من قصص الأنبياء والمرسلين .. نبي الله سليمان (18ـ 30)

هو سليمان بن داود عليهما السلام، ورث النبوه والملك من ابيه داود عليه السلام، وسال سليمان ربه ملكًا لا ينبغي لاحد من بعده، فاجابه الله الي مسالته.

فعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما ان رسول الله صلي الله عليه وسلم قال: (ان سليمان بن داود صلي الله عليه وسلم لما بني بيت المقدس سال الله عز وجل ثلاثه، سال الله عز وجل حكمًا يصادف حكمه فاوتيه، وسال الله عز وجل ملكًا لا ينبغي لاحد من بعده فاوتيه وسال الله عز وجل حين فرغ من بناء المسجد الا ياتيه احد لا ينهزه الا الصلاه فيه ان يخرجه من خطيئته كيوم ولدته امه.

فسخر الله له الريح تجري بامره، وسخرت له الجن والشياطين، والانس والطير كلهم جنود له ياتمرون بامره، قال تعالي: “قال رب اغفر لي وهب لي ملكا لا ينبغي لاحد من بعدي انك انت الوهاب، فسخرنا له الريح تجري بامره رخاء حيث اصاب، والشياطين كل بناء وغواص، واخرين مقرنين في الاصفاد، هذا عطاؤنا فامنن او امسك بغير حساب”، وقال تعالي: “وحشر لسليمان جنوده من الجن والانس والطير فهم يوزعون”.

ومكنه الله من فهم لغه الطيور وغيرها، قال تعالي: “يا ايها الناس علمنا منطق الطير”، وقال تعالي: “وحشر لسليمان جنوده من الجن والانس والطير فهم يوزعون حتي اذا اتو علي وادي النمل قالت نمله يا ايها النمل ادخلوا مساكنكم لا يحطمنكم سليمان وجنوده وهم لا يشعرون فتبسم ضاحكاً من قولها، وقال رب اوزعني ان اشكر نعمتك التي انعمت علي وعلي والدي وان اعمل صالحاً ترضاه وادخلني برحمتك في عبادك الصالحين”.

وقصه سليمان عليه السلام مع الملكه بلقيس، اظهرت عظمه ملك سليمان، وكيف اُحضر عرش بلقيس خلال مده يسيره جداً، قال تعالي: “قال الذي عنده علم من الكتاب انا اتيك به قبل ان يرتد اليك طرفك”، والمعني: “قبل ان يرجع اليك طرفك اذا نظرت به الي ابعد غايه منك ثم اغمضته” .

وكان لسليمان عليه السلام نساء كثر، ذكر بعض السلف انه كانت لسليمان عليه السلام من النساء الف امراه سبعمائه حرائر، وثلاثمائه اماء، وقيل العكس، ويدل علي كثرتهم الحديث الذي رواه ابو هريره رضي الله عنه ان رسول الله صلي الله عليه وسلم قال : (قال سليمان لاطوفن الليله علي تسعين امراه كلهن تاتي بفارس يجاهد في سبيل الله فقال له صاحبه قل ان شاء الله فلم يقل ان شاء الله فطاف عليهن جميعًا فلم يحمل منهن الا امراه واحده جاءت بشق رجل وايم الذي نفس محمد بيده لو قال ان شاء الله لجاهدوا في سبيل الله فرسانًا اجمعين.

واما موت سليمان عليه السلام، فقد كان فيه عبره للانس، حيث قبض الله روح سليمان وهو متكئ علي عصاه، وكانوا يهابون منه فلا يسالونه او يحدثونه حتي يكون هو البادئ، واستمر علي ذلك زمناً طويلاً، وما علموا الا بعد ان اكلت “الارضه” عصا سليمان فخر ساقطاً، فعلمت الانس ان الجن لا يعلمون الغيب، ولو كانت الجن تعلم ان سليمان عليه السلام قد مات منذ زمن، لم يصبروا علي البقاء في السخره والعذاب.

وكان سليمان عليه السلام قد دعا ربه فقال: اللهم عم علي الجن موتي حتي تعلم الانس ان الجن لا يعلمون الغيب قال تعالي: “فلما قضينا عليه الموت ما دلهم علي موته الا دابه الارض تاكل منساته فلما خر تبينت الجن ان لو كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا في العذاب المهين”.

وعن الدروس المستفاده من قصه سيدنا سليمان قال الدكتور محمود حربي مدرس بكليه الدراسات الاسلاميه بجامعه الازهر، ان الدعاء مهم جداً ويلزم علي الانسان المسلم الاهتمام بدعاء الله سبحانه وتعالي والدعاء مع العباده كما لا يخفي عليكم.

اضاف حربي لـ” محيط”، المكانه الرفيعه والمرموقه والمهمه للعلم، حيث انّ الانسان تتسع مداركه فتتعاظم معرفته لله سبحانه وتعالي مما يجعله مؤهلاً لعطاء الله سبحانه وتعالي، ويظهر ذلك جليا في تفوق الذي عنده علم من الكتاب علي الجن، نحن نعرف كم اعطي الله سبحانه وتعالي الجن من قوي لا تتوفر للانسان العادي .

وتابع: عدم الاغترار بالنعم التي يمنحها الله سبحانه وتعالي ونسيان حق شكرها وادائه، ويتضح ذلك جلياً في سوره النمل حينا توجه سيدنا سليمان عليه السلام علي الله سبحانه وتعالي وبشكل مباشر بالحمد والشكر لله سبحانه تعالي علي ما منحه به من النعم وعدم التنكّر والجحود.

وبين حربي، ان يقظه الحاكم وقوه ملاحظته لغياب احد الراعيه، قال الله تعالي : ” وتفقد الطير فقال مالي لا اري الهدهد ام كان من الغائبين”، علي الرغم من تعدد افراد الجيش في مملكه نبي الله سليمان وتنوع الامم والمجموعات من الانس والجن والحيوانات كل حسب مكانه ولكنه يلحظ عدم وجود فرد من جيشه في مكانه