المحتوى الرئيسى

لماذا تحمى تركيا «المسلحين المصريين»؟

07/02 14:02

علي هامش موجات الدماء المتصاعده في بقاع شتي في العالم، وخاصه في الشرق الاوسط ومصر، لا يزال عدد من الانظمه ياوي مجموعه من الجهاديين، من اصحاب الجذور التكفيريه او التاريخ العريض في العنف المسلح.

قطر وتركيا تبقي الابرز بالنسبه للجهاديين وقاده الاسلام السياسي، الذين يحظون بحمايتهما، نكايه في القاهره بعد 30 يونيو 2013.

لا تتعامل الانظمه الحاكمه دومًا، وخاصه في البلدان ذات التطلعات السياسيه، مع الجماعات الدينيه المسلحه وقادتها وكوادرها كاعداء مطلقين يجب سحقهم واقتلاعهم من جذورهم دون تردد، اذ ان قذاره لعبه السياسه وفساد السلطه، يغريان الكثير من تلك الانظمه لاحتواء دعاه الدم واستخدامهم وتوجيههم بما يخدم منظومه مصالح واهداف واستراتيجيات بعينها.

العلاقات المتناغمه "التركيه الداعشيه" هي مثال واضح وجلي ايضًا في الوقت الراهن، فيما يزخر التاريخ القريب والبعيد بعشرات الصلات المتينه بين جهاديين عتاه وانظمه واجهزه استخبارات دوليه.

في الحرب الافغانيه السوفيتيه، احتوت واشنطن وحلفاؤها في الرياض والقاهره وغيرهما، الافغان العرب، ممن هبوا من كل بقاع الدنيا نصره لما كانوا يعتقدون انه تمكينًا لحكم الله، ضد اعدائه من الملحدين الفسقه الشيوعيين، بينما كانوا بالاساس مجرد اداه غربيه امريكيه علي وجه التحديد، لسحق موسكو وانهاكها.

كان بن لادن احد المدعومين من الرياض، وبصور مباشره وغير مباشره من واشنطن، يتنقل بامواله واستثماراته بين الخرطوم والقاهره واسلام اباد وكابول دون ادني مشكله.

مع الوقت تحول بن لادن واقرانه لاذرع وظيفيه تُرسم لها المهام بدقه في البنتاجون والسي اي ايه والـ ام اي سيكس، وبمجرد سقوط حائط برلين وانهيار الاتحاد السوفيتي وتحوله الي تراث، انتهت صلاحيته من وجهه نظر اربابه، وفي المقابل ادرك الجهادي نفسه ان عدوه الحقيقي هو من كان يمد له يده في السابق، فحدث الصدام بين الطرفين، وتحول بن لادن من الحليف المطيع الي الشيطان المتمرد.

ورغم معضله القاعده و11 سبتمبر واتساع رقعه الارهاب العالمي وحربي العراق وافغانستان، ناهيك عن عشرات الصراعات الشرق اوسطيه المنفوخ فيها بسموم تاجيج غربيه، فتحت اوروبا وامريكا ذراعيها لاحتواء عشرات الجهاديين الخطرين، ممن يكفرون الغرب صراحه، تحت لافتات حقوق الانسان واللجوء السياسي والعمل العام.

بريطانيا مثلُا، تعد جنه الجهاديين الفارين من الملاحقات الامنيه والقضائيه في بلادهم الاصليه، علي طريقه المصريين هاني السباعي وطارق عبد الحليم، وغيرهما من الرموز السابقين للعمل المسلح في الثمانينات والتسعينيات، ممن ينعمون بحياه هادئه امنه في لندن واقرانها من مدن الضباب الانجليزي.

لندن تدرك تمام الادراك مدي جرائم هؤلاء، او علي اقل تقدير مدي خطورتهم، ولكنها ترفض اي طلب لتسليمهم الي بلادهم لاسباب قانونيه خاصه بالنظام القضائي الداخلي علي اراضيها تاره، وتاره اخري علي خلفيه رغبتها المحمومه في الاستفاده منهم لدعم سياساتها الخاصه "غير النزيهه في كثير من الاحيان" في الداخل والخارج.

وبالتالي فالداعيه ابو حمزه المصري، الذي رفضت بريطانيا تسليمه للقاهره، ووفرت له كل الدعم والحمايه علي ارضها، حصلت منه الاولي مثلًا علي معلومات عن انشطه الجماعات المتطرفه التي ترتاد مسجد "فنسيري بارك" في لندن، حيث كان ابو حمزه اماماً له لسنوات.

اسلام اباد ولظروف تتعلق باسلمه الجيش وعدد كبير من دوائر الحكم فيها، فضلًا عن اهداف سياسيه ترتبط برغبتها في وضع قدم راسخه علي الاراضي الافغانيه، طالما تسترت علي مسلحين حاليين وسابقين، كـ بن لادن "تم تصفيته علي اراضيها" والظواهري، وكثيرين من رموز الجهاد المصري، كـ عبد الاخر حماد ونبيل نعيم ومحمد عبد الرحيم الشرقاوي "الالكتروني" وغيرهم.

اليمن وجنوب افريقيا فعلا ذلك من قبل مع وجدي غنيم، والمانيا وبلجيكا والسويد وكرواتيا وفرنسا قاموا بادوار مشابهه مع اسماء عده اخري.

حتي ايران كانت ملاذًا لكثيرين من رموز الجهاد والجماعات الدينيه السنيه، كمحمد شوقي الاسلامبولي، شقيق قاتل السادات، خالد الاسلامبولي، دونما ادني حساسيه من جانبه لهويتها الشيعيه، حتي ان طهران كانت ترفض تسليمه الي القاهره، رغم انها كانت في الاساس قد حددت اقامته سنوات، لخطورته الامنيه، وهو ما لم يتمكن احد من تفسيره، الا علي ارضيه ان بلد الملالي كانت تحتفظ بالرجل ككارت لابتزاز مصر.

اليوم تعود انقره تحت حكم رجب طيب اردوغان الي اللعبه ذاتها، عبر منحها حق اللجوء السياسي لمحمد شوقي الاسلامبولي، ومحمد رفاعي طه، الاخير كان قائدًا للجناح العسكري للجماعه الاسلاميه بمصر.

الظاهر ان الحمايه التركيه لهما تاتي من باب دعمها لكل من يدعم الاخوان ضد نظام 30 يونيو، لكن هل الاولي ان تمنحهما هما علي وجه التحديد حق اللجوء، ام يكون من نصيب اي من قاده الاخوان المقيمين علي اراضيها؟!

ملخص القصه، ان الانظمه الغربيه علي وجه الدقه تلجا لاحتضان الجهاديين والتكفيريين والمسلحين علي اراضيها، وربما ممثلي الاسلام السياسي كحال الاخوان مع عدد من دول العالم، لعده اسباب واعتبارات، لعل اهمها، ان كثيرين من كوادر تلك التنظيمات، الذين يثار حولهم شبهات، مواطنين يحملون جوازات سفر البلدان التي يقيمون فيها حاليًا، وبالتالي فمساله حظرهم او ضبطهم بناءً علي امر او حكم قضائي صادر من بلدانهم الاصليه تبدو صعبه، طالما لم يخرقوا القوانين الداخليه لبلد المهجر.

كذلك فان لندن وباريس وبرلين وواشنطن وغيرها من البلدان تعتبر ان وجود قاده الجماعات علي اراضيها "بوليصه تامين" في حال سقوط الانظمه الهشه في المنطقه، كما حدث بعد الربيع العربي، اعتقادًا منها بان هؤلاء قد يكونون قاده المستقبل هناك، فضلًا عن ان وجود تلك الجماعات في الغرب "مكَّن المخابرات الدوليه من التجسس علي انشطتها، واكتساب شكل من قوه التاثير علي السياسات الداخليه لبلدانها الاصليه"، كما ساعدت الجماعات في الابقاء علي منطقة الشرق الاوسط مقسمه وضعيفه بشكل يمكن الغرب من استنزاف ثرواتها، دون معارضه تذكر من القوي الوطنيه.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل