المحتوى الرئيسى

بالصور: حكاية يهود وسط البلد ورحلة أول علم إسرائيلي من الإسكندرية للقدس

07/02 19:59

كثرت الاحاديث عن مسلسل "حاره اليهود"، ما بين مقالات نقديه مُعارضه ومؤيده له علي المواقع الاليكترونيه، ومنشورات تتبع راي اصحابها علي موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك"، بين هذا وذاك يناقش المسلسل في فكرته عن اليهود المصريين، ويعتبر المسلسل الاول الذي يعيد بعض من سُمعتهم كمصريين، لا علاقه له بديانتهم، تتنوع التشريحات المختلفه داخل المسلسل، بين الديانات الثلاثه، بين الطيب والشرير في صورتهم الاولي، وبين اليهوديه "ليلي" واخيها "علي"، بين التشبث بمصر، والحماس لاسرائيل، اما صديقه "صفوت" فهو الغني الذي يموله بالمال، وهو الذي تحكي عن امثاله رضوى عاشور في كتابها "قطعه من اوروبا".

تحكي رضوي عاشور علي لسان البطل، واسمه "الناظر"، و لا يعني اسمه مسئول المدرسه، لكنه "انا الناظر لان مهمتي النظر، انقل عبر حكايتي ما نظرت اليه من نظر العين والقلب"، يقتبس الناظر من كتابات المؤرخ عبد الرحمن الرافعي في تسجيل تاريخ مصر، الجزء الخاص بحريق القاهره "يوم 26 يناير 1952 كان ماساه ينفطر لها القلب حزنًا واسفًا، الحريق انبعث من النفوس المريضه بين المواطنين، قامت به العناصر الرديئه من الشعب، راينا الغوغاء يشعلون النار جزافًا في المحلات التجاريه دون مبالاه او اكتراث".

في اليوم الموافق 11 ديسمبر 1917، ارتفع اول علم لاسرائيل علي سور القدس، حمله جندي نيوزيلندي يسمي لويس ازياك سالك، صحبه معه من مصر الي القدس، رفرف العلم مده عشرين دقيقه قبل دخول القوات البريطانيه التي انزلته، وذلك حسب ما جاء من شهاده يسردها جندي من طلائع القوات البريطانيه، كان العلم نصفه الاعلي باللون الازرق، والاسفل بالابيض، بينهما نجمه داود، ذلك العلم الذي حمله النيوزيلندي من مصر الي القدس كان من صنع مورينيو شيكوريل وترزي اسكندراني يدعي اليعازر سلوتسكين.

تسجل رضوي عاشور في كتابها عن وسط البلد، سيره اليهود الاجانب، تقول "هؤلاء ليسوا ابناء حارات اليهود، المحليين الذين لا يعرفون سوي العربيه، هؤلاء جاءوا مع موج البحر، حملهم الموج من شاطئ لاخر، ليسكنوا القصور، ويتزددوا بالقصور ويحضروا الحفلات في بيت اللورد، او ليسكنوا دورًا متواضعه فقيره، لانهم عمال، ولانهم مهاجرون، وفي الحالتين يتحدثون الايطاليه والفرنسيه واللادينو، او الروسيه والالمانيه واليِدِش فترفعهم اللغه واصولهم فوق "المحليين" من اهل البلد(بما فيهم يهود الحاره) وتربطهم باسيادهم الاجانب.

يهود وسط البلد لم يكونوا مُجرد رجال اعمال بالمصطلح المتداول، لكنهم اصحاب عقارات وشركات وما لا يُمكن حسابه، سرد الناظر عدد كبير من هؤلاء الرجال، القادمين من وراء البحر، عائلات لها جذور ممتد لبعيد، منهم علي سبيل المثال عائله روتشيلد التي يتفرع منها "بلفور" الشهير الذي وعد بوطن الصهاينه.

كان من اشهر الرجال الكبار؛ بهلر، شيكوريل، وقطاوي، تقف رضوي علي جبل تاريخ فتُحاول تسرد ما يمكنها منه، لكن حُمي الكتابه تاخذها، تكتب عن نسل تلك العائلات، تاخذ القارئ لعدد كبير من الاسماء، نسرد بعض منهم فقط.

قدم يعقوب بن يوسف صمبري القطاوي من حلب في فتره ولايه محمد علي، كان شيخ معمم، احتفظ باصوله، ولكن مع تفرع عائلته الكبيره، اكتسح التفرنج الاحفاد، وتراست ابنه حفيدته واسمها "فيكي موصيري" الفرع المصري من التنظيم النسائي التابع لمنظمه الصهيونيه العالميه، كان منزل فيكي عامر بالحفلات والاصدقاء، سلسله كبيره من الاغنياء لا اول لها ولا اخر، كان من بين اصدقاء زوجها ضابط الاستخبارات الانجليزي "اوبري ايبان"، عُرف باسم "ابا ابان" وهو الشخص الذي رفع علم اسرائيل في الامم المتحده بعد اعلان الدوله، وصار وزير خارجيه اسرائيل فيما بعد.

محل شيكوريل كان الاشهر في وسط البلد، لصاحبها مورينو شيكوريل، جاء الرجل من ازمير عام 1910، وفتح محل صغير سماه "او بتي بزار"، كبر المحل وجاوره اخر ليصبح متجر كبير معروف، يملؤه العُمال والعاملات متحدثين بالفرنسيه، شيكوريل الشهير ضُمر فيه النار بحريق القاهره، وتم تجديده بعدها، وفي عام 1917 الذي كان حافل بالمؤتمرات الصهيونيه داخل الاسكندريه، قبل صدور وعد بلفور رسميًا باربعه ايام، حضر ثلاثه الاف يهودي احتفال لتاييد وعد بلفور، لم تتاكد الكاتبه بشكل اساسي هل كان شيكوريل وصاحبه الترزي موجودان بذلك المؤتمر او غيره، لكن المعلومه المؤكده انهم صانعو اول علم اسرائيلي.

احد كبار يهود وسط البلد كان "شارل بهلر" السويسري، بهلر امتلك الكثير بالمنطقه في ذلك الزمان، وكما تقول رضوي لم يتبق من ذلك كله سوي ممر باسمه يصل بين عمارتين، وهما في الاصل عماره واحده منفصله، م. ضمن ما امتلكه سيد بهلر؛ فنادق شبرد والجزيره، سميراميس والكنتينتال ومينا هاوس والكوزموبوليتان، وذلك في القاهره فقط، ومن ضمن شركاته كان له شركه هي التي انشات وادارت فندق داود بالقدس.

لم تكترث رضوي عاشور في الكتاب بامر الديانه، لان هؤلاء المستثمرين لم يكن جميعهم يهود، وغير معروف في تاريخهم ما هي ديانتهم، لكن مالهم كان مُحركهم الاساسي، ونشطت الحركه الصهيونيه بهؤلاء.

قبل عقد المؤتمر الصهيوني الأول بعام، جاء الي مصر بلغاري يُدعي "ماركو باروخ" عام 1896, اقام في حي البرابره حيث يسكن اليهود الاشكيناز، المهاجرين من شرق ووسط اوروبا، كان لباروخ نشاطه الصهيوني قبل قدومه لمصر، وبدؤه في الجزائر، اسس البلغاري ثلاث جمعيات صهيونيه في القاهره والاسكندريه وبورسعيد، غادر بعد ذلك مستمرًا في نشاطه، وحضر المؤتمر الصهيوني الثالث والرابع كعضو في الوفد الايطالي، ظلت الحركه الصهيونيه نشطت في مصر، اول الجمعيات التي تم تاسيسها، كانت "بار كوخبا" التي انشاها باروخ، واخرها "ابناء هرتزل" عام 1913.

يرجع الناظر في حديثه مره ثانيه لحريق القاهره، واستنادًا الي ملف الصور الذي اعده ستوديو "رياض شحاته"، وكما يقول الناظر "هو المصور الاشهر ذلك الزمان"، يستعرض خلاله الصور التي تعرض المحلات التي احترقت ذلك اليوم البعيد، محلات جروبي بفرعيها طالها الدمار، كذلك محلات "الامريكين"، التي يمتلكها جروبي ايضًا، تحول مدخل فندق شبرد الي انقاض، النوافذ لم تعد موجوده، وكذلك ملحقات الفندق من شركات اجنبيه للسياحه، داخل محلات شيكوريل كان الانهيار، اما الواجهه فظلت متماسكه، يُحدد بطل الكتاب ان الدمار لحق بثلاث مجموعات اساسيه "بنوك ومتاجر تخص الانجليز وبعض الاوروبيين، متاجر اثرياء اليهود، دور سنيما وبارات".

يُدقق الناظر في الصور، يري ان الدمار لحق باماكن ولم يمس بعضها، لذا استغرب من كلمه "الغوغاء" التي استعملها المؤرخ "الرافعي" فيقول "لكن الغوغاء احرقوا نادي التُرف ولم يحرقوا المعبد اليهودي، احرقوا محلات شيكوريل واوريكو وشملا وشالون بن زيون التي يمتلكها اليهود، احرقوا جروبي سليمان "طلعت حرب الان" ولم يمسوا محل سمعان صيدناوي المقابل له"، هُناك صوره توضح مدخل جروبي عدلي، بجوارها محل حسن حنفي للخياطه، الذي لم يطاله الحريق، كذلك مكتبه نهضه مصر الموجوده بنفس الشارع لم تُدمر، محل بن زايون محترق وفوقه "سعد كامل وولده" سليم، يتمتم الناظر "هناك منطق في هذا الجنون".

يرجع الناظر لما قاله المؤرخون عن ذلك اليوم، فعبد الرحمن الرافعي وصفهم ب"الغوغاء"، واخرين ربطوا بين مذبحه الاسماعيليه في 25 يناير 1952، والحريق، يقول بطل الكتاب بالمعلومات، المؤرخين لم يربطوا بين الحريق وحرب فلسطين، رغم ان القاهره احتشدت بها المظاهرات اكثر من مره احتجاجًا علي السياسيه البريطانيه في فلسطين، منها مظاهره في نوفمبر 1945، وتم تحطيم محلات اوروبيين ويهود يومها في منطقه الموسكي، ومظاهرات كبيره في مختلف المدن المصريه، في ديسمبر 1947، احتجاجًا علي قرار الامم المتحده بتقسيم فلسطين، وايضًا تم تحطيم فيها محلات ومؤسسات يهوديه واوروبيه.

بعض المراجع التي استندت اليها رضوي عاشور في كتابها:

أهم أخبار منوعات

Comments

عاجل