المحتوى الرئيسى

المِلْكُ العقيم: حكام مسلمون قتلوا أبناءهم لأجل السلطة

07/04 10:34

يقول ابن منظور في معجم لسان العرب: "ويُقال: المِلك عقيم لا ينفع فيه نسب لان الاب يقتل ابنه علي المِلك. وقال ثعلب: معناه انه يقتل اباه واخاه وعمه في ذلك. والعقم: القطع، ومنه قيل: المِلك عقيم لانه تقطع فيه الارحام بالقتل والعقوق".

يُنسب للخليفه العباسي هارون الرشيد قوله لابنه المامون: "يا بني المِلك عقيم ولو نازعتني انت علي الحكم لاخذت الذي فيه عيناك"، اي لقطعت راسك. في التاريخ العربي الاسلامي حوادث تؤكد ان هذا القول لم يكن مجرد صيغة مبالغة بل امراً واقعاً، فكتب التاريخ تحمل لنا بعض الوقائع التي تمثل تطبيقاً عملياً له.

قصتها نموذج للمراه المتسلطه التي صعدت من القاع الي القمه. المروي عنها انها كانت فتاه من اليمن اختُطفت في حداثه سنها وتلقفتها ايدي تجار النخاسه لتجد نفسها جاريه في قصر الخليفة العباسي الثالث المهدي الذي هواها حتي تمكنت منه، خاصه بعد ان انجبت له ابنين هما موسي وهارون. وقيل انها كانت مصدر الهام لصياغه شخصيه شهرزاد المتحكمه بشهريار.

حملت اسم الخيزران، وهو نبات مستوي القامه ممشوقها، لاعتدال وامتشاق قوامها. وغرست حبها في قلب زوجها الخليفه المهدي حتي اقنعته بان يجعل ولديها موسي الهادي وهارون الرشيد وليين لعهده. واشتركت مع زوجها في الحكم وان كان ذلك من خلف الستار.

وعندما توفي المهدي وتولي موسي الهادي الحكم، صار اصحاب الحوائج يطرقون بابها وهي تبلّغ الخليفه برغباتهم حتي اصابه الضجر من ذلك وبدا يحس بالغيره علي مكانته فكان ان رفض احد طلباتها، فقالت له مهدده: "اذن لا اطلب منك شيئاً ابداً" فردّ: "اذن والله لا ابالي". وابلغ رجاله سخطه علي ما يجري من وقوف الناس بباب امه واقسم بنسبه للرسول بانه سيقتل مَن يفعل ذلك. ثم استدعي امه وقال لها: "اما لك من مشغل يشغلك او بيت يصونك او مصحف يذكرك؟" وعنّفها مبلغاً اياها قراره السالف الذكر فانصرفت من عنده وهي لا تعي ما تقول من فرط غضبها.

ويذكر الطبري في كتابه "تاريخ الأمم والملوك" ان الهادي ارسل لامه طعاماً فكادت ان تاكل منه لولا ان نبهتها جاريتها، فجاءت بكلب واطعمته منه فمات فوراً، فارسل لها ابنها يسالها ان كان قد اعجبها الطعام فاجابت بانه قد اعجبها فكان رده هو "بل لم تاكلي منه ولو اكلتيه لاسترحت منك! متي افلح خليفه له ام؟".

ثم بعدها جاءت القشه التي قصمت ظهر البعير حين اراد الهادي خلع اخيه هارون الرشيد من ولايه العهد وتعيين ابنه جعفر مكانه، وكان هارون هو المفضل عند الخيزران. هنا تقول الروايات ان الخيزران استغلت وعكه اصابت ابنها الخليفه ودست عليه بعض الجواري وامرتهن بخنقه، فجلسن علي وجهه حتي اختنق ومات وكان في الثالثه والعشرين من عمره. وفي عهد ابنها هارون الرشيد، امتلكت نفوذاً كبيراً لكنها ماتت بعد سنتين من توليه العرش.

 حين بدات الدوله الفاطميه تتفكك، فقد الخلفاء-الائمه هيبتهم وسلطتهم مقابل تزايد سطوه الوزراء. ومما زاد الطين بله ان وقع حادث اخلّ بنظام الحكم، فالخليفه الامر باحكام الله مات دون ان يخلف ولداً يرثه، فتولي ابن عمه الحافظ لدين الله الامامه في مخالفه لقواعد الوراثه الفاطميه القاضيه بانتقال الحكم وراثياً من الاب الي الابن.

