المحتوى الرئيسى

قبل داعش، الاستعمار الغربي دمر الآثار العربية

07/06 12:37

في مقال بمدونته علي موقع جريده "هاارتس" كتب بني تسيفار، محرر الصفحه الثقافيه في الجريده، عن هدم الكنوز الاثريه في مدينة تدمر السوريه علي يد داعش. تمني تسيفار علي الاستعمار العوده للحفاظ علي هذه الكنوز الاثريه التي لا يليق بسكان المكان حمايتها، واشاد بجهود رجل الاعمال الاسرائيلي اليميني، شلومو موسايوف، في "التنقيب عن الاثار اليهوديه" في فلسطين والبلاد العربية. مقال تسيفار الذي حمل عنوان "خساره ان القوي العظمي الاستعماريه لم تسرق اثاراً اكثر من البلدان العربية"، اثار حفيظه راحيل بيتارييه، الكاتبه المهتمه بالثقافه في شرق أسيا، والتي ردت عليه في موقع "سيحاه مكوميت". كتبت بيتارييه في مقال بعنوان "بني تسيفار، من هنا البربري؟" لتذكره وتذكرنا بتاريخ اهل المكان في حمايه اثارهم، في مقابل تاريخ الغرب واسرائيل في سرقه هذه الاثار وتدميرها.

في ملحق نهايه الاسبوع بـ"هاارتس"، كتب بني تسيفار مستوحياً هدم الكنوز الثقافيه لتدمر علي يد بربريي داعش قائلاً: "انا اصلي لروح الاستعمار، وخساره انه لم يسرق اكثر ولم ينهب اكثر ولم يخلِ اكثر بلدان الشرق الاوسط من كنوزها. من يُعتبرون الورثه الشرعيين لهذه الكنوز لا يليق بهم ان يكونوا اصحابها".

عارض تسيفار "المثاليين" الذين ارادوا اعاده تماثيل البارثينون من المتحف البريطاني لليونان، والمسله من ميدان الكونكورد لمصر (وبين السطور، يبدو ايضاً انهم ارادوا ارجاع تماثيل الابراج في القصر الصيفي وكنوز كهوف دونهاونج للصين، والاعمال الذهبيه المسروقه للهند ولافغانستان والمزيد والمزيد). لم اكن لاجتهد في التطرق لما كتبه تسيفار - وهو في الغالب لا معني له - لو لم يكن هذا راياً شائعاً. "من حظنا ان التماثيل/ المخطوطات/ الجداريات نُقلت لاوروبا. فقط بفضل هذا نجت من التطرف المدمر في المكان الذي خلقت فيه".

ايه قسوه يحتاجها المرء من اجل اتهام ضحايا العنف الدائر بكونهم لم ينجحوا في الدفاع عن كنوزهم، من اجل القول ان شخصاً اخر كان ليفعل هذا افضل منهم. هذه القسوه، بالطبع، تناقض بشكل بارز الحقائق الاساسيه: علي سبيل المثال، فجزء كبير من الكنوز المسروقه من طرق الحرير [في اسيا]، وصل برلين ثم فُقد نهائياً في تفجيرات قوات الحلفاء. اشياء مشابهه حدثت في الهجمات الامريكيه علي العراق، وفي مقابل هذا، فسواء المثقفون او الاميّون عرّضوا حياتهم للخطر من اجل الحفاظ علي كنوزهم التراثيه.

انا التقيت شخصين علي هذه الشاكله: شوان كي، موسيقِي اخفي كل الادوات الموسيقيه والخطوط الخاصه لموسيقي ابويه القادمين من وادي ليجيانج في عصر الثورة الثقافية، تحت تهديد الحبس او ما هو اسوا، وقام اخيراً باحياء موسيقي الناشي القديمه كمشروع شخصي، قبل ان تحوز اهتماماً حكومياً او سياحياً، وراهب من شرق التبت حافظ علي كتابات ديره من الحرس الاحمر معرضاً حياته للخطر الحقيقي في هذه الفتره المظلمه. افغانيون مثل امرودين اسكرزاي، فعلوا شيئاً مشابهاً تحت سلطه طالبان. نحن شبه متاكدين ان هناك سوريين في تدمر او في حلب يتعاملون بشكل مشابه، حتي من خلال الرعب اليومي الذي يعيشون فيه، ولن نعرف عن امرهم الا في المستقبل ان كان لنا ولهم حظ. كم هو سهل تجاهل هؤلاء الذين يحافظون علي الكنوز ويعرضون حياتهم للخطر في التزام تجاه التراث والطائفه، وكم هو حقير مدح سارقي الكنوز الذين فعلوا هذا بالاساس تباهياً وبحثاً عن المجد، وتسببوا في تدمير كنوز لا تقل عن تلك التي حافظوا عليها.

ومن المبالغ فيه ان ندعم "مجموعات اليمين" التي تنقب عن الكنوز اليهوديه، كما يفعل تسيفار، ونتجاهل انهم وفق شهادتهم، يحاولون محو واخفاء التاريخ غير اليهودي. كم هو سهل ان ننسي العرب الشرق اوسطيين الذين حافظوا علي كتب العهد القديم اليمنيه والسوريه (التي سرقتها المؤسسه الصهيونيه بعد ذلك)، هؤلاء العرب الذين ما زالوا يحافظون علي المعابد اليهوديه في المغرب. كم من التبجح والقبح في هذا! عندما نضع معدلات الحفاظ علي الثقافه، هذا مقابل ذاك، بين الشرق والغرب، ليس فقط في العقود الاخيره وانما علي طول التاريخ كله، هل سيكون بديهياً ان الغرب سينتصر في هذه "المسابقه" المزعومه؟

في نقاش دار علي صفحتي علي فيسبوك في هذا الشان كتب ايلي نيفو: "معدل الدمار الذي حاق بالنفائس الاركيولوجيه التي دمرتها داعش في العامين الاخيرين لا يقارب ابداً تدمير الكاتدرائيات والمتاحف (والمستشفيات، وحدائق الاطفال وما الي ذلك) في الحضاره الغربيه (واضيف انا: وايضاً غير الغربيه)، بواسطه الحضاره الغربيه، التي وصلت لذروتها في الحربين العالميتين. يبدو انه من اجل الدفاع عن الحضاره الغربيه، بالاضافه للنهب الذي وصل الي اوروبا، ينبغي تخزينها في سوريا او في [العاصمه النيباليه] كاتماندو، او في البراكين. ولكن ليس في اوروبا".

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل