المحتوى الرئيسى

لا التاريخ ولا السياسة

07/03 01:12

ادونيس احد رموزنا الثقافيه والشعريه والفكريه، ذلك يجعل كلمته وازنه، خاصه حين تتناول ظرفاً حاضراً، فرجل بهذا الحضور لا مجال لمحاورته باستخفاف. استخفاف كهذا سيكون من دون شك وقبل كل شيء استخفافاً بمجله «شعر» ومجله «مواقف» و «الثابت والمتحول» و «أغاني مهيار الدمشقي» و «مفرد بصيغه الجمع»، و «ديوان الشعر العربي» و «ديوان النثر العربي» وهذه امور لا سبيل الي الاستخفاف بها، فهي علامات في ثقافتنا ولا يسعنا ان نغفل عنها في معرض الكلام عن تاريخنا الادبي والثقافي الراهن. ثم اننا لا ننسي ان أدونيس الشاعر والمفكّر اكثر سربِهِ حضوراً واكثرهم اثاره للجدل واكثرهم تاثيراً، فنحن اذ نناقشه نفعل ذلك بالجديه التي تستحقها قامه مماثله. غير ان هذا بطبيعته لا يلزمنا بافكاره ولا يلزمنا باحكامه.

من المماحكه ان نتكلم عن عَلَويه ادونيس او ان نردّ مواقفه اليها، فادونيس مذ كان فتي وهو يناهض الاتباع المطلق لاي دين ولاي مذهب. من المماحكه ان نستعيد للمره الالف حكايه جائزه نوبل وكانها عارٌ علي ادونيس، كما العوده المتكرره الي ابياته التي حيّا بها الثوره الايرانيه حين كانت مداً جارفاً وحين اجتذبت عشرات المثقفين، وتعييره بها. هذه العوده لا تقل مماحكه عما سبق. السجال علي هذا النحو ليس سوي مناكفه او مكايده، غير ان هذا لا يمنعنا من ان نلاحظ ان ادونيس في نظره الي التاريخ والي السياسه، وفي غضون ذلك الاسلام، يقع في تبسيطيه لافته.

منذ الثابت والمتحوّل نري ان نظر ادونيس للتاريخ ان تميّز بشيء فهو لا تاريخيته، اذ ان التاريخ في نظره عباره عن تضادٍّ ثنائي ومانويه متصّله: ثابت ومتحوّل. رغم تبحّر ادونيس في التراث فان في هذه الثنائيه شيئاً من الرؤيه الدينيه التي تقوم في الاساس علي ثنائيات منها الخير والشر. هذا النظر الي التاريخ لا يقيم فارقاً بين المراحل والعصور، ولا يري الحادث ضمن محيطه وما يكتنفه من ملابسات ومقومات، وما يجعله منظومه من التفاعلات التي تعود الي ظروفه والي عصره. كما ان هذا النظر يعزل الافكار عن الوقائع ويري التاريخ سلسله متماثله من الردود. هذا ما بدا في حديث ادونيس لـ «السفير» حين يرجع الي واقعه سقيفه بني ساعده ليعمّمها علي التاريخ كله، وبخاصه التاريخ المعاصر والراهن. كما يبدو حين يعيد ادونيس الاسلام الي امتهان مؤسسيه التجاره، والتجاره في مجتمع قبلي هي الاكثر تقدماً والاكثر اهليه لبناء دوله. لكن المساله ليست هنا، فادونيس يردّ الحاضر الي كون مؤسسي الاسلام تجاراً. هذا يعني انه يردّ الحاضر واللحظه الراهنه الي ما يزيد عن 14 قرناً. التاريخ ليس في نظره سوي سلسله من التماثلات، سوي طبعه اوسمه تتكرّر وتستعاد كل وقت وكل فتره. ليس من الضروري بالطبع ان نذكّر بتاريخ 14 قرناً وما حواه من ظروف متبدله ومراحل مختلفه. لكن من الضروري ان نقف عند الظرف الاخير «الكولونياليه، فلسطين، حركه التحرر الوطني، الانخراط الجماهيري المتزايد في السياسه، الموقف من الغرب» لنفهم لا حاضرنا فحسب ولكن حاضر الحركات الاسلاميه نفسها الذي لا ينفكّ عن فشل الانظمه العسكريه وفشل مشروع التحديث والدوله، كما لا ينفكّ عن الانخراط الجماهيري المتزايد في السياسه، فالاسلام الحديث هو جزء من عصرنا الحديث وتاريخنا الراهن، وهو رد، بمنطقه ولغته، علي تحديات حاضره.

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل