه الطريقه، لكني لا اريد ان يعيش ابنائي نفس التجربه. انا مرتبطه بهذا المكان لكني لا اظن اني سابقي فيه".

نرشح لك

أهم أخبار الصفحات الأولى

Comments

عاجل