صور| الشيح زايد.. أسطورة حولت الصحراء إلى وجهة سياحية رائدة

في التاريخ الانساني محطات فارقه وشخصيات قياديه استثنائيه تعرف جيدًا كيف تدير احداث التاريخ وتوجّه سياقاته، محققه تحولًا فارقًا ونقله حضاريه في زمن قياسي، ويظل زايد بن سلطان ال نهيان علامه فارقه وشخصيه متفرده في طبيعتها القياديه.

ويحل اليوم التاسع عشر من رمضان، عإم 1435 هجريّا، ذكري وفاه فقيد الأمه العربيه، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، مؤسس دولة الامارات العربية المتحدة، الذي رحل عن دنيانا قبل عشر سنوات، واذ نستحضر في هذا الشهر الفضيل ذكراه، فان الامه العربيه لن تنسي القيم الاصيله التي حاول بثها في نفوس الشعب الاماراتي والعربي، ومنها المحبه والعطاء والعمل الانساني.

تحيي دوله الامارات اليوم الاثنين التاسع عشر من شهر رمضان، الذكري الحاديه عشره لرحيل مؤسسها وباني نهضتها الشيخ زايد بن سلطان ال نهيان، رحمه الله، وهو اليوم الذي امر نائب رئيس دولة الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، بتسميته بيوم زايد للعمل الانساني، تخليدًا لذكري رحيل الشيخ زايد بن سلطان ال نهيان، وعرفانًا بدوره في تاسيس مسيره العطاء الانساني في دوله الامارات والعالم.

ويضم يوم التاسع عشر من رمضان من كل عام، فعاليات ومبادرات وانشطه خيريه، تشارك فيها جميع الجهات علي مستوي الدوله، كما يتم اطلاق العديد من المبادرات الانسانيه العالميه والمحليه.

ويعتبر هذا اليوم علامه فارقه في تاريخ دوله الامارات العربيه المتحده، اذ ان هذا الاحتفال يعبر عن مجموعه من الانجازات التي حققتها الدوله علي صعيد العمل الانساني من خلال المساعدات التي تقدمها للدول والشعوب الاخري.

الشيخ زايد بن سلطان ال نهيان مؤسس دوله الامارات العربيه المتحده، واول من نادي باقامه اتحاد بين امارات الساحل الخليجي كي تكون قادره علي مواجهه التحديات الجديده بعد الجلاء البريطاني.

رجل من هذا الزمان، حكيم بقراءه سطور الايام وحروف التاريخ، استطاع ان يستشرف افاق المستقبل بكل ثقه ووضوح؛ فسار بشعبه نحو الحضاره والتقدم الذي اذهل العالم، في ارض صحراء قاحله، صارت خلال 40 عامًا وجهه سياحيه رائده في العالم، ونموذجًا اقتصاديًا وسياسيًا وشعبيًا يحتذي به.

ولد سمو الشيخ زايد بن سلطان بن زايد بن خليفة بن شخبوط بن ذياب بن عيسي بن نهيان بن فلاح الياسي في عام 1918 م، في ابوظبي في قصر الحصن، الذي كان والده الشيخ سلطان بن زايد قد بناه في عام 1910 م، وهو الابن الرابع، وله ثلاثه من الاخوه الذكور هم: شخبوط، وهزاع، وخالد، وله اخت واحده، ووالدته هي الشيخه سلامه بنت الشيخ بطي بن خادم بن نهيان ال حامد القبيسي.

سُمي زايد تيمّنًا بجده لابيه زايد بن خليفه الكبير امير بني ياس، الرجل القوي الذي وحّد القبائل وعزّز من مكانه ال نهيان بينها، واستطاع ان يربط امارته بعلاقات قويه مع الامارات والقبائل المجاوره، وتمتع بالحكمه والسيره العطره وحسن التصرف، حكم منذ عام 1855 حتي 1909، وقد شبهت الكثير من الدراسات ما تميز به الجد زايد بالحفيد، وخصوصًا في المروءه والعزّه والشهامه.

عُرِف عن سموه حب المرح واللهو في الصغر، فكان يهوي القنص في الصحراء ويتنافس مع رفاقه، كما احب الخيل العربيه، وكان يتردد دومًا علي اسطبل العائله في "مزيد" حيث كان يحتوي ايام والده علي 180 من الخيول، و400 من البعير.

حين بلغ التاسعه من عمره وكان ذلك عام 1927، توفي والده ، فشكّل ذلك صدمه له وادخل الي قلبه حزنًا عميقًا لطالما كان يظهر في عينيه حتي حين يضحك، فقد كان متعلقًا به بشده، ورحيله المه كثيرًا ، فظل منعزلًا عن الناس شهورًا، وفقد مرحه الطفولي الذي عرفه الناس به، واشتهر فيه حينًا من الزمن.

في عام 1953 بدا سموه رحله حول العالم يعزز فيها من خبرته السياسيه، ويطلع من خلالها علي تجارب اخري للحكم والعيش، فزار بريطانيا ومن ثم الولايات المتحده وسويسرا ولبنان والعراق ومصر وسوريا والهند وباكستان وفرنسا، وقد زادته هذه التجربه اقتناعًا بمدي الحاجه لتطوير الحياه في الامارات، والنهوض بها باسرع وقت ممكن؛ للحاق بركب تلك الدول التي صارت تتمني ان تصير كالامارات اليوم.

وفي السادس من اغسطس عام 1966 تولي سموه، مقاليد الحكم في اماره ابوظبي، وبدات منذ ذلك الحين الوتيره المتسارعه للتطور والنهضه، ولم تقف عجله الازدهار عن التسارع والمضي للامام.

عمل زايد منذ البدايه علي ارساء قواعد الدوله المؤسساتيه المنظمه علي اسس حضاريه وعصريه، وحرص علي اقامه مشروعات قصيره الامد، واخري طويله الامد في شتي المجالات.

ومنذ ذلك الحين والامارات تقفز بخطوات هائله علي طريق التطوير والحضاره، وقد قاد الشيخ زياد هذه المسيره في كل المجالات، فسار بالدوله بحكمه وعداله وحنكه سياسيه ادهشت العالم، فصارت الامارات قوه سياسيه واقتصاديه يحسب لها الف حساب، وصار مواطنوها من اكثر سكان العالم رخاء وسعاده، فتحقيق الرفاه للمواطنين جميعهم كان حلم الراحل الغالي، وعاش حياته ساعيًا جادًا لتحقيق هذا الحلم، فكان له ما اراد.

ولم يقتصر حبه علي الامارات فحسب، بل امتد ليشمل جميع ارجاء الوطن العربى والاسلامي والعالمي، ولا يمكن ان تنسي صفحات التاريخ مقولته الشهيره: "النفط العربي ليس اغلي من الدم العربي واتبع ذلك بقطع واردات النفط عن الدول الداعمه لاسرائيل ابان الحرب العربيه الاسرائيليه عام 1973.

وبعد التجربه الناجحه لاتحاد الامارات، وما شهدته من تطور كنتيجه طبيعيه لجهود مؤسسها، نظر سموه الي منطقه الخليج ككل، وراي بعين بصيرته، وبعمق حكمته ضروره تشكيل مجلس تعاوني لتنسيق الجهود ومواجهه التحديات الجديده في المنطقه، فاستضافت ابوظبي في 25 من فبراير عام 1981 اول اجتماع قمه لمجلس التعاون لدول الخليج العربي.