المحتوى الرئيسى

دراما رمضان.. الكاميرا تعجز عن وصف الجرح العربي

06/26 13:33

لا يختلف حال الدراما العربيه عن الواقع العربي، غير ان هذا الواقع ينطوي علي قدر من الغرائبيه التي لا تستطيع تصويرها الكاميرات مهما تسني لها من امكانيات تقنيه متطوره.

واذا كانت البلدان العربية تعيش حاله من التحولات الفنتازيه، فان الدراما لا تختلف كثيرا عن تلك الصوره.

ففي رمضان هذا العام يُبث اكثر من مئه مسلسل وعمل درامي علي الفضائيات العربيه التي تزيد عن سبعمئه قناة فضائية، وتتوزع جهات الانتاج بين مصر (50 عملا)  تمثل الحصه الكبري علي الاقل في كم الانتاج، تليها سوريا (40 عملا)، والخليج العربي (30 عملا).

ولم تخرج الاعمال السوريه في غالبيتها عن الاسقاطات التاريخيه دون ملامسه المشكله الحقيقيه للتشوهات التاريخيه في البناء الاجتماعي الذي تم تجميله بجماليات المكان والمواضيع التراثيه والخطاب العاطفي.

ومن هذه الاعمال الدراميه السوريه "باب الحاره" و"رجال الحاره"، حيث تظهر في الاول حاره لليهود كنوع من الغزل المجاني في العمل الذي يصور مشاهد المقاومه للمستعمر في ثلاثينيات القرن الماضي.

وتناول "باب الحاره" في جزئه السابع تفاصيل من الحياه اليوميه والعلاقات الانسانيه في حي شعبي دمشقي ابان حقبه ثلاثينيات القرن الماضي خلال الانتداب الفرنسي.

ويسلّط المسلسل -الذي يشارك ببطولته ايمن زيدان وعباس النوري وصباح الجزائري ومرح جبر- الضوء علي "الحكيم موسي" وهو اب لاسره يهوديه يخفي في بيته احد الثوار عن عيون الفرنسيين، لتتواصل الاحداث، حيث تنشا علاقه حب بين الثائر وابنه الحكيم، الا ان الاب يرفض تلك العلاقه، فيهربان معا للزواج في السر.

وقد نظر مثقفون الي اقحام الموضوع في العمل بانه غير مبرر تاريخيا ولا دراميا، وينطوي علي غموض يخلط الاوراق.

وبقي الكثير من الانتاج الخليجي في اطار المعالجات المحليه، ومنها "امنا يا رويحه الجنه" و"سيلفي" الذي يقوم ببطولته السعودي ناصر القصبي الذي اثار جدلا بين انتقاد "داعش" و"الاستخفاف بالقيم الدينيه".

من جانبه، يقول الناقد الفني رسمي المحاسنه ان هناك تراجعا في المستوي الفني والفكري للمسلسل العربي، وظاهره ضخ المسلسلات خلال شهر رمضان علي عدد هائل من تماثل الفضائيات وضع المشاهد في حيره، كما ان هذه الاعمال اصبحت تعتمد علي النجوم وليس الافكار والمعالجات، ومن هنا تراجع مستوي الاعمال الفنيه.

وعبر المحاسنه عن خشيته من ان راس المال "المشبوه" يعمل علي تعويد المشاهد العربي بوجود الشخصيه اليهوديه بين الشخصيات العربيه بشكل طبيعي، وفلسطين لا تزال تحت الاحتلال.

وتساءل المتحدث عن التهميش المتعمد للقضيه الفلسطينيه وحتي الربيع العربي الذي لا يزال طازجا ومتفاعلا ونعيش تداعياته يوميا، الا انه في هذا العام لم يعد له ذكر في العروض الدراميه.

اما الانتاج المصري الذي بلغت كلفته مليار جنيه مصري (نحو 131 مليون دولار)، فقد عرض اعمالا تتناول قضايا اجتماعيه وسياسيه تثير الجدل، منها "حاره اليهود" و"استاذ ورئيس قسم".

فقد اثار المسلسل المصري "حاره اليهود" الذي كتبه مدحت العدل واخرجه محمد العدل، جدلا  في الاوساط العربيه والاسرائيليه بين مرحب ومنتقد.

وفي الوقت الذي اشادت فيه "وسائل اعلام اسرائيليه" بالعمل وحظي باهتمام السفاره الاسرائيليه بمصر التي باركت "اظهاره الجانب الانساني لليهود"، فقد انتقدت رئيسه الطائفه اليهوديه في مصر ماجده هارون ملوحه بمقاضاه الجهه المنتجه، قائله ان ثمه "مغالطات تاريخيه في العمل".

وفي المقابل، اعتبره مصريون علي شبكه التواصل الاجتماعي "تكريسا للعهد الجديد الذي يشهد تقاربا في العلاقات مع اسرائيل بعد الانقلاب".

وبالنسبه لمسلسل "استاذ ورئيس قسم" الذي يقوم ببطولته "الزعيم" عادل امام، فقد اثار جدلا ووجه بانتقادات من قبل اليسار المصري وهيئه علماء مصر والمدرسين الجامعيين، وذلك بسبب ممارسات بطل المسلسل الذي يحسب نفسه علي اليسار ويقف مع الطلبه في مطالبهم النقابيه، ولكنه يمارس ممارسات عدتها كثير من الجهات "لا تليق باستاذ جامعي وتشوه صوره الاكاديميين، وتنطوي علي مشاهد لا تليق بحرمه شهر رمضان".

لكن عادل امام رد علي الانتقادات عبر وسائل الاعلام بالقول "لسه المسلسل في اوله".

ومثلما انتقد المسلسل علي مشاهد "خادشه للحياء"، فقد طالب متابعون وقف عرض مسلسل "العهد" بحجه انه يدعو لـ"الماسونيه، ويفسد الذوق العام"، ومثله مسلسل "حواري بوخارست" بسبب "ملابس بطلات العمل"، وكذلك مسلسل "مولانا العاشق" الذي وصف بانه لا يتناسب مع شهر رمضان الفضيل بسبب ما يحتويه من مشاهد وصفت بانها "ساخنه".

وفي ظل تقاسم المنافسه بين قطبي الانتاج المصري والسوري، وغياب الاعمال الدراميه العربيه المشتركه، ومحليه الانتاج الخليجي، تبقي الدراما العربيه غير قادره ماديا وفنيا علي تقديم اعمال تحمل خطابا تنويريا، رغم محاولتها ابراز بعض القضايا الاجتماعيه.

كما تبقي الدراما العربيه حبيسه محددات النظام السياسي، والاخطر من ذلك التعامل مع القضايا كوميديا كوسيله للتنفيس مقابل صرامه الواقع وتجهمه وفساده، وهي مدرسه باتت معروفه دشنها دريد لحام من خلال "كركتر" غوار الطوشه لامتصاص الاحتقان في مواجهه القهر بـ"الهوس في الضحك".

أهم أخبار متابعات

Comments

عاجل