المحتوى الرئيسى

خالد عزب يتقصى العلاقة بين السلطة والعمارة في "الحجر والصولجان"

07/03 06:15

صدر عن الدار المصريه اللبنانيه بالقاهره كتاب "الحجر والصولجان"، من تاليف الباحث الدكتور خالد عزب. يحمل الكتاب هذا العنوان، لكونه يثير جدليه العلاقه بين السياسه والعماره، اي السلطه بالعماره، ومن ابرز مظاهر هذه العماره قصر عابدين.

ويعد قصر عابدين اهم واشهر القصور التي شيدت خلال حكم اسره محمد علي لمصر، فقد كان القصر مقرًا للحكم منذ عام 1872م، وشهد خلال هذه الفتره اهم الاحداث التي كان لها دور كبير في تاريخ مصر الحديث والمعاصر.

جاء نقل مقر الحكم من قصر النيل والقلعه في عهد اسماعيل ليجسد تكريس النفوذ المعماري الغربي في مصر، الذي بدا في عهد محمد علي.

ويعود نقل مقر الحكم من القلعه، كما يوضح د.خالد عزب في كتابه، الي اسباب عده منها: انتهاء عصر المماليك، ونتيجه لتطور المدفعيه والبنادق وتحولهما الي سلاح اساسي للدفاع والهجوم وبالتالي قله اهميه القلاع كمراكز للتحصن، وصاحب ذلك تغير تركيبه الطبقه الحاكمه من جنود محاربين يعتمدون علي الشجاعه في اثبات شرعيتهم، الي طبقه متمدينه تعتمد علي العلم، وعلي توارث الحكم بينها، وظهور الجيوش النظاميه التي تخضع وتربي علي الولاء للحاكم.

سكن الخديو اسماعيل قبل توليه حكم مصر في منطقه عابدين، حيث اشتري دارين، احداهما لخورشيد باشا المعروف بالسناري، والاخري لابراهيم بك الخوجه دار، وهدم اجزاء منهما لكي يدمجهما في بعضهما البعض.

هذه الخطوه من المرجح ان اسماعيل قام بها بعد عودته من اسطنبول عند تولي عمه حكم مصر، اي بين عامي 1854م و1860م، وهو عام تولي محمد سعيد حكم مصر. هذا ما ذكره عبد الحميد نافع عن القصر، وقد اضاف ان اسماعيل قام بردم بركه اليرقان التي تقع الي الشرق من السراي وجعلها ساحه امامها.

لكن حدث تطور مهم ادي الي تغيير خطط اسماعيل بالنسبه لهذه السراي، اذ راي اسماعيل في عام 1868م ان يحول السراي بعد ان اصبح حاكمًا لمصر الي مقر للحكم علي النمط الاوروبي كما فعل من سبقوه مثل عباس في قصري العباسيه والحلميه، وسعيد في قصر النيل، وتم وضع خطه لنزع ملكيه العديد من المنشات في المنطقه المحيطه بالسراي، ومنها منازل وجوامع عثمان بك ابراهيم الكبير والدرب الجديد بما فيه من درر، وعطفه التوته، وحاره الزير المعلق التي اصبحت مبني السرملك، والحوش القبلي، ومنافع وميضاه جامع عابدين بك.

وقام ديوان الامور الخاصه بدفع 2048 كيسه وكسور ثمنًا للمنازل والحديقه التي نزعت ملكيتها من اجل بناء السراي، وقام الخديو اسماعيل باستبدال ارض وقف عابدين بك احد الامراء العثمانيين، وكان اميرًا للواء السلطاني، والتي بني عليها القصر – بخمسه واربعين فدانًا في الاقاليم، وبلغ المصروف الشهري لبناء السراي 200 كيسه شهريًا، وتجاوزت المصروفات الخاصه بهذه السراي المخصصات الماليه المحدده لها، اذ بلغت الزياده المطلوبه لهذا الغرض في عام 1292هـ/1875م، 38 الف جنيه انجليزي، واستوفي المبلغ من سندات الدين.

وتوحي واجهه قصر عابدين بكونه قصرًا رسميًا، فهي تذكر الزائر بقصر باكنجهام في لندن، فالخديو اسماعيل ومن تبعه حرصوا علي اضفاء طابع العظمه علي القصر الملكي المصري، مدخل القصر الحالي يبرز عن الواجهه في الطابق الارضي بوسط السلاملك، هذا البروز يتقدمه عمودان بين بائكتين ليشكل مع واجهه القصر ما يشبه مطلع ومنزل منحدر لعربات الخيول او لسيارات كبار الضيوف، حيث ينزل الضيف مارًا عابرًا الباب الي البهو الرئيسي.

وفوق هذا المنحدر البارز الشرفه الملكيه التي يطل من خلالها الملك علي الجماهير المحتشده في ميدان عابدين في المناسبات المختلقه يؤدي مدخل القصر الرئيسي الي السلاملك، الذي يوجد علي امتداده صالونات لكل منها لونه الذي يميزه.

وتشترك هذه الصالونات في وجود مدفاه من الرخام في كل منهما واستخدام الاقمشه في كسوه اجزاء من جدرانها.

وقد حرصت اسره محمد علي علي ان تشتمل قصورها علي قاعه عربيه علي الرغم من بناء هذه القصور علي الطرز المعماريه الغربيه، وقد كان في قصر النيل الذي بناه سعيد باشا قاعه عرش عربيه، وصممت القاعه الحاليه في عهد الملك فؤاد الذي سعي لبناء شخصيه للدوله المصريه الملكيه، ويتواكب تجديد هذه القاعه مع اعلان 28 فبراير 1922م، الذي اعلنت بمقتضاه الدوله المصريه المعاصره. وصممت القاعه بين عامي 1928م و1931م، لتكون خاصه بمراسم الاستقبال الرسميه، وللمناسبات الملكيه، وهذا ما راعاه فيروتشي مصممها.

وشهد قصر عابدين جانبًا مهمًا من احتفالات افتتاح قناه السويس التي كان الخديوي اسماعيل يطمح خلالها الي اعلان استقلال مصر عن تركيا، ولان حدث افتتاح القناه كان واحداً من اهم الاحداث في مصر في القرن 19، بل يعد من اهم احداث العالم خلال هذا القرن، وفقًا للدكتور خالد عزب في كتابه، فقد كان طبيعيًا ان يطلق علي الصالون الرئيسي للقصر "قاعه قناه السويس"، التي شيدت علي طراز النيو باروك، وبالقاعه لوحتان للفنان ادوارد ديو، وهو الذي رسم حفل افتتاح القناه، واللوحتان ضخمتان تجسدان هذا الحقل التاريخي، اكد ذلك ايضًا لوحه اضيفت عام 1981م، للفنان مصطفي رياض تجسد اعاده افتتاح القناه في عهد الرئيس انور السادات عام 1975م.

ويقول د.خالد عزب: جاء بُعد الدواوين عن قصر الحاكم ليلبي متطلبات بناء دوله التكنوقراط المصريه، التي تبلورت مره اخري مع الملك فؤاد حيث شرع في عصره مع اعلان 28 فبراير 1922م الذي اعطي لمصر الاستقلال في تشييد العديد من العمائر التي ترمز الي توجه الدوله وسياساتها، فالعماره هي المراه التي تعكس سياسه الدوله بصدق.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل