المحتوى الرئيسى

غرمول: السياسة ليست رواية نكتبها بل نعيشها

06/22 15:41

في هذا الحوار الذي خصّ به الجزيره نت، يتحدث الروائي الجزائري عبد العزيز غرمول عن ثنائيه الثقافي السياسي التي اشتغل عليها طويلا في متونه السرديه المتعدده، قبل ان يقتحم عالم السياسه بشكل مباشر ويؤسس حزبا سياسيا.

وعبد العزيز غرمول هو اول روائي جزائري يؤسس ويراس حزبا سياسيا تحت اسم "حركه الوطنيين الاحرار"، يطمح لان يساهم في تغيير قواعد اللعبه السياسيه في الجزائر. وقبل ذلك عُرف قاصا وروائيا، ومن اشهر اصداراته روايه "عام 11 سبتمبر" و"زعيم الاقليه الساحقه" التي تشرّح شخصيه الطاغيه.

 شرّحتَ شخصيه الطاغيه في روايتك "زعيم الاقليه الساحقه"، وبعدها اسست وتتراس حزبا سياسيا.. هل تريد تجسيد تلك الشخصيه علي ارض الواقع، ام انك بصدد اعطاء مفهوم جديد للعمل السياسي؟

لا اعتقد ان الكاتب يستنسخ ابداعه في ممارسته الحياتيه. روايه "زعيم الاقليه الساحقه" ليست سيره ذاتيه، انها بالاحري سيره الطاغيه، سيره دكتاتور صعلوك توج نفسه بالقوه والعبث زعيما علي "مملكه الليل" مقابل "جمهوريه النهار" التي هي ايضا جمهوريه عنف وعبث.

لقد خضت تجربه تاسيس حركه سياسيه لادانه العنف والعبث اللذين يهيمنان علي حياه الشعب الجزائري. طيله اربعين سنه ناضلتُ من اجل الحريات والكرامه والمساواه وحق الشعب في اختيار وتقرير مصيره، ورايت انه حان الوقت كي اجسد ذلك النضال عمليا، وان امشي بين الناس ناشرا تلك الافكار التي لن يكون فيها زعيم اقليه حاكما للاغلبيه بالقوه والعبث.

 البعض علّق علي تاسيسك لحزب سياسي بالقول انك بصدد كتابه روايه جديده بشكل مختلف. ماذا اضافت هذه التجربه الجديده لغرمول الروائي؟

الانخراط في العمل السياسي ليس روايه نكتبها بل نعيشها، ونعيشها بشكل مختلف، اوسع من بياض الورقه، واكثر واقعيه من الخيال. هنا في الشارع، وبين الناس وهمومهم وكفاحهم اليومي من اجل الخبز والعمل وحريه التعبير والراي والقوانين الضابطه، والبحث عن الحلول الجماعيه، والتسلح برؤيا شامله لمشكلات الناس وانشغالاتهم اليوميه، وبحثهم المستميت عن المستقبل.. يكون من واجب السياسي ان يصنع لهم املا يعيشون عليه، وهنا الفرق بين الروائي والسياسي. لعل الروائي يكتفي برسم خارطه جرحهم وتمثّل ماساتهم، اما السياسي فهو يبحث معهم عن شفاء، عن امل، وذلك بالذات ما اضافه لي العمل السياسي كروائي.

 تطمح لان تصبح يوما رئيسا للجمهوريه. هل لنا ان نعرف ملامح المشروع الثقافي في "جمهوريتك"؟

لا اطمح ابدا ان اصبح رئيس جمهوريه، ولا حتي وزيرا، كل طموحي ان اساهم في ترشيح شخصيات اراها اكثر كفاءه لتولي مثل هذه المناصب. لقد اتاح لي العمل السياسي اللقاء باطارات وكفاءات علي مستوي عال من التكوين والمعرفه والنزاهه، تمتلك رؤيا حصيفه لبناء جزائر اخري، ديمقراطيه ومتفتحه ومساهمه بفعاليه في الشؤون الاقليميه والدوليه، ودون شك مثل هذه الكفاءات لا تفصل بين الثقافه وبناء الانسان الفاعل في عصره.

 واي دور للروائيين وللشعراء في "جمهوريتك" تلك؟

اعتقد ان الابداع ككل -بما فيه الفنون والمهارات- هو المحرك الرئيسي للفكر والعمل والاجتهاد، وخاصه للرغبه في حياه افضل وارقي، وفي اي سياسه سويه لا بد ان يكون ابداع الانسان من اولوياتها، تشجيعا وترقيه ومكافاه.

 كانت السياسه حاضره بقوه في نصوصك القصصيه والروائيه، هل لتاثرك في بداياتك باداب اميركا اللاتينيه دور في الامر؟

ولدت وعشت في مناخ سياسي، والدي مجاهد ثوره التحرير، واسرتي كلها مهووسه بمصيرها، يعني بالحركه السياسيه التي تسيّر وتتحكم في ذلك المصير. كان الشعر العربي النضالي هو مشربي الاول، ثم جاءت بعد ذلك الروايات المترجمه من مختلف انحاء العالم، اليونان، اليابان، الروس، اوروبا.. ولكن روايات اميركا اللاتينيه بالنسبه لي كانت الاقرب للواقع الغرائبي الذي كنا نعيش فيه. كان تاثيرها عليّ قويا ربما لتطابق البيئه النضاليه الشبيهه بالبيئه الابداعيه التي عشت فيها. لقد اعطتني روايات اميركا اللاتينيه دعما اعمق بمهمتي ككاتب منشغل بهموم شعبه.

 علي ذكر ادب اميركا اللاتينيه، ابدع روائيو تلك القاره في "فضح" الدكتاتوريات. لماذا عجزت روايتنا عن فعل ذلك، رغم ان بنيه الدكتاتوريه واحده؟

اعتقد ان الروائي العربي لم يتحرر من خوفه بعد ولم يتجرا علي قيوده ومعتقداته القديمه الا في حالات نادره بقيت في حدود الوصف، ومنها اعمال الروائي الكبير عبد الرحمن منيف. روايات اميركا اللاتينيه ساهمت في توعيه شعوبها بـ"مسخره" وعبث الدكتاتور الذي يتوج نفسه الها في الصباح ويقضي مساءه مطاردا معارضته الي ان يتحول الي اضحوكه شعبيه. ولكن ما يسمي "الربيع علي الطريقه العربيه" ربما يساهم في كتابه روايه قادره علي فضح الدكتاتوريات والضحك علي عبثها وعنفها.

أهم أخبار متابعات

Comments

عاجل