ولكي يقوّي الحافظ جبهته في مواجهه وزرائه المتصارعين علي السلطه، عيّن ابنه الحسن وزيراً، وابنه الاصغر حيدره ولياً للعهد. غضب الحسن لتجاوز ابيه اياه بولايه العهد، فتمرد عليه وانحازت له فئه من الجند اسمها "الجيوشيه" ضد فئه اخري انحازت لحيدره هي "الريحانيه". وانشا الحسن ميليشيا خاصه به اسمها "صبيان الزرد"، اي لابسي الدروع، وخاض معارك ضد ابيه سقط فيها اكثر من خمسه الاف قتيل.

وانتهت المعركه بانتصار الحسن علي ابيه ما اضطره الي تعيينه ولياً للعهد. وقام الحسن بقتل كل مَن عارضه، فتجمع عشره الاف من الجند والقاده والامراء الناقمين عليه عند قصر ابيه وهددوه بقتله هو وابنه اذا لم يقتل ابنه بنفسه.

وعندما تاكد الحافظ من جديه التهديد، استدرج ابنه الي القصر واعتقله، ولم يكن الابن يتوقع ذلك لشده ثقته بنفسه، ثم استدعي طبيبين وامرهما ان يسقيا ابنه السم فمات فوراً. ودخل الامراء ليتاكدوا من موته، فجرحوا اسفل قدميه، ولما لم ينزف الجرح تاكدوا من وفاته.

سنه 990، كانت شمس الحكم الاموي للاندلس توشك علي الغروب، وتحوّل الخليفه هشام المؤيد الي العوبه في يد وزيره وحاجبه القوي المنصور محمد بن ابي عامر الذي صار سيد الاندلس والمغرب.

في ذاك العام، وقعت حادثه تؤكد ما اشتهر به المنصور من صرامه وقسوه. فقد تمرد عليه ابنه عبد الله بسبب سخطه من تقريبه ابنه الاخر عبد الملك اليه، هو الذي يري نفسه احق من اخيه بالحظوه عند ابيه. وجدير بالذكر ان عبد الله هذا كان ابن جاريه اوروبيه للمنصور.

بدا عبد الله مؤامرته بمغادره العاصمه قرطبه الي احدي مدن الثغور وتواصل مع حاكمها وبعض السياسيين الراغبين في ازاحه المنصور عن الحكم. واتفق معهم علي اطاحه ابيه مقابل ان يتولي هو الحكم ويوليهم المناصب العليا في الدوله. وبلغ المنصور خبر المؤامره، فسارع الي التخلص من المتامرين، بينما فرّ عبد الله الي مملكه ليون المعاديه وانحاز الي ملكها الذي كان يجهّز لمعركه ضد الاندلس.

راسل المنصور ملك ليون مهدداً اياه ان لم يسلم الابن المارق، وارسل رساله اخري لاطف فيها عبد الله واعطاه فيها الامان. وبالفعل خرج الابن مع رسل ابيه متوجهاً الي العاصمه، وفي الطريق قام رجال المنصور بتقييده، فنزل عن جواده بهدوء واستقبل مصيره بثبات، وقام صاحب الشرطه المرافق للرسل بقتله.

وقدّم المؤرخ ابن عذاري روايه اخري عن سبب جفاء المنصور لابنه اذ يذكر حواراً بين المنصور وبعض المقرّبين منه يؤكد انه كان يشك في ان الجاريه ام ولده كانت قد جامعت رجلاً اخر قبل ان تنتقل الي ملكيته، وان عبد الله هو نتاج تلك العلاقه.

في عصر ملوك الطوائف بالاندلس، اعتلي بنو عبّاد الحكم في اشبيليه ومحيطها، وزاحموا باقي الملوك مناطق نفوذهم. كان اقواهم واكثرهم قسوه ووحشيه المعتضد بن عبّاد. وكان معروفاً بان في قصره بستاناً يفخر به هو بستان الجماجم، حيث كان يقطع رؤوس اعدائه ويستخدمها كاصص للزرع.

ارسل المعتضد ابنه الاكبر اسماعيل لمحاربه حاكمي مدينتي قرمونه وبطليوس. وحين عاد اسماعيل من الحرب اغراه بعض رجاله وعبيده بالانتفاض علي ابيه وخلعه وتولي الحكم مكانه، وهو الامر الذي لاقي ميلاً في نفسه. فحشد رجاله واسلحته وتحصن بقلعه تدعي "قلعه الورد"، ولكن واليها المطيع للمعتضد قبض علي الابن وارسله الي ابيه الذي لم يتردد في قتله وقتل كل رجاله.

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل