المحتوى الرئيسى

تهديدات أردوغان: «عقدة الأسد»!

07/04 00:58

علي قاعده انا الغريق فما خوفي من البلل، يتصرف الرئيس التركي رجب طيب اردوغان تجاه سوريا. يحشد علي الحدود الجنوبيه ويهدد بدخول الشمال السوري، ويتسابق مع الوقت الضائع قبل تشكيل الحكومه الجديده.

ويضغط اردوغان علي الجيش لتنفيذ تعليماته بالدخول الي سوريا واقامه منطقه عازله وامنه، ذلك ان اردوغان امام مواجهه الحقيقه المره، وهو انه بعد تشكيل حكومة ائتلافية لن يكون امامه اي فرصه ليتفرد بالقرار. لذا يسعي لاقتناص الفرصه حتي ذلك الحين، مقحما تركيا في سيناريوهات ومغامرات متعدده الاهداف.

ما هي الذرائع التي تدفع اردوغان الي التحشيد والتهديد؟

1- العامل الكردي: ليس جديدا ان الهاجس الكردي عقده الاتراك، سواء في شمال العراق او في شمال سوريا، او في داخلها. لكن التجربه العراقيه عكست فشل الاتراك في الثبات علي الخطوط الحمر التي يرسمونها لانفسهم، ويريدون لغيرهم ان يلتزم بها. وهي خطوط حمر داخل الدول الاخري، وتعتبر تدخلا في شانهم الداخلي.

وبعد ان عارضت انقره الفدراليه في العراق انقلبت علي خطها الاحمر هذا وعادت لتقيم افضل العلاقات مع اربيل لا مع بغداد. واليوم يعلو الهيجان محذراً ومنذراً من تقدم قوات الحمايه الكرديه المواليه الي «حزب العمال الكردستاني» في شمال سوريا.

وبعد الموقف الشهير لاردوغان في عين العرب (كوباني) السوريه، والتبشير بقرب سقوطها فها هو يعلن، بعد سقوط تل ابيض، ان الاكراد اكثر تهديدا لتركيا من «داعش». لقد نجح الاكراد في وصل المناطق التي يسيطرون عليها جغرافيا بعد معركه تل ابيض، وبات الشريط الممتد من الحدود العراقيه الي عين العرب بالكامل تحت سيطره الاكراد، وطوله ربما يقارب نصف الحدود مع تركيا. ويبقي للاكراد كانتون عفرين الي اقصي الغرب علي الحدود مع لواء الاسكندرون.

ويتخوف الاتراك من سعي الاكراد للسيطره علي المنطقه من عين العرب الي عفرين، وطولها حوالي المئه كيلومتر، ويرون انه اذا حصل ذلك يعني قطع التواصل التركي كليه عن الفضاء العربي. بل يخشون ان يتمكن الاكراد من السيطره علي المنطقه المجاوره للاسكندرون وصولا الي ساحل البحر المتوسط. لذلك فان الحركه التركيه في احد جوانبها المعلنه تهدف الي الدخول الي المنطقه الممتده من جرابلس الي حدود عفرين، واقامه حزام امني هناك بطول مئه كيلومتر وبعمق حوالي 33 كيلومتراً، يمنع استكمال الشريط الكردي. وقد رسم مجلس الامن القومي في اجتماعه الاخير هذا العامل خطاً احمر.

2- تقدم «داعش»: وفقا للصحافه المواليه لـ «حزب العداله والتنميه» فان تركيا تخشي من ان يتمدد تنظيم «داعش»، الذي يسيطر علي جزء من المنطقه بين عين العرب وعفرين الي بقيه هذه المنطقه فيسيطر علي المنطقه الصغيره التي تسيطر عليها فصائل المعارضه الاخري التي تدعمها تركيا مباشره، مثل «جيش الفتح» و «جبهه النصره» وغيرهما، وهو ما ينزع من يد انقره ورقه مهمه في دعم المعارضه.

وتخشي تركيا في هذه الحال ان تغلق بوابتا العبور الوحيدتان لها الان الي قوات المعارضه والي التركمان، وهما تشوبان بك وقرقميش، فينقطع كذلك خط التجاره الوحيد مع الجنوب. بطبيعه الحال ان بقاء المنطقه الفاصله بين عين العرب وبين عفرين علي ما هي عليه الان، اي مناصفه بين «داعش» وجماعات تركيا المباشرين لا يقلق انقره ويخدم مصالحها.

3- الاسد اولاً واخيراً: ان التحذير والتحشيد والتهديد التركي له بعد اخر لا يقل اهميه عن العامل الكردي، بل ربما، في العمق، يفوقه. يتخوف رجب طيب اردوغان من تمدد الاكراد الي المنطقه من كوباني الي عفرين، ويتخوف من ان يسيطر «داعش» علي المنطقه التي فيها «الجيش الحر» و «الفتح» و «النصره»، فتصبح المنطقه بكاملها بيد «داعش». وفي الحالتين ينقطع طريق الامداد الرئيسي للمعارضه من تركيا. وهذا الطريق يمتد من الحدود التركيه مرورا باعزاز وصولا الي حلب، وهي بيت القصيد.

لكن حتي لو لم تحدث تطورات ميدانيه تفضي الي سيطره الاكراد او «داعش» علي خط كوباني- عفرين، فان اردوغان تحديداً يسعي الي استغلال الوقت الضائع الحالي قبل تشكيل حكومه ائتلافيه، مستشعرا ان الفرصه قائمه للدخول في مغامره لم يستطع ان يترجمها خلال الاربع سنوات الماضيه، ويريد الان ان يحققها، الا وهي الحاق ضربه كبيره بالنظام في سوريا تفضي الي انهياره وخلع الرئيس السوري بشار الاسد.

اما كيفيه توجيه هذه الضربه فمن خلال دخول الجيش التركي الي تلك المنطقه التي يستهدفها من كوباني الي عفرين بدباباته ومدافعه وطائراته. وهو ما سيوفر دعماً مباشراً لمسلحي المعارضه ومحاوله الهجوم علي حلب والسيطره عليها، واحداث تغيير نوعي في الميدان العسكري، بحيث يفتح هذا علي انهيار معاقل النظام مدينه تلو اخري.

ولفت هنا ان مجلس الامن القومي التركي، في اجتماعه الاخير الاثنين الماضي، قد رسم خطاً احمر ثانياً لاقامه منطقه عازله وامنه ودخول الجيش التركي الي هناك، وهو قيام النظام السوري بمهاجمه المعارضه في ادلب وحصول موجه نزوح كبيره!. وهو سبب لا يمكن ان يعتبر ذريعه للتدخل، ويحصل منذ بدء الازمه، ولماذا موجه نزوح جديده ستكون سببا للتدخل ولم تكن موجات نزوح بلغت المليونين ذريعه من قبل؟. لكنه التعطش المزمن لاشباع الرغبه الاكبر لدي اردوغان منذ بدء الازمه في سوريا، وهي الاطاحه بالاسد، ليعوض عن كل الاخفاقات التي واجهها حتي الان. وتحت ذريعه الاكراد او «داعش» (حليفه في الاساس) يجب الا يغيب عن الاذهان والحسابات هذا الهدف في اسقاط حلب والنظام السوري، ويجب ان يؤخذ ذلك بكل جديه في ظل احساس اردوغان انها الفرصه الاخيره له قبل تبدل موازين القوي في الداخل التركي واستعداده للدخول في مغامرات علي قاعده «ومن بعدي الطوفان».

4- انتخابات مبكره: اما الهدف الرابع من وراء هذا التحشيد والتهديد فهو ان اردوغان الان بمثابه الاسد الجريح داخل قفص، بعدما تلقي هزيمه قاصمه في دفن الانتخابات لاحلامه في اقامه نظام رئاسي.

لكن اردوغان يمكن ان يقبل بوضع كالوضع الحالي، اي ان يكون الحاكم بامره بقوه الامر الواقع، في ظل وجود رئيس حكومة تابع له وينفذ تعليماته. لكن هذا متعذر في ظل افتقاد «حزب العداله والتنميه» للغالبيه المطلقه في البرلمان. وهنا يخطط اردوغان للذهاب الي انتخابات مبكره، سواء في ظل افشال احمد داود اوغلو في تشكيل حكومه جديده او في ظل حكومه ائتلافيه لن تعمر طويلاً. ويراهن اردوغان علي امكانيه استعاده نقطتين او ثلاث نقاط خسرها في الانتخابات ستكون كافيه ليحصل الغالبيه المطلقه من جديد. وليس افضل من مغامره عسكريه في سوريا يستعيد من خلالها بعض الشعبيه.

لكن هل الطريق مفتوحه بهذه السهوله امام اردوغان لينفذ هذه المغامره، بمعزل عن الذريعه التي سيعلنها للغزو؟

اولاً، يجب القول ان هذه المغامره دونها حتي الان موقف رئيس الاركان الحالي نجدت اوزيل، الذي اعرب عن معارضته لهذه العمليه العسكريه. واعلن عبر الصحافه بطريقه غير مباشره عن ان اقامه منطقه عازله او امنيه تواجه مخاطر كثيره، منها قيام عمليات عسكريه من قبل مجموعات مسلحه كثيره ضد القوات التركيه، ومنها مخاطر انتقال التوتر الي الداخل التركي. ويقول اوزيل ان الاخذ بالاعتبار المواقف الاقليميه والدوليه ضروري. روسيا وايران تعارضان والنظام سيعتبره عدواناً خارج اي قرار لمجلس الامن الدولي. كذلك فان الولايات المتحده تعارض اقامه هذه المنطقه العازله. وبالفعل عبرت واشنطن علي لسان اكثر من مسؤول انها لا تري اي مبرر لاقامه منطقه عازله.

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل