المحتوى الرئيسى

بالصوت .. الخريطة الذهنية لسورة يونس (10ـ 60)

06/30 00:11

سوره يونس من السور المكيه التي تعني باصول العقيدة الاسلامية، الإيمان بالله تعالي وبالكتب والرسل والبعث والجزاء ، ومع تركيز شديد علي الإيمان بالقضاء والقدر.

وهي السوره العاشره بحسب الترتيب القراني، واياتها تسع ومائه ايه. سورة مكية في معظمها. ذكر الاصفهاني عن ابن عباس رضي الله عنهما، انها مكيه الا ايه واحده، هي قوله تعالي: {ومنهم من يؤمن به ومنهم من لا يؤمن به وربك اعلم بالمفسدين} (يونس:40)، فانها مدنيه، نزلت في اليهود. وقال البغوي: مكيه، الا ثلاث ايات من قوله: {فان كنت في شك مما انزلنا} (يونس:94) الي اخر السوره.

ليس لهذه السوره سوي هذا الاسم، وقد سميت بهذا الاسم؛ لانها انفردت بذكر خصوصيه لقوم يونس، وهي انهم امنوا بعد ان توعدهم رسولهم بنزول العذاب، فعفا الله عنهم لما امنوا. وذلك في قوله تعالي: {فلولا كانت قريه امنت فنفعها ايمانها الا قوم يونس لما امنوا كشفنا عنهم عذاب الخزي في الحياه الدنيا ومتعناهم الي حين} (يونس:98). وتلك الخصوصيه كرامه لـ يونس عليه السلام، وليس فيها ذكر ليونس غير ذلك.

ورد في فضل سوره يونس بعض الاحاديث والاثار، هي وفق التالي:

- روي ابو داود عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: اوتي رسول الله صلي الله عليه وسلم سبعاً من المثاني الطول، واوتي موسي ستاً، فلما القي الالواح رُفعت ثنتان وبقي اربع.

- روي الامام احمد عن عائشه رضي الله عنها، ان النبي صلي الله عليه وسلم، قال: (من اخذ السبع الاُول، فهو حبر). وقد روي عن سعيد بن جبير: ان يونس احدي الطول.

- وروي ابو داود عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه، قال: اتي رجل رسول الله صلي الله عليه وسلم، فقال: اقرئني يا رسول الله! فقال: اقرا ثلاثاً من ذوات (الر)، فقال: كبرت سني، واشتد قلبي، وغلظ لساني، قال: فاقرا ثلاثاً من ذوات (حاميم)، فقال: مثل مقالته، فقال: اقرا ثلاثاً من (المسبحات)، فقال: مثل مقالته، فقال الرجل: يا رسول الله! اقرئني سوره جامعه، فاقراه النبي صلي الله عليه وسلم {اذا زلزلت الارض} حتي فرغ منها، فقال الرجل: والذي بعثك بالحق! لا ازيد عليها ابداً! ثم ادبر الرجل، فقال النبي صلي الله عليه وسلم: افلح الرويجل مرتين.

- وروي ابن ابي الدنيا عن ابي مودود، قال: بلغنا ان عمر بن عبد العزيز قرا ذات يوم: {وما تكون في شان وما تتلو منه من قران ولا تعملون من عمل الا كنا عليكم شهودا اذ تفيضون فيه} (يونس:61)، فبكي بكاء شديداً، حتي سمعه اهل الدار، فجاءت فاطمه فجلست تبكي لبكائه، وبكي اهل الدار لبكائها، فجاء عبد الملك، فدخل عليهم وهم علي تلك الحال يبكون، فقال: يا ابت ما يبكيك؟ قال: خير يا بني، ودَّ ابوك انه لم يعرف الدنيا، ولم تعرفه، والله يا بني! لقد خشيت ان اهلك، والله يا بني لقد خشيت ان اكون من اهل النار.

اعتنت سوره يونس بالحديث عن الموعظه والدعوه بالترغيب؛ ولذلك افتتحت بالتذكير بايات الله تعالي وبيان حال المكذبين بها، وتخلل ذلك عَرْض للطف الله تعالي باوليائه، وعباده المؤمنين والتائبين. وتضمنت الموعظه بالقران، كما قال تعالي: {يا ايها الناس قد جاءتكم موعظه من ربكم وشفاء لما في الصدور وهدي ورحمه للمؤمنين} (يونس:57)؛ ولذلك تضمنت قصه قوم يونس الذين امنوا بعد ما دعاهم يونس، وهددهم بالعذاب، فكشف الله عنهم العذاب، فهذه القصه هي النموذج الايجابي للغرض الذي اعتنت السوره بابرازه.

وسلطت ايات السوره الضوء علي اصول عقائد الاسلام، التي كان ينكرها مشركوا العرب، وهي: توحيد الله تعالي، والوحي والرساله، والبعث والجزاء، وما يناسب هذه العقائد الثلاث ويمدها من صفاته تعالي، وافعاله، وتنزيهه، واياته، وسننه في خلقه، وشؤون البشر في صفاتهم وعاداتهم واعمالهم، ومحاجه مشركي مكه في ذلك كله، ولا سيما هدايه القران والرسول صلي الله عليه وسلم، والعبره باحوال الرسل مع اقوامهم، فهي كسوره الأنعام في السور المكيه، الا انها اكثر منها ومن سائر السور اثباتاً للوحي والرساله، وتحديًّا بالقران، وبياناً لاعجازه، واحقيته وصدق وعده ووعيده. وهذه المقاصد او العقائد مكرره فيها بالاسلوب البديع، والنظم البليغ، بحيث يُحْدِث في نفس سامعها وقارئها اروع الاقناع والتاثير، من حيث لا يشعر بما فيه من التكرير.

وفي خواطر الشيخ محمد متولي الشعراوي رحمه الله لما سئل عن ورود قصه نوح وموسي مع فرعون ويونس مجتمعين في هذه السورة قال ان الذي يجمع بينهم هو الماء فالله تعالي اغرق قوم نوح بالماء ، واغرق فرعون بالماء اما يونس فقد نجاه الله من بطن الحوت بعد ان قذف في الماء. فالماء كان مره مصدر هلاك ومره مصدر نجاه فسمّي الله تعالي السوره باسم من نجّاه من الماء وهو يونس عليه السلام.

اولاً: بيان توحيد الله تعالي في ربوبيته والوهيته وصفات عظمته وعلوه، وتدبيره لامور عباده، وتصرفه فيهم، وفضله عليهم، ورحمته بهم، وعلمه بشؤونهم، وتنزيهه عن ظلمهم، وعما لا يليق به من اوهامهم.

ثانياً: بيان حقيقه الوحي المحمدي وهو القران، وكونه كتاباً منزلاً من عند الله سبحانه لهدايه خلقه. وبيان عقيده الايمان بكتبه تعالي في المرتبه الثانيه بين الايمان به، والايمان برسله.

ثالثاً: بيان امر النبوه عامه ورساله محمد صلي الله عليه وسلم خاصه.

رابعاً: بيان عقيده البعث والجزاء، وذكر رجوع الناس جميعاً الي الله ربهم، الذي يبدا الخلق باجناسه وانواعه المختلفه، وتفصيل جزاء المؤمنين والكافرين، وبيان ان جزاء الاخره اثر لازم لسلوك العبد في الدنيا.

خامساً: بيان صفات البشر وخلائقهم وعاداتهم، وما يترتب عليها من اعمالهم، وسنن الله فيها، وبيان الصفات الذميمه التي تجب معالجتها بالخُلُق الديني. سادساً: بيان الاعمال الصالحات التي هي الركن الثالث مما جاء به الرسل عليهم الصلاه والسلام، وما يقابلها من الاعمال العامه. فمفهوم الايمان التصديق الاذعاني الجازم بما

جاء به النبي صلي الله عليه وسلم من الدين، وهو يستلزم العمل به، ومفهوم الاسلام التسليم والانقياد بالفعل، وهو العمل بمقتضي الايمان، ولا يصح الاسلام فيكون اسلاماً الا به.

سابعاً: وَصْفُ الكتاب بانه من عند الله؛ لما اشتمل عليه من الحكمه، وانه ليس الا من عنده سبحانه، لان غيره لا يقدر علي شيء منه؛ وذلك دال بلا ريب علي انه واحد في ملكه، لا شريك له في شيء من امره. وتمام الدليل علي هذا: قصه قوم يونس عليه السلام، فانهم لما امنوا كشف الله عنهم العذاب، فدل قطعاً علي ان الاتي به، انما هو الله الذي امنوا به؛ اذ لو كان غيره، لكان ايمانهم به سبحانه موجباً للايقاع بهم، ولو عذبوا كغيرهم لقيل: هذه عاده الدهر، كما قالوا: {قد مس اباءنا الضراء والسراء} (الاعراف:95). ودلَّ ذلك علي ان عذاب غيرهم من الامم، انما هو من عند الله لكفرهم، لما هو معهود من السنن الالهيه، من انه كلما وجد الاصرار علي التكذيب، وجد العذاب. ومن انه كلما انتفي في وقت تُقْبَل فيه التوبه، انتفي.

ثامناً: سجلت السوره عجز من نزل القران بلسانهم عن معارضته؛ وذلك ببيان ان ايات الكتاب الحكيم كلها من جنس حروف كلامهم، ومع ذلك فانهم لم يستطيعوا -ولن يستطيعوا- ان ياتوا بمثلها، فلولا انه من عند الله، لكان اختصاصه بهذا النظم المعجز دون كلامهم محالاً؛ اذ هو مركب من حروف كلامهم.

نرشح لك

أهم أخبار رمضان

Comments

عاجل