المحتوى الرئيسى

علم الغيب.. سؤال الفلاسفة

06/30 10:21

كل امرئ يعرف ان معبد «ديانا» في افسوس، قد احترق في الليله نفسها التي ولدت فيها «اوليمبياس» ابنها الاسكندر، وان كهنه الفرس القدامي، قد اخذوا يصيحون مطلع النهار قائلين: لقد ولد ليله امس، شقاء مهلك ينتظر اسيا.

بنزاهه علميه ارّخ شيشرون في النصف الاول من كتابه هذا «علم الغيب» - الصادر حديثاً عن دار الوراق، ترجمه بعنايه كبيره توفيق الطويل - مذاهب المؤيدين لفنون التنبؤ، توطئه للتعقيب عليها في النصف الثاني من كتابه، بتفنيدها ومعالجه دحضها والكشف عن وجوه الضعف والمغالطه في تاييدها، مستعيناً بمذاهب الابيقوريين وغيرهم من الفلاسفه الذين اضطلعوا بمقاومه التَّكهُّن بالغيب في شتي فنونه، مستندين في موقفهم الي منطق العقل في تحليله للاراء التي حشدت لتاييد هذه الفنون، وتفهُّم قوانين الطبيعة وسُنن الكون، والتعرُّف الي طبيعه الظواهر الدينيه والزجّ بالالهه في مواطن الدفاع عن هذه القضيه ـ كما كان يفعل دُعاه التنبؤ في تلك العصور.

تناول هذا الكتاب البحث في موضوع شغل بال الناس في كل زمان ومكان. فتضمن الكتاب بحثاً كتبه شقيق شيشرون، هو كونتوس شيشرون، تولي فيه الدفاع عن فنون التكهن، وقد كان من اتباع الرواقيه الرومانيه. بينما ماركوس شيشرون تولي تفنيد هذا الفن.

من الشيق الاطلاع علي كتاب وضعه شيشرون فيلسوف الرومان وخطيبهم منذ عشرين قرناً من الزمان، وقد فصَّل فيه اساليب التنبؤ بالغيب في مختلف فنونه، وتحري في علاجه ـ تمشيّا مع منهج الاكاديميه الجديده التي كان يتزعمها - ان يحشد ادلّه الذين تحزبوا لهذه الفنون وذادوا عنها، وحجج خصومها الذين ضاقوا بها وهاجموا اهلها! وبهذا عمد المؤلف - وهو خصم عنيد للتنبؤ في مختلف فنونه - الي ان يعرض في نزاهه تدعو الي الاعجاب مذاهب الذين انتصروا للتنبؤ من فلاسفه اليونان والرومان، من رواقيين، علي وجه اخص، وفيثاغوريين وسقراطيين وافلاطونيين ومشَّائين وغير هؤلاء من دُعاه هذه الفنون، منذ فجر الفلسفه في القرن السادس، حتي عصر المؤلف.

تضمن استشهادات استقاها المؤلف عن عقائد دان بها القدامي من شعوب الارض من اشوريين وكلدانيين ومصريين ويونانيين ورومانيين وغيرهم، مع فيض من الامثله تحدَّر عن تاريخ الامم القديمه، وتجارب الكثيرين من اهلها.

القدماء كانوا اكثر تاثّراً بالنتائج العمليه منهم بالاقتناع المنطقي، بيد ان الفلاسفه قدموا ادله دقيقه علي صدق التنبؤ بالغيب، وكان اكسانوفان الفيلسوف الوحيد الذي انكر التكهن بحذافيره.

اما سائر الفلاسفه فقد سلموا بالتكهن بالغيب وان تفاوت تسليمهم قوه وضعفاً.

ديمقريطس تبني فكره التنبؤ بالغيب عبر الاحلام: «اذا كانت حواسنا ابّان النوم منصرفه عن ادراك الاشياء المحيطه بنا، فان الاحلام تحمل انباء المستقبل».

اما النظريه المتعلقه بالجن، التي يشرحها «ديموقريطس» ويدافع عنها فتبدو من اكثر النظريات التي تاخذ منحي علمياً في الاثبات. فقد كان يري وجود كائنات اعلي من الانسان، تتحرك في الفضاء بسرعه خارقه، كانت تُسمي في بعض الاحايين بالجن، سواء اكانت خيِّره ام شريره وتلقي صوراً تراها اعين الناس واصواتاً تصل الي اذانهم.

الرواقيون، تولوا الدفاع عن كل ضروب التكهن بالغيب. وقد الف اساتذه هذه المدرسه واتباعها عده مؤلفات متعلقه بفن الكهانه، والعيافه، والزجر بالغيب.

سقراط عندما كان في سجنه اخبر صديقه «اقريطون» ستدركني المنيه بعد ثلاثه ايام. كان ذلك حقاً.

ارسطو الذي وُهب عقلاً منقطع النظير، كان مدافعاً كبيراً عن هذا الفن. ايضاً افلاطون الذي وضع نظريه شهيره حول «النوم» وكيف قد يري البشر في نومهم شذرات مهمه من المستقبل.

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل