المحتوى الرئيسى

حكاية مصر في المونديال (4/5) - فئران الصحراء

06/30 15:58

كانت الطموحات في اقصاها، والكل يحلم باختراق حاجز الصوت والعبور الي الدور الثاني.

كيف لا ؟ وقد فعلتها الكاميرون التي نزهو بعلو كعبنا عليها دوما وقد تصدرت المجموعه علي حساب الارجنتين بطل العالم.

كيف لا ؟ وقد فعلتها كوستاريكا علي حساب السويد القويه واسكتلندا العنيده، حتي كولومبيا خطفت بطاقه التاهل في اللحظات الاخيره بتعادل مستحق من المانيا.

وقتها كان يصعد من كل مجموعه الاول والثاني اضافه الي افضل 4 فرق تحتل المركز الثالث، وبعد نهايه الجوله الثانيه كانت مصر ( بفضل الحروف الأبجدية اللاتينية) تتصدر فرق المجموعه، بعد ان تساوت الفرق الاربعه في رصيد نقطتين، مع تسجيل هدف وتلقي هدف، وبدا المحللون في وضع سيناريوهات الفصل بين الفرق في حال انتهاء الجوله بالتعادل مره اخري، واعلن الاتحاد الدولي عن اجراء قرعه فور انتهاء المباراتين الاخيرتين، واللتان تقرر ان يكونا متزامنتين تفادياً لما وقع خلال كإس إلعالم 82 في اسبانيا بعد تامر المانيا والنمسا للاطاحه بالمنتخب العربي الجزائري.

كانت حاله من التفاؤل الشديد تسود الشارع المصري في تلك الايام الحاره من نهايه يونيو 1990، والتي ادخل عليها كاس العالم اجواءً احتفاليه تداخلت مع الكبرياء الوطني بوجود المنتخب جنباً الي جنب مع كبار العالم.

لم تؤثر هذه الاجواء علي معسكر المنتخب الذي يستعد لمباراه الحسم امام منتخب الاسود الثلاث ( انجلترا)، فالفريق الانجليزي رغم الاداء المتوسط الذي قدمه امام ايرلندا وهولندا هو اكثر فرق المجموعه جاهزيه وتطوراً في الاداء، كما انه يضم مجموعه من اللاعبين الصاعدين الراغبين في صنع مجد شخصي في هذه البطوله، وعلي راسهم نجم توتنام بول جاسكوين الموهوب ومهاجم استون فيلا ومفاجاه الموسم ديفيد بلات، والمدافع الاشقر مارك رايت، بالاضافه الي النجوم الكبار بيتر شيلتون افضل حراس الدوري الانجليزي وصاحب الاربعين عاماً، وجاري لينيكر هداف كاس العالم 86، والحريف كريس وادل نجم مارسيليا الفرنسي. ويضاف اليهم مدرب قدير بقيمه بوبي روبسون الذي تخرج من تحت يده جوزيه مورينيو.

قبل المباراه شنت الصحف البريطانيه هجوماً عنيفاً علي فريقها ومدربهم وحذرت من صعوبه مواجهه المنتخب المصري الذي وصفته ب( فئران الصحراء) !

وفي ظل الاداء الصحفي المصري المعهود، خرجت العناوين تسب وتلعن في الاعلام الانجليزي العنصري والمتعالي الذي يصف الفراعنه بالفئران.

لكن الراحل (نجيب المستكاوي) الناقد والاديب الرياضي، خرج ليسكب دلواً من الثلج علي انصاف المثقفين في الاعلام حينما كتب ان ( فئران الصحراء) هو لقب الكتيبه المسلحه السابعه بالجيش البريطاني خلال الحرب العالمية الثانية والتي اشتهرت بالشجاعه والبساله ونجحت في ايقاف تقدم جيوش النازي تجاه مصر، وبالتالي فان هذا اللقب يدعو للاحترام وليس للسخريه !

كان محمود الجوهري يواجه تحدياً كبيراً في الاستعداد لمباراه انجلترا، فقد انكشفت كل الاوراق ولم يعد من الممكن استغلال عامل المفاجاه، ولم يبق الا المواجهه المباشره لتحقيق الهدف والخروج بنقطه التعادل علي الاقل.

كان نموذج المنتخب المغربي في كاس العالم 86 لا يزال عالقاً في الاذهان، فقد نجح في الخروج بتعادلين سلبيين امام انجلترا ثم بولندا باداء دفاعي من الطراز الاول، لكن في المواجهه الثالثه والحاسمه امام البرتغال تحولت المغرب الي الهجوم ونجحت في الفوز بثلاثيه نظيفه، لكن هل يستطيع المنتخب المصري تكرار نفس التجربه؟

كان قرار الجوهري واضحاً خلال المباراه، فقد فضل اللعب علي النقطه الموجوده في اليد، باعتبارها افضل من النقطتين علي الشجره، لذا فقد بدا بنفس التشكيل الذي لعب مباراه هولندا، وبطريقه 5/3/2 الدفاعيه، مع وجود مفاجاه تتمثل في استبعاد طاهر ابو زيد من قائمه المباراه ودخول طارق سليمان لاعب المصري المحترف في نيوشاتل السويسري الي قائمه البدلاء، مع استبعاد مجدي طلبه الذي شارك في اول مباراتين.

وعلي ملعب سانت ايليا في مدينه كالياري نزل الحكم السويسري كورت روتلسبرج يتقدم جمال عبد الحميد وبيتر شيلتون قائدا الفريقين امام 40 الف مشجع ووسط تعليق من الاسطوره محمود بكر وبجواره الراحل فايز الزمر.

مع بدايه المباراه وضح ان الفريق الانجليزي مرتبك ويخشي من الفريق المصرى بفضل الاداء السابق، وبفضل النتائج التي قدمتها الفرق الصغيره في البطوله، لكن الفريق المصري فضل عدم الاندفاع خلف الهجوم وفضل الاحتفاظ بالكره لاطول فتره والتصدي للهجمات الانجليزيه.

ولعل اللحظه الابرز في الشوط الاول كانت اصابه نجم الدفاع هاني رمزي في كره مشتركه وبدا واضحاً انه تاذي بشده، وعلي الفور يقوم بديله صابر عيد لاعب غزل المحله باجراء عمليه الاحماء، الا ان الجوهري فاجا الجميع عندما قرر الابقاء علي هاني رمزي داخل الملعب رغم اصابته الواضحه بدلاً من الدفع بالبديل، وقد برر ذلك بان صابر عيد لم يشارك مع المنتخب في اي مباراه رسميه منذ فتره طويله وان عدم وجود تجانس بينه وبين زملائه قد يسبب مشاكل تفوق اصابه هاني.

انتهي الشوط الاول بالتعادل السلبي في الوقت الذي تقدمت فيه هولندا علي ايرلندا بهدف، وبالتالي كانت هولندا تحجز المركز الاول وخلفها مصر وانجلترا، فيما تخرج ايرلندا من البطوله.

لكن في الدقيقه 59 من المباراه احتسب الحكم السويسري ضربه حره مباشره يرفعها بول جاسكوين داخل المنطقه، في وجود اربعه لاعبين انجليز وسط سته لاعبين مصريين، ونظراً لاصابه هاني رمزي لم يتمكن من الارتقاء لابعاد الكره، مما اضطر احمد شوبير للخروج لكن المدافع الانجليزي مارك رايت سبقه ولعب الكره في المرمي الخالي وعبثا حاول هشام يكن ابعاد الكره الا انها لمست راسه واكملت طريقها للمرمي، وسط فرحه غامره للاعبي المنتخب الانجليزي.

وصلت الاخبار فوراً الي استاد بالرمو، حيث تستمر مواجهه ايرلندا مع هولندا، وبعد 10 دقائق كانت ايرلندا تدرك هدف التعادل لتنتهي المباراه بشكل فعلي، حيث افرط الفريقان في اضاعه الوقت سواء علي سبيل التامر لضمان تاهلهما معا، او خوفاً من الهزيمه والخروج.

واصل الجوهري احتفاظه بلاعبيه دون تغيير وتحول المنتخب للهجوم وفي الدقيقه 75 يهدي مجدي عبد الغني الكره لجمال عبد الحميد علي خط منطقه الست ياردات ويقفز المشجعون في الهواء انتظاراً لهدف التعادل لكنه يسدد الكره ضعيفه جدا في يد الحارس الخبير (شيلتون) لتتنفس انجلترا الصعداء.

بعدها مباشره كان الجوهري يقوم بتبديل مزدوج بسحب احمد الكاس وجمال عبد الحميد والدفع بعادل عبد الرحمن وطارق سليمان. اثار التغيير دهشه كبيره خاصه فيما يتعلق بطارق سليمان الذي لم يشارك في اي مباراه رسميه مع المنتخب منذ فتره طويله – تماماً كصابر عيد - وظل سبب هذا التغيير غامضاً حتي خرج احد اعضاء الجهاز الفني بعدها بسنوات ليحكي ان طارق سليمان اصيب بنوبه تشنجات ليله المباراه بعد علمه باستبعاده من المباراه الثالثه والاخيره، وان الكابتن الجوهري اضطر لاستبعاد مجدي طلبه وادراج اسم طارق سليمان خوفاً من تعرضه لازمه صحيه اعنف.

القصه نفسها غير موثقه الا انه لا يمكن تجاهلها بعد ان نشرت في العديد من وسائل الاعلام.

كان الجمهور المصري يتمني ان يتكرر سيناريو مباراه هولندا، وان تهبط عداله السماء علي استاد كالياري، وان تدرك مصر التعادل، الا ان صافره الحكم سبقت ذلك، وفوجئ الجميع ان مغامره مصر في كاس العالم قد بلغت خط النهايه.

أهم أخبار الرياضة

Comments

عاجل