المحتوى الرئيسى

حول وحدة الدولة السورية

07/04 22:31

ما الذي تعنيه سيطره تنظيم الدوله الاسلاميه (داعش) علي مدينة تدمر، بعد اسابيع من سيطره "جبهه النصره" علي ادلب، وذلك بالتوازي مع تطورات الجنوب السوري؟

هل نحن بصدد منعطف تاريخي علي صعيد وحده الدولة السورية؟ وما هي صله الاحداث الراهنه بمسار التفاعلات الاقليميه مع الشان السوري؟ وبعد ذلك، هل ثمه معني او مغزي للتسويات السياسيه، ومع من يُمكن للسلطه السوريه ان تعقد مثل هذه التسويات؟

بدايه، تجدر الانطلاقه من تعريف الحدث السوري ذاته، في مضمونه وماهيته الاولي، الفعليه او الافتراضيه.

هذا الحدث جري تعريفه بدايه علي انه مسار تغييري او اصلاحي، تفاوتت تقديرات المحللين حول افاقه. ولكن دون الحديث عن الياته وسبل انجازه.

ومنذ البدء، اختلط ما هو واقعي ومنطقي بما هو مثالي بعيد عن الواقع ومنفصل عن سنن التغيير وشروطه واحكامه. كما جري القفز، في الوقت ذاته، علي الاليات المنطقيه للعمل الوطني، وتم تعزيز المضمون الامني للاحداث الدائره. وجري لاحقا تاطير هذا المضمون والسهر عليه، ومنحه كل مقومات الديمومه والاستمرار.

وعند هذا المنعطف، اضحي من الصعب تعريف الحاله السوريه استنادا الي المصطلحات والمفاهيم ذات الصله. وكمحصله، خسرت سوريا وتضاعفت معاناه اهلها. لكنها ظلت، علي الرغم من ذلك، محافظه علي اطارها وهويتها الجامعه، تماما كما فلسفه وجودها الناظمه.

ودعونا الان نعود الي سياق التطورات وبعض دلالاتها.

لا يشك احد فيما تُمثله مدينه مثل ادلب او الرقه او تدمُر في حسابات السوريين. وعلي الرغم من ذلك، لابد من التفريق، علي مستوي التحليل، بين ما هو قيمي ووطني عام، وما هو ذو صله بتوازن القوي والميزان الاستراتيجي عامه.

ان السؤال الذي فرض نفسه اولا علي السوريين، وكل المعنيين والمراقبين، هو: هل بات القُطر السوري مهددا بالتقسيم؟

اولا، ليس هناك من تشكيل سياسي او عسكري قادر علي ادامه سيطرته علي محافظه او مدينه كبيره الي اجل غير مسمي، والدليل هو ما يجري الان في الرقه، وما جري في ارياف دمشق وحمص. وادامه هذه السيطره يلزمها تدخل خارجي، من شانه ان يقود الي حرب اقليميه، بل هو علي الارجح سيقود الي ذلك.

ثانيا، ليس هناك من القوي الدوليه او الاقليميه من يُمكنُها رعايه مشروع تقسيم علني للدوله السوريه، حتي وان دعمت سرا جماعات تمارس التقسيم علي ارض الواقع. ان هذه القوي تدرك، دون ريب، ان مجازفه بهذا الحجم الكبير والخطير قد ترتد عليها علي نحو وخيم وغير محمود.

ثالثا، ان من يتحدثون عن خطر التقسيم يفترضون ضمنا ان ثمه تجانسا ووئاما قائما بين التنظيمات المسلحه المسيطره علي هذه المدينه او تلك وبين السكان القاطنين فيها. وهذا افتراض يصعب اثباته علي نحو محايد.

رابعا، لا تتمتع اي من المدن او المحافظات السورية، الخاضعه للتنظيمات المسلحه، بالمقومات الاساسيه التي تؤهلها لتشكيل دوله مستقله.

وعلي مستوي المفاهيم، من المفيد التاكيد علي حقيقه ان مدينه زائد مدينه لا تساوي وطنا بل مدينتان. وقد نكون بصدد ثلاث مدن او اربع. الوطن، اي وطن، يتكون من شعب وارض وهويه، وابتداع الكانتونات والدويلات من رحم الوطن هو مشروع انتحاري وخيم العواقب، يقفز علي مشتركات الجغرافيا والتاريخ والحضاره. وقبل ذلك وحده الاجتماع السياسي الوطني. وعلي الجميع التامل جيدا في تجربه الحرب الاهليه اللبنانيه، وهي ليست منا ببعيد. وهذا خير من الاستغراق في الوهم.

أهم أخبار متابعات

Comments

عاجل