المحتوى الرئيسى

بالصور...حكايات مساجد نساء العصر العثماني وأسرة محمد علي

07/03 22:11

خلدت الكثير من نساء العصر العثماني انفسهن، من خلال المساجد والعمائر الخيريه التي امرن ببنائها بانفسهن، علي خلاف ماكان يحدث في العصور الفاطميه والايوبيه والمملوكيه، حين كانت تشيد مباني النساء بامر من الحكام في الغالب، اعترافا بدور هؤلاء النساء.

وخلدت العمائر الدينيه والمدنيه في العصر العثماني "1517-1805 ميلاديه " وعصر محمد علي "1805-1952ميلاديه " زوجات و امهات السلاطين والامراء ، تقديرا لدورهن .       

وتميز هذان العصران بان بعض السيدات الثريات، قد امرن ببناء المساجد والمباني الخيريه الاخري، كالاسبله والتكايا والمدارس، باموال صدقاتهن، تقربا الي الله.

وحرصت النساء المشيدات لهذه العمائر علي ان تتميز مبانيهن بزخارف وعناصر معماريه، مميزه، تاثر بعضها بطرز معماريه تركيه ، تاثرا بمركز الخلافه وقتها.

وربطت العمائر الخيريه بين الدين والعلم وحاجات المجتمع، خاصه لطلبه العلم والايتام والفقراء والمحتاجين، من خلال مباني ما زالت قائمه حتي اليوم.

-مسجد فاطمه شقرا بمنطقه تحت الربع كان مسجدا لامير مملوكي وتهدم واعادت بناءه مراه

-جامع الملكه صفيه بني علي طراز ايا صوفيا التركي ويحتاج لترميم من زلزال 1992  

-خوشيار هانم والده الخديو اسماعيل هي صاحبه مسجد الرفاعي

- سبيل الماء والكتاب والوكاله ..اشكال من عمائر نساء العثمانيين الخيريه في القاهره

-زوجات وامهات اسره محمد علي خلدن انفسهن بالقصور والمساجد.

ومن بين هذه المباني , المسجد المنسوب لفاطمه شقرا بشارع تحت الربع بالقاهره وهو يعرف منذ النصف الثاني من القرن 19م. باسم "مسجد المراه" وان اختفت تسميته الثانيه التي اشتهر بها في تلك الفتره وهي "مسجد المقشات".

ويوضح الدكتور عبد المنصف سالم استاذ الاثار بجامعه حلوان، ان المسجد شيده في الاصل  الامير «رشيد الدين البهائي» في عام 873هـ / 1468م ايام دوله السلطان المملوكي الاشرف قايتباي ثم سقطت اجزاء من بناؤه مما دفع بالسيده المصونه "فاطمه شقرا" لتجديده. وفاطمه شقرا من نساء العصر العثماني  الثريات، و كانت في الاصل من الجواري المعتقات،  فنعتها بالشقراء يعني طبقاً لتقاليد الحقبه العثمانيه انها من اصول غير مصريه ولعلها من الشركس او الجواري الروسيات اللاتي كن مفضلات انذاك لشهرتهن بالجمال وبياض البشره.

ويكمل عبد المنصف :رغم حرص فاطمه علي تسجيل اسمها بالنص التاسيسي المنقوش علي جانبي المدخل الرئيسي بالواجهه الغربيه للمسجد، فانها لم تغير تاريخ الانشاء الاصلي، واكتفت بازاله اسم بهاء الدين، فجاء النص علي هذا النحو «بسم الله الرحمن الرحيم الست المصونه فاطمه شقرا بتاريخ شهر جمادي الاخر من سنه ثلاث وسبعين وثمانمئه» واكتفت بتدعيم الدعامات والجدران مع تكمله المئذنه الحجريه القديمه لتصبح قمتها علي هيئه الماذن العثمانيه ذات البدن الاسطواني علي شكل "القلم الرصاص".

  وهذاالمسجد مبني بالحجر في مداميك تعرف في مصطلح الوثائق المملوكيه بالبناء "المشهر"، حيث شيدت المداميك بالاحجار البيضاء والحمراء بالتبادل.

واستخدم الاسلوب المشهر ايضاً في تشييد جدران المسجد من الداخل، ولكن بواسطه مداميك من الحجر الاصفر والاحمر بالتبادل.

 ويتوسط جدار القبله محرابا مجوفا مبنيا بالحجر ويعد من اجمل المحاريب الحجريه في العماره المملوكيه، واشتملت طاقيته علي مقرنصات وتلبيس بالرخام الاسود ويحيط بصنج عقوده اشرطه منقوشه ويعلوه دائره من الحجر نقش بها «فول وجهك شطر المسجد الحرام» وعلي جانبيها مستطيلات كتب فيها «وما النصر الا من عند الله. ان ينصركم الله فلا غالب لكم». وهذا المحراب الحجري يعد متمماً لسلسله من التطور المعماري والزخرفي في بناء المحاريب خلال القرن التاسع الهجري «15م» ولا سيما في عهد الاشرف قايتباي.

وبجوار المحراب نجد المنبر الاصلي للمسجد، وهو منبر من الخشب استخدم في تصميمه اسلوب الحشوات المجمعه، وهو اسلوب صناعي لجا اليه النجارون المسلمون للتغلب علي معضله ندره الاخشاب الجيده في مناطقهم المداريه، ولمعالجه مشاكل تمدد وانكماش الاخشاب مع التقلبات الحاده في درجات الحراره في المناخ القاري بمناطقهم. وقد طعمت الحشوات التي جمعت علي هيئه الاطباق النجميه بالسن والزرنشان الدقيق مع قليل من العاج.

وعلي يمين المدخل في نهايه الصحن نجد مدفناً يعرف لدي العامه بضريح «الست فاطمه» وبداخله مقصوره خشبيه بها قبران مكتوب علي احدهما هذا قبر الست فاطمه اما القبر الثاني فلا توجد عليه كتابه ولعله للمشيد الاول للمسجد.

ومن العمائر الدينيه التي شيدتها النساء في العصر العثماني , جامع  الملكه صفيه الذي يقع بحي الحبانيه "نسبه الي الحبانيون الذين ينتسبون الي قبيله طي العربيه "  من شارع محمد علي بالقاهره ،و الملكه  صفيه هي زوجه السلطان العثماني  مراد الثالث ووالده السلطان محمد الثالث الذي تولي العرش خلفًا,لابيه عام 974 هجريا 

وتقول استاذه الاثار الدكتوره سعاد ماهر في موسوعتها "مساجد مصر "عن الملكه صفيه بانها كانت سليله عائله كبيره بالبندقيه وكان والدها حاكما علي جزيره "كورفو" وانها اختطفت عند خروجها في رحله بحريه وهي في الثالثه عشره من عمرها،,وان القراصنه باعوها في القسطنطينيه، والحقت بالقصور السلطانيه.

وكانت صفيه علي قدر كبير من الجمال والذكاء اللذان قرباها من الامير مراد الثالث ليتزوجها بعد ذلك، وعندما اصبح سلطانا تمتعت  هي بنفوذ كبير ,وفي عهد ابنها السلطان محمد الثالث امرت ناظر اوقافها في مصر ببناء الجامع  .

وتحكي استاذه العماره والاثار الاسلاميه  بجامعه القاهره الدكتوره "امال العمري " عن عماره الجامع   قائله :شيد جامع الملكه صفيه علي الطراز الكلاسيكي لعماره المساجد العثمانيه ويسمي طراز ايا صوفيا باستانبول ,وهو من اجمل الجوامع العثمانيه في مصر , هذا ما تعكسه قبابه ومحرابه المكسو بالفسيفساء الرخاميه ومنبره المصنوع من الرخام ,شيد الجامع عام "1011هجريا-1602 ميلاديه " 

وهو من المساجد المعلقه بمصر حيث يصعد اليه من مداخله الثلاثه بثماني عشره درجه نصف دائريه وتعتبر القبه التي تغطي بيت الصلاه من اندر القباب في مساجد العصر العثماني في مصر حيث يصل ارتفاعها الي 17.6 متر،. وتصميم جامع الملكه صفيه  ماخوذ عن التخطيط المعماري لمسجد السلطان احمد الثالث المعروف بجامع طوبقا بو سراي في استانبول والذي وضع تصميمه المهندس التركي الشهير سنان باشا 

ومنذ زلزال 1992 والجامع يحتاج الي الكثير من الترميمات واعمال صيانه خاصه في بعض القباب و في ارضيات القبله ,امام المحراب وهي تعاني من هبوط منسوبها كما اوضح لنا خادم الجامع , .

شهد العصر العثماني  اقبالاً متزايدًا من النساء علي انشاء اسبله الماء التي توفر مياه الشرب لعابري السبيل .

وتضم القاهره خمسه اسبله  منها ؛ هي: سبيل وكتاب الست صالحه بدرب الجماميز  ونفيسه البيضاء بباب زويله وسبيل رقيه دودو بشارع سوق السلاح  وسبيل  كلسن بقنطره اق سنقر وسبيل كوسه بالصنادقيه.

 يقول الدكتور مختار الكسباني استاذ الاثار بجامعه القاهره :,انشا سبيل وكتاب ووكاله نفيسه البيضاء التي تقع بجوار باب زويله ,امام جامع المؤيد شيخ  , السيده نفيسه خاتون معتوقه الامير علي بك الكبير وزوجه الامير مراد بك التي عرفت من اجله بنفيسه المراديه ، وقد انشاته في عهد الوالي العثماني ابو بكر باشا اخر الولاه العثمانيين علي مصر ,وقبل مجيء الحمله الفرنسيه  , سنه 1213 هـ / 1798 م لسقيا عابري السبيل وتعليم الفقراء من الطلاب وتجاره  الشموع في الوكاله التي تضمها مجموعتها الخيريه,التي تعد نموذجا لعماره الخير,

ويتكون السبيل من مجموعه من الشبابيك المعدنيه وثلاثه من احواض الماء الرخاميه ويعلوه الكتاب الذي يضم عقودا خشبيه ونوافذ ومشربيات من خشب الخرط، وبه الان متحف لبعض قطع الخرط  الصغيره الحجم "الميموني "وبعض قواطع الخرط الكبيره      .

ويكمل الكسباني قائلا : كانت هذه السيده واحده من اعظم نساء عصرها حيث عايشت الحركه  الوطنيه المصريه في اواخر العصر العثماني ، وشاركت في احداث تلك الصحوه التي عاصرت فيها ثلاث مراحل كبري تمثلت اولها في استقلال علي بك الكبير عن الدوله العثمانية فيما بين سنتي 1183 - 1186 هـجريا  وزواجه منها  ، ثم ما لبثت ان نالت حبه لجمالها فشيد لها قصرا يطل علي بركه الازبكيه داخل درب الشيخ عبدالحق السنباطي ، وتابعت في هذه المرحله علي بك الكبير وهو يحمل لواء الاستقلال عن الدوله العثمانيه حتي توفي فتزوجت من احد كبار مماليكه هو مراد بك الذي لعب دورا سياسيا بارزا في حكم مصر خلال هذه المرحله العصيبه من تاريخها ،ويكمل :  وتمثلت المرحله الثانيه التي عاصرتها هذه المراه في عهد الحمله الفرنسيه فيما بين سنتي 1213-1216 هـ / 1798 - 1801 م ، حيث قامت خلال هذه المرحله بمؤازره زوجها بنشاط سياسي واجتماعي هام تمثل فيما بذلته من مساهمات كبيره لتيسير مطالب العلماء وكبار رجال الدوله ، وتحملت في سبيل ذلك الكثير من الايذاء من الفرنسيين الذين اعتبروها مشجعا للمصريين علي المقاومه ، وتمثلت المرحله الثالثه والاخيره من عمرها في استقلآل محمد علي باشا الكبير بحكم مصر سنه 1220 هـ / 1805 م ومؤازرتها له بالتصدي الجريء لولاه العثمانيين احفاد الوالي احمد باشا خورشيد ، 

وتوفيت نفيسه , في السابع والعشرين من جمادي الاولي سنه 1231 هـ / الخامس من اغسطس سنه 1816 .

 شيدت سيدات المجتمع الثريات في العصر العثماني منازل لهن مثل منزل زينب خاتون بالازهر والست وسيله بحي طولون  .

ويؤكد الدكتور عبد المنصف سالم انه لم يخل عصر اسره محمد علي باشا من منشات النساء، بل حفل بالكثير منها علي سبيل المثال,، سبيل "ام عباس" بحي طولون الذي شيدته "البنبا قادن" والده الخديو عباس حلمي الاول الذي حكم مصر " 1848-1854 "ميلاديه  بعد مقتله في قصره ببنها بنحو 13 عاما صدقه علي روحه.

ومسجد "انجه هانم"  زوجه الخديو محمد سعيد باشا بمحرم بك بالاسكندريه.

وقصر "رقيه هانم " بالمنيره والذي يشغله  ديوان عام وزاره التربيه والتعليم الان وقد امرت ببناءه الزوجه الرابعه للخديو اسماعيل "جشم افت هانم " لابنتها بالتبني رقيه. 

ويصف سالم ان  مسجد الرفاعي هو اخر وافخم ما شيدت النساء من عمائر في مصر عبر عصورها الاسلاميه، ويقع هذا المسجد في مواجهه مدرسه السلطان حسن بميدان القلعه، ويرجع الفضل في انشائه الي احدي سيدات اسره محمد علي وهي "دولتلو خوشيار هانم" والده الخديوي اسماعيل، وقد امرت ببنائه في سنه 1286هـ (1869م)،  ولكن بنائه اكمل في عصر الخيو توفيق وعباس حلمي الثاني "1914-1917 ميلادي ".

وكانت تشغل موقع المسجد انذاك زاويه تعرف بالرفاعي لانها ضمت بداخلها قبر الشيخ علي ابي الشباك، وهو من  تلاميذ ,الزاهد السيد احمد بن السيد علي بن حسن الرفاعي الذي عرفت باسمه الطريقه الرفاعيه من اشهر الطرق الصوفيه  .

أهم أخبار متابعات

Comments

عاجل