من قصص القرآن الكريم ..الدرس المستفاد من قصة البراق (15-30) (الأخير)

بقول الشيخ خالد احمد حسن بابطين من أعضاء هيئه التدريس من جامعه ام القري عن الدروس المستفاده من قصه البراق في رحله الإسراء والمعراج .

اولها درسٌ في النبوات: فان صلاه النبي صلي الله عليه وسلم بالانبياء اماماً له دلالتان: اولها: وحده الانبياء في دعوتهم، فالكلُّ جاء بالتوحيد الخالص من عند الله، الانبياء اخوه ودينهم واحد: وما ارسلنا قبلك من رسول الا نوحي اليه انه لا اله الا انا فاعبدون.

وما جري في اليهوديه والنصرانيه من الانحراف انما هو بفعل ايديهم..

والدلاله الثانيه: ان النبوه والرساله قد انقطعت، فلا نبوه بعد رسول الله صلي الله عليه وسلم ولا رساله: “ما كان محمد ابا احد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين”.

ثانيا: درسٌ للدعاه الي الله: عاد النبي صلي الله عليه وسلم من رحلته الميمونه المباركه اراد ان يخرج للناس حتي يبلِّغهم، فتشبثت به ام هاني بنت ابي طالب تقول له: يا رسول الله! اني اخشي ان يكذِّبك قومك!

فقال لها صلي الله عليه وسلم: (والله لاحدثنَّهموه!)، اي ساخبرهم وان كذبوني!

وفيه درس عظيم للدعاه الي الله عز وجل ان يبلغوا امانه الله، رضي الناس ام غضبوا، رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول: (ومن التمس رضا الناس بسخط الله سخط الله عليه واسخط عليه الناس).

واذا كان أنبياء الله عز وجل يتهمون بالكذب والسحر والجنون، فليس في ذلك غرابه بعد ذلك ان يُتهم الدعاه الي الله في واقعنا بالتطرف والارهاب، والرجعيه والتاخر.

ثالثا: وهناك درسٌ في بناء الرجال: والرجال لا يمكن بناؤهم الا من خلال المواقف! عندما تحدث النبي صلي الله عليه وسلم بامر الاسراء والمعراج طفق القوم ما بين مصفق وبين واضع يده علي راسه تعجباً.

قال ابن كثير: “وارتد ناس ممن امن بالنبي صلي الله عليه وسلم”.

فالامر يحتاج الي يقين، يقين بقدره الله، ويقين بصدق المصطفي صلي الله عليه وسلم، فالمحنه تفرز حقائق الرجال؛ افرزت هذا النموذج الذي لم يستطع ان يستوعب الامر لضعف ايمانه!

وافرزت رجالاً كابي بكر الصديق رضي الله، فقد جاءته قريش يقولون له: “انظر ما قاله صاحبك، انه يدعي انه اتي في بيت المقدس وعاد في ليله، ونحن نضرب اليه اكباد الابل شهراً ذهاباً وشهراً اياباً!

فقال ابو بكر: هو قال ذلك؟

قال: ان كان قد قال فقد صدق.

ايمان ثابت، ايمان لا تعبث به الدنيا، ولا تزلزله الجبال، ايمان قد استقام علي حقيقه منهج الله عز وجل.

رابعًا: درس في معيه الله عز وجل لانبيائه واوليائه:

طلبت قريش من النبي صلي الله عليه وسلم ان يصف لها بيت المقدس، ورسول الله قد جاءه ليلاً، ولم يكن قد راه من قبل.

يقول صلي الله عليه وسلم: “فاصابني كرب لم اُصبْ بمثله قطّ”، اي ان الامر سيَفْضَح، بمعني انه سيُتهم بالكذب، ولكن حاشا لله ان يترك اولياءه في مثل هذه المواقف.

يقول صلي الله عليه وسلم: “فجلي الله لي بيت المقدس “اي كشفه”، فصرت انظر اليه، واصفه لهم باباً باباً، وموضعاً موضعاً، انا لننصر رسلنا والذين امنوا في الحياه الدنيا ويوم يقوم الاشهاد?.

هو درسٌ لكلِّ صاحب هم، لكلِّ صاحب قلب مكلوم الاَّ يلتفت قلبه الا الي الله، هذا رسول الله صلي الله عليه وسلم رجل واحد، يحمل همَّ الدنيا كلِّها.

رجل واحد يحمل امانهً تنوء بها الجبال، ماتت زوجته خديجه التي كان ياوي اليها عند تعبه.. مات عمه ابو طالب الذي كان يحميه.