في المستقبل.. وقود حيوي تنتجه الطحالب

شهدت السنوات القليله الماضيه اهتماما ملحوظا بالوقود الحيوي كاحد مصادر الطاقه المتجدده، وقد سنّ عدد من الدول الأوروبية والولايات المتحدة الأميركية قوانين خاصه لتشجيع انتاج هذا النوع من الوقود، والذي اثار انتاجه جدلا عالميا نظرا لاعتماد تصنيعه -وبشكل مباشر- علي بعض المحاصيل الزراعيه -كالذره وفول الصويا وغيرهما- مما يؤثر علي سله الغذاء العالميه.

وتدل الدراسات علي ان الايثانول -الذي يتم استخراجه من الذره- قد حل مكان 10% من الغازولين المستخدم في الولايات المتحده الاميركيه في وسائل النقل، كما حدد القانون الاميركي حدا اعلي لاستخراج الايثانول من الذره بحيث لا يتجاوز 15 مليار غالون سنويا، الا ان التوسع عالميا في انتاجه يواجه تحديات كبيره ويحتاج الي دعم حكومي كبير، من هنا فقد برزت فكره انتاج الوقود الحيوي من الطحالب كمصدر للطاقه المتجدده.

الطحالب نباتات بحريه بسيطه التكوين، معظمها قادر علي اجراء عمليه التمثيل الضوئي، حيث تستطيع ان تنتج زيتا نباتيا، تتم معالجته كيميائيا للحصول علي الديزل الحيوي Biodiesel، القادر علي تشغيل كثير من المحركات.

وتتفوق الطحالب علي غيرها من المحاصيل النباتيه المنتجه للزيوت بعدد من المميزات المهمه، حيث انها تتكاثر بسرعه، ولا تحتاج الي مساحات كبيره لنموها، كما يمكن تربيتها في البرك المفتوحه او في المفاعلات الحيوية الضوئية، ويحتاج نموها الي الشمس والماء وثاني اكسيد الكربون وبعض المواد المغذيه كالفوسفات والنترات والحديد.

كذلك، فان الطحالب لا تحتاج الي تربه خصبه لكي تنمو، اذ يمكن تربيتها في المستنقعات او في صهاريج خاصه يتم تشييدها في الاماكن التي تنبعث منها كميات كبيره من غاز ثاني اكسيد الكربون اللازم لنموها، كمحطات توليد الطاقه والاماكن الصناعيه ذات الانبعاثات الغازيه الملوثه.

ويبين الباحث جيم سيرز -الذي اسس شركه سوليكس بايوفيولز Solix Biofeuls لانتاج الوقود الحيوي من الطحالب- ان الولايات المتحده تسعي لانتاج 140 مليار غالون من الديزل الحيوي سنويا، وهذا يتطلب زراعه ثلاثه مليارات فدان من الاراضي الزراعيه بنبات فول الصويا او نحو مليار فدان من الاراضي بنبات الكانولا، بينما يمكن انتاج كميه الديزل الحيوي تلك من خلال زراعه نحو 95 مليون فدان فقط بالطحالب، اذ ان هذه النباتات بسيطه التركيب تتمتع بمساحه سطح كبيره جدا بالنسبه لحجمها، وهي بالتالي تنمو بسرعه عاليه.

كذلك، فان الديزل الحيوي يتميز بانه قابل للتحلل الحيوي Biodegradable وغير سام، ودرجه حراره احتراقه بوجود الهواء حوالي 160 درجه سلسيوس، وهي اعلي من درجه حراره احتراق الديزل الاحفوري والتي تبلغ 66 درجه سلسيوس، كما ان كميه غاز ثاني اكسيد الكربون الناجمه عن حرقه اقل بكثير مما ينتجه الديزل العادي من غازات.

لقد بينت التجارب التي اجريت علي طائفه كبيره من الطحالب قدره بعض الانواع علي انتاج الدهون لتصنيع الوقود الحيوي بشكل افضل من بعض الانواع الاخري، ومن تلك الانواع: طحلب Botryococcus Braunii الذي يتميز بارتفاع انتاجيته من الدهون وقله احتياجاته الغذائيه، حيث تبلغ نسبه الدهون فيه نحو 61% من وزنه الجاف، وكذلك طحلب Aurantichytrium الذي اجري عليه باحثون يابانيون دراسه في جامعتي تسوكوبا وطوهوكو خلال عام 2013 بهدف زراعته في مياه الصرف الصحي المعالجه لاستخلاص وقود حيوي منه.

وللحصول علي الديزل الحيوي، يتم استخلاص الدهون من الطحالب بواسطه بعض المذيبات، ثم تفصل اغشيه الخلايا بالترشيح، حيث يتم الحصول علي الماده الدهنيه نقيه وخاليه من البروتينات والسكريات القابله للذوبان في الماء، يلي ذلك خلط دهون الطحالب مع كحول الميثانول او الايثانول بوجود هيدروكسيد الصوديوم كعامل منشط، وهذا التفاعل الكيميائي يطلَق عليه الاستره، حيث تتكون طبقتان: عليا، وهي طبقه استر الدهن (الديزل الحيوي). وطبقه سفلي، وهي ماده الغلسرين، ويتم فصل الطبقتين وتنقيه الديزل الحيوي، الذي يمكن ان يستخدم بشكل مباشر وقودا للمحركات، او ان يخلط مع الديزل الاحفوري بنسب محدده.

بالرغم من الافاق الواعده للوقود الحيوي المستخلص من الطحالب، وتحمس كثير من الباحثين لمميزاته المتعدده وفي مقدمتها انه وقود صديق للبيئه، حيث يمتص كميات كبيره من غاز ثاني اكسيد الكربون من الهواء، المتهم الرئيسي بالتسبب في ظاهره الاحتباس الحراري، كما ينجم عن حرقه انبعاث كميات اقل من هذا الغاز عند مقارنته بالوقود الأحفوري، فان انتاجه بشكل تجاري يواجه كثيرا من التحديات.

فهذه التقنيه ما زالت في مرحله البحث والتطوير، فنمو الطحالب الي المرحله المناسبه لانتاج الدهون منها ما زال قيد الدراسه والبحث، حيث تبين ان حصول الطحالب علي كميه مناسبه ومحدده من الضوء امر مهم للغايه، وكذلك بالنسبه للمغذيات ودرجه الحراره المناسبه ومدي توفر غاز ثاني اكسيد الكربون، مما يستلزم استخدام اجهزه خاصه متطوره للمحافظه علي بيئه مناسبه لنمو الطحالب.

كذلك، فان هذه البيئه المناسبه لنمو الطحالب يجب المحافظه عليها من التلوث من قبل بعض الكائنات الدقيقه الموجوده في الهواء، والتي قد تتسبب في تراجع انتاجها للدهون اللازمه لتصنيع الديزل الحيوي.