المحتوى الرئيسى

محمد حمدي الشافعي يكتب: مملكة فطانى، القضية المنسية | ساسة بوست

07/04 14:38

منذ 3 دقائق، 4 يوليو,2015

كثيرا ما نسمع عن العديد من القضايا التي تخص النزاعات بين الاعراق والاجناس المختلفه بشان الاحقيه في الارض، ومنها ما هو معروف اعلاميا، ويلقي اهتمامًا واسعًا ومنها لا يكاد ينصت احد اليها، ومن هذه القضايا قضيه مملكة فطاني المسلمه، او ما يعرف بقضيه جنوب تايلاند، وفي خلال هذا المقال سنتعرف علي القضيه التي تكاد تكون منسيه لدي اغلب المسلمين، ونعرف ابعادها واسبابها لعلنا نكون سببًا في توعيه المسلمين حول العالم بتاريخهم، الذي طالما تعمدت الانظمه الفاسده في بلداننا التلاعب به وتزويره ضمن خطه التغريب التي نعيشها منذ فتره ما قبل الحرب العالمية الاولى، وتحديدا منذ بدايه عصر التنظيمات في عهد الدولة العلية العثمانية، والتي كانت تهدف الي نزع القيم الاسلاميه واستبدالها بالقيم والقوانيين الغربيه. ولن نتطرق بشكل واسع الي تلك النقطه لانها تحتاج الي عشرات الكتب والمقالات لكي تُعطي حقها.

والان لنعود الي موضوعنا الاصلي. نشات مملكه فطاني في القرن الثامن الهجري وتبلغ مساحتها 50000 كيلومتر مربع، وتقع بين خطي عرض 5 – 8 شمال خط الاستواء في جنوب شرق اسيا، وتحدها تايلاند من الجنوب وماليزيا من الشمال والمحيط الهندي من الغرب وبحر الصين من الشرق وتضم سبع ولايات. تتعدد الاراء حول اصل تسميتها بهذا الاسم ومن هذه الاراء ان اصل تسميتها يعود الي فطنه اهلها وهو ما جذب اعجاب العرب والمسلمين الذين كانوا يقطنون فيها في القرن التاسع الميلادي فاطلقوا عليها فطاني من الفطنه والتي تعني الذكاء في اللغه العربيه، وذلك بعد ان كانت تسمي بفتاني اي “ابو الفلاح”، وذلك بسبب رسوخ النظام الاقطاعي في ذلك الوقت، وفطاني كانت قديما تشتهر بمينائها الكبير حيث كانت تعتبر مكانًا هامًّا لتصدير البضائع من اوروبا الي شرق اسيا.

وتتميز باجواء ماطره عموما في مواسمها، وتتميز بوجود الغابات الكثيفه وتعد الزراعه المهنه الرئيسيه لدي معظم سكانها، وينتمي السكان عرقيا الي طائفه الملايو والتي تقطن في سنغافوره وماليزيا واندونيسيا وبروناي حيث لهم نفس الثقافه والعادات والتقاليد، ويتحدثون بنفس اللغه، وقبل وصول الاسلام الي فطاني كان السكان يتبعون كل من الديانه البوذيه والهندوسيه.

يعود انتشار الاسلام في فطاني الي القرن الخامس الهجري، وذلك بواسطه التجار القادمين من شبه الجزيره العربيه الي جنوب الهند ومن ثم الي شبه جزيره الملايو، والتي تعتبر فطاني جزءًا منها كما ان العلاقه القويه التي كانت ناشئه في ذلك الوقت بين كل من الهند التي انتشر فيها الاسلام منذ وقت بعيد وشبه جزيره الملايو كان عاملًا مهما في انتقال الاسلام الي تلك المنطقه، كما ان شبه جزيره الملايو وخاصه فطاني كانت تعتبر ميناءً استراتيجيًّا.

وفي ظل سيطره المسلمين علي طرق التجاره في كل من المحيط الهندي والهادي اصبح انتشار الاسلام سهلًا في تلك المناطق، كما ان تجارًا من شبه جزيره الملايو كانوا قد وصلوا الي بغداد في عصر الخليفه العباسي هارون الرشيد، وهو ما يعتبر عاملا اخر مهما في نشر الاسلام في تلك المناطق، حيث مثلت العقيده الاسلاميه بما فيها من عداله اجتماعيه واخلاقيه جذبًا مهمًّا للعديدين في ذلك الوقت، وانتشر الاسلام بشكل واسع في فطاني بالتحديد في القرن التاسع الهجري مع اسلام ملكها في ذلك الوقت “اندراسري”، لتصبح مملكه اسلاميه.

وبلغت فطاني اوج تقدمها في جميع المجالات في القرنين الحادي عشر والثاني عشر الهجريين، حيث كانت تبحر من فطاني السفن المحمله بالحجاج الي الديار المقدسه ومكه المكرمه بالاضافه الي الطلاب الراغبين في دراسه العلوم الاسلاميه في مكه المكرمه والمدينه المنوره، وتخرّج من اهالي فطاني العديد من العلماء والدعاه والذين بعد عودتهم اسسوا المدارس الفقهيه والمراكز التربويه التعليميه في جميع انحاء الملايو والهند الصينيه، ومن البلدان العربيه التي زاروها اليمن الجنوبيه او ما يعرف قديما باسم حضرموت.

ويوجد العديد من الكتب المؤلفه من قبل اهالي فطاني والتي كتبت باللغه الملايويه باحرف عربيه، وتعرف فطاني الي الان بجناح مكه في شبه جزيره الملايو؛ لما يتمتع به اهلها باسلاميه شديده حيث يُعتبر اهلها شديدي الالتزام بقواعد وعادات وتقاليد الاسلام وحاليا يشكل الاسلام ما نسبته 80% من السكان في فطاني، والنسبه الباقيه تتبع المسيحيه والهندوسيه والبوذيه.

وقد بدات ماساه المسلمين في فطاني عندما تعرضت دولتهم للغزو من مملكه سيام البوذيه – التي عرفت فيما بعد بتايلاند – التي اعتبرتها جزءًا من اراضيها؛ فقد عمل البوذيون منذ اواخر القرن الثاني عشر الهجري علي احتلال البلاد؛ كراهيه لاهلها الذين دانوا بالاسلام، وطمعًا في خيراتها وثرواتها، الا ان هذا الغزو فشل في احتلال البلاد في ظل المقاومه الشرسه التي ابداها السكان وذلك في عام “1603”.

وقد بدات الازمه عام 1786م، حين شنَّت مملكة تايلاند حملات ضد سلطنه فطاني المسلمه، احرقت خلالها مدينه “فطان” وقلاعها العسكريه، واسرت 4 الاف من سكانها المسلمين، واجبرتهم علي السير علي الاقدام مسافه 1300 كيلو متر، وهم مكبَّلون بصوره غير انسانيه، ثم استخدمتهم تايلاند في اعمال شاقه، مات فيها الكثير منهم؛ مثل شقِّ القنوات.

ثم سقطت فطاني في ايديهم سنه 1832م، وفي سنه 1902م قضت تايلاند نهائيا علي استقلال السلطنه المسلمه، بابعاد اخر سلاطينها المسلمين “تنكو عبد القادر قمر الدين”، وتعيين حاكم بوذي عليها، وبذلك ضُمَّت فطاني الي تايلاند، التي اصبحت تدّعي انها جزءٌ من بلادها، وذلك بعد الاتفاقيه التي وقعتها مملكه تايلاند في عام 1901 للميلاد مع بريطانيا التي كانت تحتل ماليزيا والتي اسفرت في النهايه عن تقاسم اقليم فطاني بين ماليزيا وتايلاند المحتلهـ حيث حصلت تايلاند علي اربع ولايات وماليزيا علي الولايات الثلاثه الباقيه.

بعد الاحتلال قامت الحكومه البوذيه في تايلاند باتخاذ اساليب اضطهاديه ضد المسلمين في فطاني تنوعت تلك الاضطهادات بين ارغام المسلمين علي اتخاذ الاسماء والالبسه والتقاليد البوذيه والتحدث باللغه التايلانديه، وارغامهم علي السجود لتماثيل بوذا التي انتشرت في الساحات العامه والمعابد التي اقاموها، كما قامت بتوطين الالف من البوذيين داخل الاراضي الفطانيه لتغيير التركيبه السكانيه المسلمه حيث قامت بالاستيلاء علي الاراضي الخصبه في فطاني، وتوطين البوذيين فيها ومدهم بالمرافق اللازمه، وتستعمل السلطه البوذيه في تايلاند هؤلاء المغتصبين والمستوطنين من اجل التجسس علي المسلمين.

ورفع نسبه البوذيين لتغيير التركيبه السكانيه بالاضافه الي السيطره علي المرافق الاقتصاديه للاقليم سواء كانت الزراعيه ام المعدنيه، كما قامت بنشر الفواحش بالترخيص لبيوت الدعاره والملاهي الليليه، كما قامت بعزل وحصار الاقليم عن العالم الخارجي.

كما قامت الحكومه التايلانديه بجلب المدرسين اليهود من فلسطين المحتله لبث الكراهيه للعرب والمسلمين في نفوس السكان غير المسلمين، كما قامت بتحريف القران الكريم والاحاديث الشريفه عند ترجمتها الي اللغه التايلانديه، وتتعدد اساليب الاضهاد التي قامت بها الحكومه التايلانديه بعد احتلالها للاقليم والتي تحتاج الي مقال منفصل ليتم ذكر جميعها.

مع استمرار الاحتلال في اساليبه القذره تجاه المسلمين، نشات العديد من الحركات المقاومه للاحتلال البوذي وذلك عام 1950 للميلاد الا انها لم تتخذ طابعًا تنظيميًّا ومن الحركات التي اتخذت طابعا تنظيميا فيما بعد:

1-الجبهه الوطنيه لتحرير فطاني: اُسست عام 1960م، وهي اول جبهه انشئت في فطاني، وتدعو الي تنظيم المجتمع الاسلامي، ووسيلتها حرب العصابات.

2-المنظمه المتحده لتحرير فطاني: اُسست عام 1968م، وتتبع اساليب العنف ضد الحكومه البوذيه.

3-الحركه الاسلاميه الفطانيه: اُسست عام 1975م، اسسها عدد من العلماء، وقد قامت بنشاط اعلامي للتعريف بقضيه فطاني.

كما تلعب الحركات الطلابيه دورًا مهمًّا في مقاومه الاحتلال التايلاندي متمثله في الاتحاد العام لطلبه الثوره الفطانيه، وتعتبر اسرائيل لاعبًا مهمًّا في قمع واستعباد المسلمين في فطاني من خلال علاقاتها القويه مع تايلاند، حيث انها تقدم مساعدات استخباراتيه وعسكريه لتايلاند، كما انها وكما ذكرنا من قبل قد ارسلت مدرسين يهود لتشويه صوره الاسلام والمسلمين لدي الشعب التايلاندي غير المسلم.

وفي عام 2004 وقعت اشتباكات بين الجيش التايلاندي ومسلحين قُتل علي اثرها 60 شخصًا في المناطق المسلمه قامت علي اثرها قوات الجيش التايلاندي باعتقالات لعشرات الشبان المسلمين في المناطق المحاذيه لماليزيا.

وقبل احداث عام 2004، وما تلاها والتي ادت الي مقتل ما يقرب من 5500 قتيل من المسلمين والبوذيين معا، قامت السلطات التايلانديه باعتقال العديد من قاده الحركات المقاومه ومنهم:

1-رضوان بن عصام الدين الشهير بالحنبلي، والقيادي البارز في الجماعه الاسلاميه الاسيويه وذلك في اغسطس من عام 2003، والمتهم من قبل واشنطن بتدبير تفجيرات بالي وفندق ماريوت في جاكرتا وذلك في اكتوبر من عام 2002 واغسطس 2003 علي التوالي.

ووصل الصراع الي اوجه بين الجيش التايلاندي ومسلحين ينتمون الي حركه تحرير فطاني المتحده (بولو)، وذلك في تاريخ الـ 28 من ابريل عام 2004 في مدينه فطاني قتل علي اثرها 108 من الشباب المسلم قتل 30 منهم من خلال قصف القوات التايلاندي لمسجد كانوا يتحصنون فيه علي رؤوسهم.

بالرغم من السعي الدائم للحكومه البوذيه لتغيير تركيبه السكان الاسلاميه ومعالم الاقليم الاسلاميه الا ان السكان ظلوا يحاولون الحفاظ علي اسلاميه الاقليم من خلال انشاء العديد من المدارس والمعاهد الدينيه بديله للمدارس التي هدمتها الحكومه البوذيه اثناء الاحتلال في بدايته، ومن ابرز تلك المدارس المدرسه الاسلاميه في ولايه ناريتوات والتي انشئت عام 1968، ومدرسه الدعوه الاسلاميه التي انشئت عام 1974، بالاضافه الي العديد من المدارس الاخري للحفاظ علي الهويه الاسلاميه للسكان، الا ان نسبه التعليم الجامعي للمسلمين في تايلاند قليله للغايه؛ بسبب الفقر الشديد وبسبب عدم ارسالهم الي المدارس الحكوميه البوذيه، ومن يكون قادرًا منهم علي التعليم الجامعي فيكون في ماليزيا واندونيسيا والدول العربيه.

وتنتشر في فطاني العديد من الجمعيات والمؤسسات الاسلاميه والدعويه ومن ابرزها جمعية الشبان المسلمين وجمعيه انصار السنه المحمديه واتحاد الطلبه المسلمين.

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل