إبراهيم كامل يكتب: دور أسرة (أبوبكر الصديق) في الهجرة النبوية من مكة إلى المدينة | ساسة بوست

منذ 3 دقائق، 3 يوليو,2015

الهجره النبويه من مكه الي المدنيه كانت ولا تزال منبعًا خصبًا نستقي منه حين نمر عليها المزيد والكثير, ونستفيد منها دروسا وعبرا كثيره كلما طالعنا صفحاتها.

الهجره النبويه من مكه الي المدينه لم تكن مجرد انتقال لـ (الاشخاص والمتاع) من مكه الي المدينة المنورة (يثرب) بل كانت هجره الي المجهول الي مكان غير معلوم لكافه المهاجرين في ذلك الوقت, وما بالك اذا كان ذلك المكان به اكثريه من الافاعي اعني اليهود وتاريخهم مع انبياء الله حافل بالكثير!

ومن هنا ياتي عظمه الدور الذي لعبته هذه الاسره في احداث الهجره النبويه فهذا رب الاسره يخرج مع الرسول حاملًا كل ماله دون ان يترك شيئا لاهل بيته, وهذا ابنه يخاطر بحياته من اجل نقل اخبار معسكر الشرك لرسول الله, وهذه ابنته (اسماء) تلعب دورًا كبيرًا في الهجره علي الرغم من انها حامل في الشهور الاخيره, انها اسره أبوبكر الصديق.

لعب (الصديق) دورًا كبيرًا في الهجره ورافق النبي في هجرته من مكه الي يثرب, مخاطرًا بكل ماله ونفسه وما يملكه ولم لا؟ وهو يتشرف برفقه النبي محمد .

وقد ورد علي لسان السيده عائشه وهي تصف حال (ابوبكر) عندما اخبره الرسول بالاستعداد للهجره, قالت “لقد رايت ابا بكر عندها يبكي من الفرح” ثم قالت عائشه رضي الله عنها: “فَلَمْ اَكُنْ اَدْرِي اَنَّ اَحَدًا يَبْكِي مِنْ شِدَّهِ الْفَرَحِ حَتَّي رَاَيْتُ اَبَا بَكْرٍ يَبْكِي”.

خرج ابوبكر بكل ماله مهاجرًا مع رسول الله, فتروي السيده اسماء بنت ابي بكر ان جدها ابا قحافه دخل عليهم وكان قد فقد بصره وقال لهم: “والله اني لاراه قد فجعكم بماله مع نفسه”, ويعني بذلك انه تركهم بلا شيء فكان الرد الذكي من ابنته السيده اسماء, قالت :”كلا يا ابت، قد ترك لنا خيرًا كثيرًا، فاخذت احجارًا فوضعتها في كوه البيت التي كان ابي يضع ماله فيها، ثم وضعت عليها ثوبًا، ثم اخذت بيد جدي فقلت: يا ابت.. ضع يدك علي هذا المال، فوضع يده عليه فقال لا باس، اذا كان ترك لكم هذا فقد احسن”.

وقبل ان يسال رسول الله صلي الله عليه وسلم عن وسيله الانتقال الي المدينه، اذا بالصديق رضي الله عنه يقول: “فَخُذْ بِاَبِي اَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ اِحْدَي رَاحِلَتَيَّ هاَتَيْنِ” ,الراحله الاسم الذين يطلقونه علي وسائل الانتقال من الحيوانات في ذلك الوقت.

واتفق الاثنان علي استئجار دليلًا لهما ليرشدهما في رحلتهما الي المدينه المنوره وقد كان دليلهما في ذلك (عبد الله بن اريقط) وكان غير مسلم في ذلك الوقت ولكنه كان امينًا للسر كاتمًا له ولا شك انه اخذ المال الكثير ليوافق علي هذه المهمه، ولا يخفي علي نظرنا امران, الاول: ان ابا بكر علي الارجح قد شارك في تمويل ذلك الرجل بجزء من ماله, والامر الثاني: حسن اختيار النبي وابي بكر لهذا الرجل فلو راه احد من المشركين في الصحراء اثناء تعقبهم للنبي وصاحبه الصديق ما يشك فيه احد لانه شخص منهم.

ثم كانت الخطوه التاليه: الذهاب الي غار ثور وهو غار غير مامون وغير مؤهل للسكن, وذهبا للغار للبقاء فيه بعيدًا عن انظار وجهاء قبيله قريش المتعقبون لهم. واتفقا علي البقاء في الغار ثلاثه ايام علي ان يتركا الراحلتين مع (عبد الله ابن اريقط) علي ان يقابلهم عند الغار بعد الايام الثلاثه

وكان الصديق حريصًا منذ اسلامه علي عتق الكثير من الناس الذين كانوا يعذبون لانهم كانوا يؤمنون بالنبي ولا ظهر لهم لحمايتهم فكان ابو بكر ظهرًا وسندًا لهم في محنتهم وكان من هؤلاء (عامر بن فهيره ) الذي اعتقه (ابوبكر الصديق) ثم صار مولي له وقد لعب ذلك الرجل دورًا كبيرًا في الهجره النبويه، وذلك برعي اغنام فوق اثار اقدام النبي والصديق حتي يضيع علي المشركين فرصه تتبع اثار الاقدام.

واذ كان عامر يخفي اثار اقدامهم من المشركين فكيف يتسني للرسول وصاحبه معرفه اخبار قريش؟ لعب هذا الدور الاستخباراتي العظيم, (عبد الله بن ابوبكر) فكان يتجول بين المشركين ليعرف اخبارهم وطريقه تفكيرهم في عرقله هجره الرسول الي المدينه ومحاوله اجهاضها في مهدها وبدايتها فكان ينقل اخبارهم كل يوم الي الرسول والصديق ولنا ان نتعجب! من المخاطره التي اقبل عليها هذا الشاب وهو يعلم انه لو اكتشف احد امره لكان مصيره خطير قد يصل الي الموت تحت وطاه التعذيب, ولكن عجبنا يزول اذا كان ذلك الرجل ابنًا للصديق (ابوبكر) الذي احسن تربيته وجني ثمرتها الان, وما اعظم تلك الثمرات التي تلعب دورها وقت الشدائد!

ويبقي السؤال من يمد الرسول وصديقه ابوبكر بالطعام والشراب خلال فتره اقامتهم بالغار؟ لعب هذا الدور العظيم امراه من بيت الصديق هي (اسماء بنت ابوبكر) والتي سميت بـ (ذات النطاقين).

وقد كانت حامًلا في الشهور الاخيره ولك ان تتخيل ما تعانيه المراه في تلك الشهور من مصاعب جمه! ورغم كل ذلك لم تضعف عزيمتها فكانت تتحمل مشقه الطريق وحراره الجو في الصحراء وصعود الجبل الصعب الذي به غار حراء, فعلت ذلك بشكل متواصل ثلاثه ايام كامله دون كلل او ملل.

وفي اليوم الاخير – للرسول والصديق ابوبكر- في الغار كان عليها اعداد غذاء وفير وشراب كثير ليكفي الرسول وابي بكر في طريق هجرتهم الي المدينه ووصفت لنا اسماء بنت ابي بكر ذلك قائله:

“حين اراد ان يسافر الي المدينه فلم نجد لسفرته وسقائه ما نربطهما “صنعت سفره للنبي، فقلت لابي بكر: ما اجد الا نطاقي، قال شقيه باثنين، فاربطي بواحد منهما السقاء وبالاخره السفره”

وروي ان النبي قال لها حين فعلت ذلك : ابدلك الله بنطاقك هذا نطاقين في الجنه. فقيل لها: (ذات النطاقين)، تلك المراه ايضًا تحملت لطمه شديده علي وجهها وهي حامل، وذلك بعد ان انتشر خبر خروج النبي للهجره, ذهب (ابو جهل) الي بيت الصديق وطرق الباب بشده، وفتحت السيده اسماء رضي الله عنها، فقال لها في غلظه: اين ابوك يا بنت ابي بكر؟” قالت:” لا ادري. فرفع ابو جهل يده ولطم خدها حتي اطار قرطها”.”

كان من الممكن ان تعترف اسماء تحت وطاه الضربه القويه ولكنها كانت صلبه وقويه في مواجهه هذه الاحداث, فثبتت حتي هاجرت الي المدينه وهناك وضعت طفلها وكان (عبد الله بن الزبير) والتي تميل معظم الروايات الي انه كان اول مولود للمهاجرين بالمدينه المنوره.